منبر حر لكل اليمنيين

ثورة سبتمبر ونجاحها

57

من يقول أن جمهورية سبتمبر انتهت في نوفمبر 1967م، ألا يدري أنه بهذا القول يفصل ثورة 26 سبتمبر عن نجاحها العملي التاريخي التصاعدي على مدى نصف قرن، ويحكم عليها بالفشل والموت المبكر؟
في ظني لا يوجد بخس للحدث أسوأ من هذا.
كما لو أن ذلك الحدث العظيم لم يحقق لليمن الا ما تحقق في تلك المدة القصيرة (خمس سنوات)، سنوات الحرب والنزال!
ويا له من محصول زهيد جداً لثورة،
زهيد إلى درجة أنه يميت الرغبة في احياء ذكراها والتغني بها.
نحن نقول لا،
المحصول كبير، بل كبير جداً رغم كل شيء،
وأن جمهورية 26 سبتمبر تاريخ حافل يضم في طياته كل ما حدث طوال العقود التالية للثورة وصولاً إلى لحظة سقوط العاصمة قبل عشر سنوات.
لولا هذا لما كان لدينا اليوم سبب مقنع لإطراء وإحياء ذكرى ثورة 26 سبتمبر،
ولما كان لدينا سبب للتحسر على جمهورية دُفنت في مهدها قبل ولادتنا بسنوات طوال،
ولكُنّا غرباء مثل ذلك الشيعي الذي ينكر معظم تاريخ الإسلام، وما نتج عنه من حوادث وصروح وهياكل وحضارة وأصول، بحُجة أن الاسلام الحق انتهى باجتماع السقيفة الذي أسند الخلافة لغير أهلها!

****

الجمهورية في اليمن لم تكن تحقيقاً لنظرية بقدر ما كانت تجريباً واختباراً عملياً “ثورياً” في مواجهة نظرية فاسدة متحققة هي الإمامة الزيدية بما لديها من سوابق وإرث تاريخي فيه من الفشل التام والخيبة أضعاف ما فيه من النجاح المنقوص غالباً، متذبذبة بين اتصال وانقطاع.
فالجمهورية اسم للدولة الجديدة بفصولها المتعاقبة، وكان التقعيد والتنظير يواكب العمل والتحقيق ولم يكن سابقاً عليه،
وإن كان ولا بد لمشروع التأسيس أن يستنير ويسترشد بشيء فبالتجارب والنماذج الجمهورية العربية المعاصرة وليس بالكتب والنظريات.
وكان على الطبقة الوطنية المؤسِّسة أول الأمر الموازنة بذكاء في تعاملها مع الواقع بين الإكراه والإقناع عبر استمالة المجتمع تدريجياً إلى صف النظام الجمهوري بحوافز العمل والإنجاز والوعد والأمل.
وكانت النتائج مذهلة،
إذ لم تستغرق الجمهورية ما استغرقته الإمامة من القرون في سبيل تحقُّق عملي بقي مع ذلك سطحياً وهشاً ومزعزَعاً؛ بضعة عقود فقط وإذا بالإمامة “نكرة” والجمهورية “معرفة”:
– الأولى موصومة في الأذهان، ولا تزال كذلك من ناحية الاسم رغم عودتها اليوم بالجسم،
– والثانية راسخة في الأذهان مع شيء من الجلال والرونق، ولا تزال كذلك من ناحية الاسم رغم غيابها اليوم بالجسم.

* تم تجميعها من صفحته في فيس بوك.

تعليقات