للرِّيحِ أكثرُ مِن باكٍ بلا سَبَبِ،
للرِّيحِ أكثرُ مِن باكٍ بلا سَبَبِ،
فكيف لو حَمَلَتْ في روحِها تَعَبي
وكيف لو أنّها مَحْشُوَّةٌ وَطَنًا
مثْلي، وثاويةٌ مثلي على لَهَبِ
إنّي رفعتُ بلادي، واتكأتُ على
مدىً من الزّيتِ والكبريتِ والحَطَبِ
نارٌ هيَ النّارُ، إلّا أنّي قلبيَ عن
لهيبِها في سبيل العالياتِ غَبي
فكُلّما قِيلَ لي: أنّي على لهَبٍ
أجبتُ: لا بلْ على شيءٍ من الذّهَبِ
إنّي لنُصْرَةِ شَعْبي والبِلادِ، أرى
أنّ المتراسَ وِديانًا مِن العِنَبِ
والمَوتُ مِن أجْلِ أرْضي، مَوْلِدٌ وعلى
ترابِها القَبْرُ آفاقٌ من الشّهُبِ
والأرضُ أرْخصُ مِن أنّي أموتُ لها
وفي سبيلِ مسافاتٍ مِن الحَصَبِ
إنّي إذا مُتُّ عن أرضي فليسَ على
أرضي، ولكِنْ لأُمّي أو لنَصْرِ أبي
وعِشْتُ إنْ لَم أَمُتْ في الذّودِ عن وَطَني
“إسْفَنْجةً” تحتَ أعراضي لمَغْتَصِبِ
دَمي دَمي، غيرَ أنّي سوف أجعلُني
نَعْلًا إذا صُنْتُهُ بالخَوفِ والهَرَبِ
أو سوفَ أصبحُ نَعْلًا إنْ مَدَدتُ يدًا
للسِّلْمِ، والسِّلْمِ بالأقدمِ يَعْبثُ بي
لي أنْ أقولَ: أنا… ما لَم أضَعْ حَجَرًا
على شِفاهي، وإسْمَنْتًا على هدَبي
فلنْ أكون أنا، إنْ لَم أكنْ لُغَتي
ولنْ أكونَ أنا ما لَم أكنْ كُتُبي
وللمطامعِ بي ألّا ترى أحدًا
منّي إذا لَم أكنْ شعْبًا مِن الغَضَبِ
لكنّني وأنا نَجارُ أمريَ فالأقدارُ
مِطْرقَتي، والوَقْتُ من خَشَبي
فليسَ مَن طَرقوا للبَغْي جُمْجَمةً
كواضعينَ فَمًا في الكَفِّ الرُّكَبِ
أديبةٌ هي نَفْسُ البَغْي إنْ وجدتْ
شَعْبًا، وإن لَم تجدْ صارتْ بلا أدَبِ
والشُّعْبُ لا شَعْبَ إلّا حين يخرجُ مِن
فرْوِ الخِرافِ زئيرًا غيرَ مُرْتَهِبِ
وطالما ظَلّ وهْوَ الشَّعْبُ مُنتظرًا
للشَّعْبِ والوَثْبةِ العُظمى ولَم يَثِبِ
بعضُ السُّكُوتِ انتظارٌ للنّبيِّ، وفي
ضُلوعِهِ لو تَحَدّى الخَوفَ ألْفُ نَبي
لكنّهُ الشّعْبُ يَومًا ما سيخْرُجُ مِن
سُكوتِهِ آيةً كبرى على الكَذِبِ
والشَّعْبُ لا يأسَ مِن آياتِهِ أبدًا
ومِن بُزوغِ المُنى مِن أصْلْبِ الحُجُبِ
أعوذُ باللّهِ من قلبٍ بلا أمَلٍ
وشاعرٍ يجِدُ الصّحراءَ في السُّحُبِ