عـانيتُ بـالصمتِ مـا عـانيتُ بالبوحِ
شعر/ محمد الغيثي
عـانيتُ بـالصمتِ مـا عـانيتُ بالبوحِ
لـستُ الـحزينَ ولكن حزني الموحي
واحـترتُ واللهِ يا أقصى اليمين ويا
أقـصى الـيسارِ ويـا أدنـى من الروحِ
لـلـمـاءِ طـمـأنـةَ الـضـمآنِ لـيـسَ لــهُ
أن يجرفَ الخلقَ تخفيفاً على نوحِ !
ولـلـبكاءِ عـلـى صــدرِ الـبـلاد أســىً
يـشفي الـغليلَ يُـسري غـمَّ مـجروح
ولـلـملاكِ الــذي ألـقـيتُ عــن كـتفي
أن يـسـتريحَ مــن الـتـدوين بـاللوحِ
لا أشـبهُ الـناسَ فـي شـيءٍ ولي لغةٌ
أبــدى لـهـا اللهُ بُـعـداً غـيـر مـلـموحِ
قـد خـصها اللهُ بـالمنفى ولـي وطنٌ
مــا زالَ كـالجرحِ لـكن غـير مـفتوحِ
يـحتاجني الـحزنُ كي أنجو بلوعتهِ
مـــن طـارئـيـنَ بـــلا نـــارٍ ولا فــوحِ
تـحـتاجني الـمـرأةُ الأنـثـى لأُطـلقها
مـن الـتفاعيلِ كالعصفورِ في الدوحِ
يـحـتاجني الـوطـنُ الـنـاسي أُذكـرهُ
كـم كانَ ألهَمَ من أوحى ومن يوحي
وكـــم لـــهُ نـتـعافى مــن مـخـاوفنا
لـكـي نـصـافحهُ مــن غـيـر مـجروحِ
وكــم نـضـيءُ لــهُ الـذكـرى لـنـحملهُ
عـلـى الـرجـوع إلـيـنا غـير مـسفوحِ
نـحن الـتمسناهُ فـي غرفات دهشتنا
وإن عـلـيها قـرأنـا ( غـير مـسموحِ )
ومــن مـنـانا سـكـبنا كــأسَ فـرحتهِ
فــلـم يـذقـهُ . مـنـحنا كــل مـمـنوحِ
ولـــم يـعـرنا انـتـباهاً كــان يـسـكبنا
مـــع الــدمـوع كــأنـا داءَهُ الـروحـي
ثُــرنـا لـــهُ وعـلـينا الـثـورةُ انـقـلبتْ
لأن مـن ثـارَ كان الحاسبَ اللوحي !
وكـــلُ مـــا نـسـتـطيعُ الآن فُـرْقَـتَـهُ
بــــــلا وداعٍ ولا دمـــــعٍ ولا نـــــوحِ
فــي عـيـدهِ نـسـتعيدُ الـحزنَ إن لـهُ
مـخـالباً نـاشـباتٍ فــي لـحى الـروحِ
ذكــرى الـبـلاد الـتـي ثـارتْ كـوامنها
عــلـى خــلافـة فــضـاحٍ ومـفـضوحِ
الـنـابـتـينَ مـــن الـظـلـماءِ أنــورهـم
أدجـى مـن الـليلِ بـين البردِ والريحِ
سـبـتمبرٌ وجـهنا الـفضي فـي غـسقٍ
قـلـيلُ ضــوءٍ ويُـحـيي كـلَّ مـذبوحِ
عـيـونُـهُ مُــهـجُ الــثـوارِ مــن حُــرَقٍ
عــيـونُـهُ وابـتـهـالٌ غــيـرُ مـبـحـوحِ
وكـــل أعـيـادنـا الأخـــرى مـعـاهـدةٌ
عـلـى الـوفـاءِ لـذكرى خـير مـمدوحِ