ثلاثة أشياء تخيف الحوثي وترعبه وهي كفيلة بإسقاطه
أورد القاضي عبد الوهاب قطران في مقالة له أن فترة الاعتقال التي خضع لها كانت مبنية على تقرير أمني تابع لجماعة الحوثي، اتهمه التقرير بارتكاب ثلاث جرائم والتحريض عليها، هذه الجرائم هي، رفع العلم الجمهوري، والاتصال بالمشايخ والمطالبة بالمرتبات، فهذه الثلاثة الأشياء تجعل الحوثيون يتخبطون، كالذي يتخبطه الشيطان من المس .
ولا نبالغ إذا قلنا إن هذه الجماعة أوهى من بيت العنكبوت وهي قابلة للسقوط في أي لحظة، وما صمودها عشر سنوات وظهورها بأنها متماسكة برغم هشاشتها، إلا نتيجة لعدة عوامل، أهمها أنّ ما من أحد من الأطراف المحلية والإقليمية أو الدولية الفاعلة لديه الرغبة في إسقاطها .
فقد استخدمت هذه الجماعة وسائل العنف المفرط واحتكار القرار والأمن لتكريس شرعيتها المحلية؛ نظراً لافتقارها الشرعية المستندة للقانون، باعتبارها جماعة انقلابية، فقد كان لأداء القوى المحلية والإقليمية والدولية دور رئيسي في عدم سقوطها، مما جعلها تعزز من حضورها في خارطة النفوذ والسيطرة أمام بقية القوى المحلية .
فقد كانت معظم القوى الإقليمية والدولية غير جادة في إسقاطها وصبت جهودها بشكل مشترك أو منفرد على أولويات مختلفة عن إسقاطها؛ فبعض القوى كانت تركز على الحفاظ على الاستقرار ومحاربة الإرهاب وغيرها من القضايا التي تمسّ السلم والأمن الإقليمي والدولي، وقد ظهر ذلك بشكل واضح في جميع مبادرات التسوية الدولية منذ اتفاق ستوكهولم ، واتضح أيضا أن هذه الجماعة لا تشكل خطرا على الأمن الدولي، بقدر ما تخدمه .
غابت الإرادة؛ فلم يكن لدى القوى الفاعلة في المنطقة والعالم الرغبة الجدية بإسقاط انقلاب الحوثيين، بل عملت هذه القوى على التدخل في اللحظات المناسبة لمنع سقوطها وقد عبّرت الولايات المتحدة في أكثر من موقف عن رغبتها في تغيير سلوك الحوثيين لا إسقاطهم، بل عززت هي وبريطانيا من حضورهم الدولي .
أما بالنسبة للقوى المحلية المتمثلة بالشرعية فقد غلب عليها التنافس على المكانة والموارد سواء على المستوى السياسي أو العسكري أو المدني، وهو عامل لم يساهم فقط في منع تشكيل جبهة عمل مشتركة، بل عزّز من الانغلاق على الهويات المحلية والأيديولوجية والمشاريع السياسية الضيقة؛ على حساب الهدف الأساسي القائم على إسقاط انقلاب الحوثيين .
ويُلاحظ بعد مرور وقت من الزمن أن كل المكونات تقريباً لم تعد ترغب بخوض معارك خارج مناطقها، ولا في فتح معارك لا تحافظ على مصالحها المباشرة، فغياب السياسات المستقلّة، والتي نتجت أصلاً عن تضافر الأسباب سابقة الذكر، أدت إلى التحوّل عن فكرة إسقاط انقلاب الحوثيين لصالح الاستجابة فقط للسياسات الأمنية الإقليمية والدولية، حيث بات مهمة الشرعية تثبيت خطوط التماس ووقف إطلاق النار وإقامة منطقة آمنة والتحول من الهجوم إلى الدفاع .
وأظهرت الشرعية سياسيا وعسكريا ضعفاً واضحاً في أدائها، حيث تصدّرت شخصيات تفتقر إلى الكفاءة في معظم المكونات العسكرية والمكونات المدنية والسياسية، وقدمت المجالس المحلية التي قامت في المناطق المحررة نماذج بعيدة عن الرشد، بما خدم مشروع الحوثي، وحدّ من الالتفاف الشعبي حول شعار إسقاطه .
إضافة إلى ما سبق غابت المبادرة الذاتية في التمثيل السياسي ومن ثم في تقديم الحلول، فمعظم مكونات الشرعية تم تشكيلها بمبادرات إقليمية، ما جعلها عرضة للاستقطاب الدولي والإقليمي. وهي ثغرة لطالما استفاد منها الحوثيون من خلال التشكيك الدائم بتماسك الشرعية وتمثيلها الوطني .
خلاصة القول، غابت الرغبة والجديّة لدى معظم القوى المحلية والإقليمية والدولية في إسقاط الحوثين الذين استفادوا من هذا العامل في تعزيز قدراتهم على الاستمرار والبقاء مستفيدين من ضعف أداء قوى الشرعية وقد استخدم المجتمع الدولي العديد من المبررات لتفسير إحجامه عن اتخاذ خطوات جادة لإسقاط الحوثيين، كان أبرزها الجانب الإنساني إلا أن قراءة المعطيات تشير إلى أن أمريكا وبريطانيا تحديدا لم تكونا مع إسقاط انقلاب الحوثين، بما يؤكد أن هذه المبررات كانت دعائية .
تظهر كل هذه المعطيات أن فكرة إسقاط انقلاب الحوثين، التي سادت في أوساط الشرعية ربما لم تكن فكرة واقعية، بسبب الأهداف الخفية من قبل التحالف العربي الذي لم يسمح بتحويلها إلى واقع، لكننا اليوم وبعد مضي عشر سنوات نستطيع القول إن المشايخ الذين مسح الحوثيون بكرامتهم الأرض وهجروهم خارج البلاد أو حولوهم إلى أتباع لهم في الداخل، إضافة إلى رجال الأعمال، يستطيعون دعم الجمهوريين والموظفين الذين صودرت مرتباتهم بالتحالف مع شيوخ القبائل لخلق تحالف يرفع العلم الجمهوري يستطيع إسقاط هذه الجماعة التي لا تريد السلام والاستقرار والتي تعادي الجميع .