منبر حر لكل اليمنيين

السياسي أو رجل الدولة

45

السياسي -أو رجل الدولة- الماهر الفطن كالطبيب الماهر الفطن، فهو لا يعالج الجزء من الجسد على نحو يضر بسائر الجسد ولا يعالج الكل بما يضر بالجزء.
هذه الفكرة الكلاسيكية الثمينة هي للفارابي استوحاها على الأرجح من أفلاطون وأرسطو وأضفى عليها لمسته الخاصة.
ما يقوله الفارابي هو أن على مدبِّر المدينة “أن يدبر أمر كل جزء من أجزاء المدينة، كان جزءا صغيرا مثل إنسان واحد أو كبيراً مثل منزل واحد، ويعالجه ويفيده الخير بالقياس إلى جملة المدينة وإلى كل جزء من سائر أجزاء المدينة، بأن يتحرى أن يجعل ما يفيد ذلك الجزء من الخير خيرا لا يضر به جملة المدينة ولا شيئاً من سائر أجزائها بل خيرا تنتفع به المدينة بأسرها وكل واحد من أجزائها بحسب مرتبته في نفعه المدينة”.
وهكذا الطبيب،
فهو إذا قصد “أن يفيد عضوا من الأعضاء صحة، وعالجه بما لم يبال معه كيف كانت حال سائر الأعضاء المجاورة له، أو عالجه بما يضر سائر الأعضاء الأخر، وأفاده صحة يفعل بها فعلاً لا ينتفع به البدن بأسره أو ما يجاوره ويرتبط به من الأعضاء، تعطل ذلك العضو وتعطلت الأعضاء المرتبطة به وتأدت المضرة منه إلى سائر الأعضاء حتى يفسد البدن بأسره، كذلك المدينة”.
حكمة يفتقدها معظم سياسيو وناشطو اليمن هذه الأيام، إذ يغيب عن بالهم أن إفراد جزء منه بالعلاج دون مراعاة الكل حُمق لن يؤدي سوى إلى ما نشاهده من التعطيل والإفساد لهما معاً، الجزء والكل!

تعليقات