تأملات سريعة
لا وجود لنصائح عمومية أو إرشادات صالحة لكل شخص، مهما كانت تتوخى الصواب والمثالية. لأن منابع الخير والسلام تختلف من إنسان لآخر، ولا يمكن إيقاظها بتعليمات جاهزة ومتشابهة، فكل إنسان كون مستقل بذاته، وله مزاجه ومفاتيحه، ومعنى ذلك أن النصائح العامة والمحفوظات التي يكررها رجال الدين غير مفيدة لذاتها، إلا بقدر تقاطعها مع ما في نفس كل فرد.
ولذلك فإن محاولة الاسترشاد بنصائح ومقولات عامة لا تنفع إلا مع القطيع المؤدلج والجاهل والأمي، وهو القطيع الذي يتمكن المتاجرون بالدين وحتى ببعض الأطروحات الدنيوية من استغلاله، عندما يحاولون وضع الجميع في قالب واحد، وعندما يتجاهلون تفرد كل إنسان، وهذه المسألة لا يشعر بها إلا الفرد المتميز الذي يتوجس ويدرك بفطنته المحاولات التي يسعى أصحابها من خلالها إلى تكبيله والسيطرة على تفكيره وتحويله إلى تابع بليد.
السلام الداخلي والسعادة رحلة شخصية قد تتقاطع وتلتقي مع أفكار عامة، لكن على تلك الأفكار أن تظل تخدم الفرد لا أن تستعبده وتجعله تابعًا ومجندا لخدمة وتنمية نفوذ شخص آخر مستغل ومتاجر أحمق بالدين أو الفكر أو مروج لمبدأ الخلاص الجماعي.
نحن بأنفسنا أفضل من يعرف مفاتيح السعادة والرضا. وأولها الكف عن الإصغاء لمن يوظفون الدين لقيادة الحشود وتخديرها واستعبادها لمصالحهم الدنيوية.