عن لقاء زيد الذاري مع عارف الصرمي “على طريق السياسة”
في الأوقات الحرجة من التاريخ العصيب والصراع السياسي المرير الذي يحمل غبش مخيف يجتاح النسيج ويلقي بظلاله على كل شيء، يحتاج الناس إلى مكاشفة خاصة في القضايا المصيرية وإلى انصاف وتشخيص دقيق وواضح.
تابعت برنامج (على طريق السياسة) في قناة (اليمن اليوم) لمقدمه المتألق دائما الأستاذ عارف الصرمي مع الأستاذ القدير زيد الذاري وقد كان محور اللقاء يدور حول الحالة اليمنية الراهنة ومدخلاتها والمالات وحول علاقة الإقليم بما يجري في اليمن ومنها إيران وماذا يعني المذهب الزيدي وهل هو طائفة، ووضع المؤتمر الشعبي العام أيضا ومستقبل اليمن في ظل حكم الحوثيين أو أنصار الله كما فضل أن يطلق عليهم الضيف وهو ليس محل خلاف أبدا هنا حتى وان لم يكونوا كذلك.
إجمالا كنت أتوقع حوار أكثر شجاعة وجرأة ومكاشفة من قبل الأستاذ زيد الذاري ولغة واضحة وتشخيص أكثر دقة وقراءة غير قابلة للتحفظ المفرط خاصة وأننا واقعون في مأزق لم تشهده السياسية اليمنية أو البلاد برمتها منذ قيام ثورة سبتمبر.
لم تكن اللحظة مناسبة لاختيار حتى المصطلحات بحذر والظهور بحيادية لا تقدم أي فكرة عما يدور، ظل الذاري يدور في محيط أن إيران تتغير اليوم من الداخل كنتيجة حتمية وهذا ربما وارد لكن لا يهمني أنا كيمني بعد كل هذا العك الذي غزى البلاد ولا أظن أن أحدا غير الاستاذ زيد رأى هذا التغيير أو سيراه قريباً.
عموماً إيران دولة مبيتة النية وهي صاحبة أسوأ مشروع في المنطقة والعالم الإسلامي لأنه يقوم على تعميق الفكر أو الفكرة بشكل مخيف كمن يزرع شتلة في أعماق الأرض ويدفنها وهو يدرك تماماً أنها ستتجاوز القشرة الأرضية وتخرج للنور في التوقيت المناسب وهو ما كان مغيب عنا نحن جيل الاربعين عاما الماضية.
إيران لم تجد فراغا لتملاه هي من تؤسس لهذا الفراغ بكل الطرق الغير مشروعة والتي لا تحمل أي قيم إنسانية مطلقا ليس من اليوم وانما على امتداد أكثر من أربعة عقود أو يزيد في التاريخ الحديث، وهذا إختراق خطير للدولة اليمنية وأجهزتها التي تتحمل وزر ذلك حيث كان التمدد الوهابي على الأقل يجري على قدم وساق وكان واضحا في سياقاته وكان هناك من يجابهه أو يعمل على تحجيمه على عكس الامتداد الصفوي الشيعي الذي تمدد عبر طرق تجاوزت التقليدي في التنظيمات ونشر الأفكار المتبعة سواء من قبل اليسار أو اليمين؛ مستغلا حاضنة فكرية وارتباطات مذهبية قديمة وعداء تاريخي تم صناعته بين طهران (قم) والرياض (مكة) واستغلال بعض أخطاء النظام والحنين الواضح للإمامة أيا كان شكلها ولذا ليست اليمن وحدها الضحية التي ذُبحت بآلة صدئة بل كثير من العواصم العربية وبنفس الأداة مع اختلاف المنفذين.
حاول الاستاذ الذاري جلد الذات وهذا طبيعي لتبرير ما يحدث لنا من الآخر وخاصة إيران وأننا كيمنيين نتحمل مسؤولية وهذا واقع لا مفر منه وتحديدا النخب وأجهزة الدولة التي وللأسف كان منها شخصيات بارزة نخرت أعمدة (الجمهورية) جزء منهم بحثا عن السلطة والجزء الآخر بحثا عن السلطة والإمامة والجغرافيا على اعتبار أن الأولى حق إلهي والجغرافيا ملكية خاصة وهو ما يجري اليوم.
ما اريد أن أقول إيران لن تتغير في سياستها تجاه العرب واليمن تحديدا ربما تتغير من الداخل بما لا يخل بسلطة (العمائم) وركائز الثورة الإسلامية (الخمينية) مطلقاً على عكس المملكة العربية السعودية وهما انموذجان أوردهما الضيف للمقارنة.
اليمن توجعت من كثير من الأشقاء والجيران ولا زالت ومن الإقليم وتحديدا إيران وبرغم كل ما حدث من تداعيات وتدمير خلال السنوات الماضية من 2015 على يد التحالف العربي وهذا لا يمكن انكاره إلا أن الأخيرة اوجعتنا أكثر وحولت البلد إلى قنبلة موقوتة من خلال هذا المشروع الذي نراه اليوم في المراكز الصيفية وميدان السبعين والاصطفاف المقيت والتطييف المخجل، والتحشيد في البحرين الاحمر والعربي كآخر الكوارث التي تم استغلالها من قبل الحوثي لتسويق منتجه الجديد والعبور به نحو الحدود وسط عاطفة جياشة أو بالأصح عاطفة بليدة.
أنا هنا لست المقرر ما يجب أن يقوله الضيف لأن هذه وجهة نظره ورؤيته وقناعاته إنما الأمر يتوقف عند المؤمل من أي سياسي أو باحث بأن يكون صاحب رسالة قوية لكافة الأطراف بما فيهم الحوثي الذي أصبح طرفا غير عادي وفرض نفسه في قلب المعادلة بالصورة التي نراها اليوم لكن مع ذلك نجد العكس.
كانت هناك إشارات مهمة ومفاتيح طرحها الضيف لكن تفاصيلها لم تكن بحجم الواقع نحن اليوم بحاجة لرسائل واضحة وعمليات جراحية دقيقة لذلك لم أجد في الحقيقة أي رد شافي حول الفرص التي اهدرها الحوثيين وما يقومون به وما المؤمل منهم مستقبلا من أجل عودة الحياة وهل هم مؤهلين أو قابلين بأي تسوية بحسب طرح المُحَاوِر الذي لم يجد الإجابة الكافية.
مجرد وجهة نظر وانطباعات مواطن يمني مع خالص الاحترام للذاري والصرمي؟؟!!