منبر حر لكل اليمنيين

الصراع في اليمن وتنامي قوة الحوثيين

194

بقلم/ مختار عبدالحق

منذ اندلاع الصراع في اليمن وتنامي قوة الحوثيين، تثار تساؤلات حول الدور الذي تلعبه القوى الكبرى، ولا سيما الولايات المتحدة، في هذا الصراع. على الرغم من أن الحوثيين يُعتبرون رسمياً أعداء للولايات المتحدة، إلا أن الحقيقة تشير إلى أن واشنطن هي المستفيد الاكبر من تصاعد نفوذ الحوثيين في المنطقة.

تعتبر دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية، من بين أغنى الدول في العالم بفضل احتياطاتها الضخمة من النفط والغاز. ومع ذلك، فإن هذه الدول تعتمد أيضاً على الاستقرار الإقليمي لضمان استمرار تدفق الثروات والنفوذ. لذا، فإن التهديدات الأمنية المستمرة تشكل وسيلة فعالة لاستنزاف موارد هذه الدول وابتزازها.

دخول السعودية في حرب على اليمن كان فخاً من قبل أمريكا أولاً لاستنزاف ثروتها، وثانياً لتنامي الصراع وبالتالي يتم ابتزاز السعودية بالجرائم المرتكبة في اليمن. الابتزاز السياسي والاقتصادي هو جزء من اللعبة. فبوجود تهديد حقيقي ومستمر مثل الحوثيين، تجد دول الخليج نفسها مضطرة للانخراط في صفقات تسليحية ضخمة مع الولايات المتحدة، مما يضمن تدفق الأموال إلى الخزينة الأمريكية وتبعية هذه الدول لواشنطن في مجالات الأمن والدفاع.

الحوثي يلعب دوراً محورياً في خلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة، مما يدفع دول الخليج إلى إنفاق مبالغ ضخمة على الدفاع والتسليح. هذا السيناريو ليس جديداً على السياسة الأمريكية، التي استخدمت أساليب مماثلة في مناطق أخرى من العالم. فكما تُعتبر كوريا الشمالية تهديداً دائماً لحلفاء أمريكا في آسيا، كوريا الجنوبية واليابان، وكما تُعتبر روسيا تهديداً لأوروبا، يمكن النظر إلى الحوثيين كأداة لخلق تهديد مستمر لدول الخليج.

من الواضح أن الهدف الاستراتيجي للولايات المتحدة ليس فقط بيع الأسلحة، بل أيضاً تحجيم نفوذ دول الخليج على الساحة الدولية. فبوجود تهديد دائم، تصبح هذه الدول أقل قدرة على ممارسة نفوذها السياسي والاقتصادي على المستوى العالمي، مما يتيح لواشنطن فرصة أكبر للتحكم في مجريات الأمور في المنطقة.

أمريكا قادرة على تفكيك الحوثيين بسهولة من خلال استهداف قادتهم، فهذه الحركة تنتهي تماماً بانتهاء القادة مثلها مثل حزب البعث في العراق، ولكن المصلحة تقتضي وجود الحركة. يمكن القول إن الحوثي ليس مجرد حركة تمرد محلية، بل هو جزء من لعبة دولية أكبر تهدف إلى السيطرة على مناطق الثروة والنفوذ في الخليج. وهذا يضع دول الخليج، وخاصة السعودية، في موقف حساس يحتاج إلى استراتيجيات جديدة للتعامل مع هذا التهديد المركب.

وجود الحوثي كتهديد في المنطقة يسرع من عجلة التطبيع مع إسرائيل كورقة ضغط. وهذا ما قاله الرئيس بايدن في مقابلة مؤخراً، حيث أشار إلى أن السعودية طلبت الحماية من الجار الجنوبي مقابل التطبيع. إن فهم الأبعاد الدولية للصراع في اليمن يساعد في توجيه السياسات الداخلية والخارجية لدول الخليج بشكل أكثر فعالية، ويجب أن يكون جزءاً أساسياً من أي استراتيجية طويلة الأمد لتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة.

تعليقات