منبر حر لكل اليمنيين

معركة بين أحمد بن علوان، وأحمد يا جِنَّاه

33

كان الإمام أحمد حميد الدين بارعًا في ألاعيب الكهانة والشعوذة، بل وكان يلعب دور الحاوي أيضًا، حيث يقوم بصيد الأفاعي ونزع أنيابها، ثم يملأ بها كيسَه، حتى إذا حضر مقيلًا أو مجلسًا قام بنثرها بين الناس، وحين يراهم ينتفضون مذعورين صارخين، يَغرق هو في الضحك حتى ينقلب على ظهره، وبالإضافة إلى إشاعته بين الناس أن الجن يحرسونه ويراقبون خصومه في كل مكان، كان يتفنن في أساليب المكر والتمثيل، حتى في أصعب لحظاته، كتلك التي حدثت بعد إطلاق النار عليه في مستشفى الحديدة، فقد تَماوَتَ وأخرج لسانه وقلّب عينيه الجاحظتين، حتى أن (اللقيّةَ) وصاحبيه رأوه بهذه الصورة فظنوا أنهم قد تمكنوا منه وأجهزوا عليه، فداسوه بأقدامهم وانطلقوا هاربين، كما كان يَدّعي الإحاطة بعلم الفلك والنجوم، ومن الطرائف العجيبة أنه في العام 1958 بَعَث برقيةً إلى الزعيم جمال عبدالناصر يطلب منه الانضمام للوحدة التي قامت بين سوريا ومصر، وبدلًا من اللغة الديبلوماسية التي يكتب بها الملوك والزعماء، بدأ هو برقيته قائلًا (لقد استخبَرنا النجوم، وبعد الحساب الطويل، تبيّن لنا أنّ نجمَكم يَكسب نجمَ الآخرين ويغطي عليه، ولهذا نريد أن ننضمّ إليكم..).. أعتقد أن الزعيم عبدالناصر حين قرأ تلك الرسالة قال، بصوت عادل إمام: “مِين ده”!

المهم، معركته مع أحمد بن علوان لا تقل عن سابقاتها من الهرطقات التي كان يضحك بها على الشعب اليمني الذي أعمى بصره وبصيرته، ففي الأربعينات من القرن الماضي -وكان حينها وليًّا للعهد- وصل إلى عِلمه أن ضريحَ (أحمد بن علوان) في (يَفرُس) أصبح مقصدًا ومزارًا لكثير مِن أبناء الشعب اليمني، وأنَّ سُمعة ابن علوان قد امتدّت إلى دول كـ(الهند، وباكستان، وإندونيسيا) وأنّ وفودًا من هذه الدول تأتي لتتبرّك به، فعقد العزم على هدم ضريح هذا الوليّ، والقبض على كل المسؤولين عن جمع الهدايا والنذور هناك.

لقد ذهب في موكب عسكري كبير إلى (يفرس) وقام بتحويل ضريح أحمد بن علوان إلى أنقاض، وعاد الموكب المنتصر إلى مدينة تعز، فاستقبلَته الجماهيرُ بحفاوة كبيرة.. فقد أشيع أن معركةً حاميةَ الوطيس دارت بينه وبين (الباهوت) أحمد بن علوان، وقد حرص على أن يمر موكبه -عند عودته- في شوارع مدينة تعز كلها، حتى تتاح الفرصة لسكان المدينة جميعا أن يَرَوا آثار الغبار يغطي لحيته الشريفة وثيابه، واعتَذَر عن مقابلة أحد من المسئولين بدعوى أنه أصيب بجرح في يده أثناء المعركة، التي انتهت طبعًا بضربةٍ قاصمةٍ من سيفه الشريف على رأس أحمد بن علوان، فانشطر إلى جزئين.

ثم جاء سيوف الإسلام: إسماعيل، ويحيى، وابنه وليّ العهد (محمد البدر) من صنعاء لتهنئته بهذا الانتصار العظيم، ووُجهت الدعوة إلى كبار الموظفين والتجار وضباط الجيش ومشايخ تعز لتناول طعام الغداء والمقيل، احتفالًا بهذه المناسبة السعيدة، وكان وليُّ العهد حينها منشرحَ الصدر، دائمَ الابتسام، فقد تخلّص من منافس خطير له، وضمِن أن الهدايا والنذور ستصب في خزائنه هو، لا في صندوق نذور الموتى!

  • من صفحته على فيس بوك.
تعليقات