أنا محموم يا رسول الله، وقد تكون الحمة هي من جعلتني أكتب الآن بالرغم من أن التعب لا يجاري الكتابة أو يقبلها، لكن الحديث عن هذا الأمر يسكنني كما تسكنني الحمة الآن.
علقوا الأعلام الخضراء يا رسول الله، بينما نحن نعيش أياماً سوداء، رفعوا أي علم أخضر احتفاءً بقدوم ذكرى مولدك، بينما نحن لا نرفع إلا رايات بيضاء، استسلمنا يا رسولنا أمام كل هذا الظلم والعناء الذي نعيشه، استسلمننا لأننا لم نعد نستطيع الصمود أمام كل هذه القسوة، مظلومون وفقراء الآن، هل سمعت بأكثر كارثة إنسانية يا رسول الله؟ هي في اليمن وهذا الشعب المتعب يواجهها بأعلام بيضاء فقط، أحدهم شنق نفسه انتحر بعد رفع راية بيضاء لكل مشاكل حياته وقرر الرحيل.
علقوا الأعلام الخضراء بكل مكان يا حبيبي يا محمد، بينما نحن نحمل راية بيضاء في جيوبنا أين ما ذهبنا لكي نخرجها في المواقف الصعبة عند الظلم ولحظات الإقصاء المريرة، أحيانا نكفن أصدقاءنا بهذه الرايات، نضع استسلاماتنا فوق بعضها لنخيط كفناً لعزيز علينا نودعه بكل حزن مجبرين ومستسلمين لما حدث له.
علقوا الأعلام الخضراء يا رسولي وحبيبي محمد والأضواء واخضرت المدينة، بينما نحن علقنا أحلامنا وفرصنا في الحياة، علقنا طموحنا وكل شيء إلى أجل غير مسمى، هل سمعت يا رسول الله بيمني هاجر بطريقة غير شرعية هارباً من الظلم الذي واجهه ومن المدينة التي نفته كموهوب ومات غارقاً بأحلامه وطموحه بأن يجد فرصة للحياة.
أناروا المدينة بكل شيء أخضر، بينما قلوبنا يحتلها السواد، وها هم يحتفلون بمولدك احتفالاً عظيماً كأنك ستعود من جديد لتفتح أبواب الرحمة علينا، ويا ليتك تعود لترى كيف ادعى هؤلاء أنهم أحفادك، وكيف يجتهدون في الولاية، ليتك تعود وترى هذا البذخ والتظاهر وتشاهد الظلم بعينيك وتنفي ارتباطك بكل هؤلاء المستعرضين بيوم مولدك.