منبر حر لكل اليمنيين

الحلقة الرابعة: قراءات من الميثاق

د. جمال الحميري

274

الباب الثاني

الولاء الوطني:

الولاء الوطني مبدأ شريف، لا ينسجم بأي حال من الأحوال مع التبعية، أياً كان شكلها أو نوعها. ففي ظل الولاء الوطني، يتمكن الشعب من التفاعل والتلاحم الطبيعيين، انطلاقاً من تمسكه بأهداف الثورة اليمنية، ومن شعوره بالانتماء إلى وحدة اجتماعية متماسكة، متميزة بالعقيدة الإسلامية، تتحقق فيها الممارسات الديمقراطية البناءة، والحياة الحرة الكريمة.

والولاء الوطني بمفهومه هذا ولاء لله، وعلى ذلك كان حب الوطن من الإيمان، الدفاع عن الوطن دفاع عن العقيدة، والتخلي عن الوطن هو تخل عن العقيدة.

” إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم، وظاهروا على إخراجكم، أن تولوهم، ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون” (الممتحنة)

وهكذا فالولاء الوطني ليس شعاراً غامضاً مهزوزاً في ضمير الإنسان، ولكنه عقيدة تتجسد سلوكاً والتزاماً بأهم معايير الولاء الوطني التي تتلخص في الأتي:

المعيار الأول: ويتمثل في الحفاظ على سيادة الوطن واستقلاله، باعتبار ذلك قمة المصلحة العليا للوطن، وعقيدته، وأي تبعية خارجية مادية أو فكرية أو التزام تنظيمي، يعتبر خيانة إضراراً بمصلحة الوطن العليا، وإخلالاً بالولاء الوطني. وهذا بالطبع لا يعني الانغلاق المتنافي مع الانفتاح العلمي، والاستفادة من كل نافع ومفيد من تجارب الآخرين، وأفكار وحضارة العصر، بما لا يخل ولا يتناقض مع عقيدتنا الإسلامية، والولاء الوطني ممارسة وعملاً، يحتم على الدولة والشعب والاعتماد على النفس، وأن يكون الحكم ديمقراطياً، نابعاً من عقيدة الشعب المعبرة عن إرادته، ومحض اختياره، لتسود الثقة بين الحاكم والمحكوم فلا تسلط فرد، ولا ديكتاتورية حزب، ولا سطو طائفة، وبغير ذلك تصبح علاقة الدولة بالشعب، وعلاقة الشعب بالدولة غير ثابتة، وغير وثيقة مما يؤدي إلى إثارة تعصبات وولاءات ضيقة، تمزق الوحدة الوطنية وتخالف جوهر العقيدة، ومن هذا المنطلق فإن الحكم الديمقراطي الشوروي شرط أساسي لصدق الإيمان بالولاء الوطني، وبدون الممارسة الديمقراطية على النحو الذي يحدده الدستور، فإن الولاء الوطني قد يصبح مجرد شعار يتخذ ستاراً للمساس بوحدة الشعب وبسيادته الوطنية واستقلاله.

المعيار الثاني: ويتمثل في التمسك بأهداف الثورة اليمنية، وتجسيدها فكراً، وسلوكاً، في المحافظة على النظام الجمهوري، وإرساء قواعده، وأسسه الديمقراطية، والالتزام بها قولاً وعملاً، والوفاء لشهداء الوطن الأبرار، الذين ضحوا بحياتهم عبر مراحل النضال الوطني، والذين فجروا الثورة، وحموها بأرواحهم ودمائهم حتى انتصرت إرادة الشعب اليمني المتجسدة في النظام الجمهوري الديمقراطي.

المعيار الثالث: ويتمثل في الحفاظ على الوحدة الوطنية، والابتعاد عن التعصب الطائفي، أو السلالي، أو القبلي أو الحزبي.. وغيرها من التعصبات التي تمزق الوحدة الوطنية وتضر بمصلحة المواطن والوطن. (ليس منا من دعا إلى عصبية) – حديث شريف- وحين ينطلق الجميع من هذا المفهوم السليم للولاء الوطني، فإن الممارسات الخاطئة ستزول، وستختفي السلبيات على مستوى القاعدة والقمة في ظل الثقة والتلاحم بين الدولة، ومؤسساتها الدستورية والشعب، في الوقت الذي تعجز فيه كل المحاولات الخارجية عن جر الحاكم، أو جر المواطن إلى أي شكل من أشكال التبعية، كما تعجز كل النزعات الشريرة عن إثارة الولاءات والتعصبات الضيقة التي تضر بمصالح الوطن والمواطن، ففي المناخ الديمقراطي تموت هذه الولاءات والتعصبات الضيقة وتبقى الوحدة الوطنية قوة للشعب والدولة، لحماية البلاد وسيادتها واستقلالها.

تعليقات