أحمد السلامي
الترويج المبالغ فيه أحيانًا من طرف بعض النقاد العرب للجمال المفرط والشاهق في الأدب والسرد والشعر الذي يعتمد على مقاربة التفاصيل الصغيرة والجوانية والتأملات في متاهات الروح والجسد ومذاق كوب القهوة على وقع صوت زقزقة العصافير بالقرب من النافذة، هذا حديث فيه مغالطة كبرى وتنويم وتهويم، أجده لا يبعد الأدب عن الغرق في الأيديولوجيا بقدر ما يسقطه في أيديولوجيا من نوع آخر عنوانها النأي بالنفس والهروب من مقاربة قضايا وإشكاليات جوهرية، لا أقول إن على الأدب أن يوظفها بأسلوب مباشر ووعظي، إنما أرى أن ما يصلح على سبيل المثال لأديبة كورية تجعل من رفض تناول اللحوم موضوعًا لروايتها ليس أولوية في المجتمعات الفقيرة التي لا تستطيع الغالبية فيها تناول اللحوم من الأساس.
هناك موضوعات فيها رائحة الترف المفتعل يحس الإنسان أنها مدسوسة على جماليات الأدب ويتم الترويج لها من جهات ومنابر مسترخية و(مستريحة) تعيش داخل فقاعات كوب القهوة في بيوت آمنة ومسورة. وفي هذا تجاهل لحقيقة أن ما يصلح لقارئ أوروبي أو آسيوي مترف يشعر بالملل من كل شيء قد يبدو سخيفًا بالنسبة لقارئ في منطقة أخرى مثل منطقتنا، لكنهم يريدون تربية أرواح البشر على النفاق وخداع الذات.
في النهاية، على الكاتب أن يضع في الاعتبار أن الموضوع في حد ذاته، بقدر أهميته، إلا أن الأهم بالطبع أن تلمس في النص روح الأدب ولغته وأسلوبه، مع شيء يخبرك أن الكاتب ينتمي بقدر ولو بسيط لمساحة الألم التي يعيشها مجتمعه. ومن دون شعارات أو فجاجة في الطرح، وهذه هي الحرفنة التي تجعلك تقول ما يتسق مع الضمير دون أن تبدو كمن يقود مظاهرة داخل النص.
وليس كل ما تحتفل به نوبل شاهقًا لو تعلمون!
- من صفحته في فيس بوك.