منبر حر لكل اليمنيين

لماذا يتردد الشعب اليمني في الثورة على عصابات الحروب؟

73

حينما نرى خنوع النخب السياسية اليمنية وانطوائها على ذاتها وهي تشاهد كل يوم مآسي الشعب اليمني، يجعلنا ذلك نرتاب في سوية هذه النخب وفي اتزانها العقلي، نستطيع القول، إن الضمير مات وأصبح الإحساس منعدما .

نتيجة لذلك، أصبح الإنسان اليمني يحيا خارج الزمان والمكان، بعد أن فقد معنى الفعل الثوري وتخلى عن المسؤولية التاريخية التي تستوجب انتزاع الحق من مغتصبيه، لذلك أضحى الإنسان اليمني في حال مقلقة من الضياع، فقد استطاعت الدول الخارجية أن تروض النخب ترويضا هادئا، حتى أضحى الكثيرون يعيشون حياة حيادية تفتقر لروح الثورة ودوافعها النبيلة .

استطاعت هذه الدول أن تشتري الإعلاميين التافهين، فعكفوا على برمجة الأتباع جسديا وذهنيا ونفسيا حتى تحولوا إلى مجرد بنادق للإيجار وانخرطوا في المعارك واقتصر وعيهم على الانشغالات المادية، مما جعلهم يفقدوا القدرة على الطموح بحياة أفضل وأرقى والاكتفاء بالواقع القائم .

جعلوا الناس ينشغلون بتوافه الأمور ويستغرقون أنفسهم في الدفاع عن مليشيات بدلا من الدفاع عن الدولة وأصبح لكل مليشيا معبود الجماهير الذي لا منازع له، حتى أصبحت الحياة ليس لها قيمة ونتيجة لذلك أهمل كل مسعى أخلاقي يرتقي بالإنسان نحو الأفضل وجعل اليمنيين يكفون عن طلب القيم الوطنية العليا واكتفوا بمناصرة أمراء الحرب وتجار السلاح .

على هذا النحو تم برمجة الناس ذهنيا في تحريضهم ضد بعضهم وشحنهم بالأفكار التافهة وزرع الخوف من فقدان المكاسب التي تسوقها هذه الميليشيا أو تلك، فأصبحنا أمام قطاع واسع من الجماهير المغفلة التي لا هوية لها، فذلك مؤتمري وذاك إصلاحي وهذا حوثي وذاك انتقالي، وهذا سلفي وذاك حارس للجمهورية التي باعها وأصبح كل طرف خاضع لجهة ما، ومستعد لمراقبة الآخر وإذلاله والتحريض على مناهضة كل المساعي التي يمكنها أن تسهم في إيقاظ الثورة والحرية .

خلاصة القول، هذه المليشيات الممتدة من الشرعية إلى الانقلاب، سلبت اليمنيين القدرة على الثورة والتغيير، صحيح أن الناس تشتكي وضعها وتنشد التغيير، لكنهم فقدوا القدرة على الفعل الصائب والحاسم، يعود السبب في ذلك إلى عجز النخب وتصادمها مع بعضها، مما سهل للمليشيات أن تلتهم الدولة وتصهر الجميع في أتون الجبن والذل وفقدان الإرادة .

تعليقات