منبر حر لكل اليمنيين

كيف استطاعت أمريكا وإيران توظيف المقاومة العربية لصالح إسرائيل؟

98

في حرب أكتوبر 73 اتخذ العرب قرار وقف تدفق النفط إلى الأسواق الغربية، فكان هذا القرار صادم بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وبعد أن وضعت الحرب أوزارها بدأت الإدارة الأمريكية تفكر بطريقة جديدة للتعامل مع العرب، فرأت أن القضية الجوهرية التي تجمع العرب هي القضية الفلسطينية، فاتخذت قرار تبني القضية الفلسطينية لضربها من الداخل .

استحدثت معاني زائفة لإنتاج وعي لا يستطيع صاحبه أن يستوعب الشروط الفعلية لما يجري في الواقع وضخت أفكار مموهة أو مضللة، فسعت إلى شيطنة المقاومة الفلسطينية بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وحرضت عليها بعض القوى اللبنانية ودفعت بإسرائيل إلى غزو لبنان وتم تشتيت المقاومة الفلسطينية في بلدان عربية بعيدة عن المواجهة وهي صاحبة الحق في العودة واستبدلتها بحركة أمل، ثم من بعد ذلك حزب الله .

تضليل العقول يمثل إحدى الأدوات المستخدمة لدى الولايات المتحدة الأمريكية، فصديقها عدو وعدوها صديق، لذلك أظهرت الخميني على أنه عدو وشيطنته وهو كذلك دعى عليها بالموت وتم الاتفاق على تبني المقاومة لتحرير فلسطين، فأعلن آخر جمعة من رمضان باسم جمعة القدس وأنشأ فيلقا أسماه فيلق القدس وتبنى حزب الله في لبنان لكبح جماح المقاومة والتحكم بقرارها وأصبحت المقاومة موسمية بدلا من كونها يومية، ومن يخرج عن الهدف المرسوم لهذه المقاومة يتم اغتياله وتصفيته بالاتفاق بين الطرفين .

وهكذا ضمنت الولايات المتحدة الأمريكية تطويع الجماهير العربية الرافضة للكيان الصهيوني من خلال النظام الإيراني الذي استخدم المقاومة لإجهاض المقاومة الحقيقية وضمن التأييد الشعبي الواقع تحت التضليل معتقدا أنه يناضل في سبيل القضية، ولم تكتف الولايات المتحدة الأمريكية بذلك، بل سعت إلى خلق طرفين متناقضين في رؤيتيهما للقضية الفلسطينية لكنهما يخدمان في الأخير الكيان الصهيوني، هما المطبعون والممانعون .

ونحن هنا لا نعني أنه لا يوجد مقاومون حقيقيون مؤمنون بالمقاومة، إنما هناك تحكم في القرار وتوجيهه من الخلف بما يجعل المقاومة فاقدة لقدرتها على إحداث فارق حقيقي، فإذا كانت حماس أحدثت فارقا في القوة بمفردها يوم 7 أكتوبر، كان الوضع سيكون مختلفا فيما لو دخل حزب الله المعركة بالتوازي مع حماس، لكنه ظل محكوما من قبل إيران، وها هي إسرائيل توجه له ضربة مميتة مستهدفة الآلاف من عناصره، لكنه لن يستطيع الرد إلا بقرار إيراني وبما لا يشكل تهديدا حقيقيا لإسرائيل .

نجحت الولايات المتحدة الأمريكية بعد 73 في أسر عقول وأرواح الشعوب العربية وما يجري في غزة وردود الأفعال من اليمن والعراق يؤكد صحة طريقة تعليب الوعي بين المطبعين والممانعين وتظل إسرائيل تحصد أرواح الفلسطينيين وتمحوا أحياء بكاملها، بينما جمهور المطبعين والممانعين يتبادلون التخوين لبعضهما بإخلاص تام .

ولا نبالغ إذا قلنا، إن أعظم انتصار أحرزه تضليل العقول، هو ما يتجلى في أوضح صوره في الانقسام الحاصل حول القضية الفلسطينية، حتى على مستوى الفلسطينيين أنفسهم، وبذلك استطاعت أمريكا أن تشيد هيكلا كاملا من التضليل لخلق واقع زائف، فحزب الله ذهب للقتال في سوريا وترك شمال إسرائيل والحوثي يطلق صواريخه باتجاه إسرائيل ويرفض إطلاق مرتبات اليمنيين وعليكم أن تراجعوا المواجهات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران منذ قيام ما سمي بالثورة الإسلامية وحتى اليوم، فلن تجدوا سوى مواجهات في الإعلام، أما على أرض الواقع فهناك تخادم بين الطرفين، وقد قال أحدهم، لم نعد بحاجة لمواجهة المسلمين، فيكفي أن نبني لهم جامعين أحدهم للسنة وآخر للشيعة وهم كفيلين بأن يقتلوا بعضهم!.

تعليقات