طهران تعتقل ضباطاً ومسؤولين بتهم التورُّط باغتيال هنية
أقدم النظام الإيراني على اعتقال أكثر من 20 شخصاً بينهم ضباط استخبارات ومسؤولون عسكريون وموظفون في دار الضيافة التي يديرها الجيش والحرس الثوري، وذلك رداً على الخرق الأمني المهين الذي أدى إلى اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في طهران قبل أيام.
وكشف مسؤولون إيرانيون مطلعون على التحقيق، بحسب ما ذكرته صحيفة “نيويورك تايمز”، السبت، أن حملة اعتقالات واسعة يشنها النظام الإيراني ضد مسؤولين وضباط وموظفين عاملين في دار الضيافة، لتغطية الخرق الأمني الضخم والمهين الذي تسبب في اغتيال “هنية”.
وتتولى وحدة الاستخبارات المتخصصة في التجسس التابعة لـ”الحرس الثوري” التحقيق مع المعتقلين إلى جانب مطاردة المشتبه بهم على أمل أن تقودهم إلى أعضاء فريق الاغتيال الذي خطط وساعد ونفذ عملية القتل.
ووضع العملاء جميع أفراد طاقم دار الضيافة تحت الحجز، واعتقلوا بعضهم، وصادروا جميع الأجهزة الإلكترونية، بما في ذلك الهواتف الشخصية، بحسب ما كشف الإيرانيون للصحيفة. وأشاروا إلى أن فريقاً منفصلاً من العملاء استجوب كبار المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين الذين كانوا مسؤولين عن حماية العاصمة طهران، ووضعوا عدداً منهم قيد الاعتقال حتى اكتمال التحقيقات.
وقال مسؤولان إيرانيان لـ”نيويورك تايمز”، إن عملاء الأمن عندما داهموا مجمع دار الضيافة، قاموا بتمشيط كل شبر فيه، وفحصوا كاميرات المراقبة التي يعود تاريخها إلى أشهر وكذلك قوائم الضيوف. كما كانوا يفحصون ذهاب وإياب أعضاء الموظفين، الذين يخضعون لفحص صارم قبل التوظيف ويتم اختيارهم من الرتب الدنيا في “الحرس الثوري”، وكذلك من “الباسيج”، وهو قوة المهام التطوعية شبه العسكرية.
ولفت المسؤولان الإيرانيان إلى أن التحقيق ركز أيضاً على مطارات طهران الدولية والمحلية، حيث تم تمركز العملاء، وفحصوا أشهراً من اللقطات على الكاميرات من صالات الوصول والمغادرة، وفحصوا قوائم الرحلات الجوية، وأضافا أن “إيران تعتقد أن أعضاء فريق الاغتيال التابع لـ(الموساد) ما زالوا في البلاد، وهدفها هو اعتقالهم”.
وجاءت أنباء الاعتقالات الشاملة بعد أن أعلن “الحرس الثوري” في بيان له أن “نطاق وتفاصيل هذا الحادث قيد التحقيق وسيتم الإعلان عنها في الوقت المناسب”. كما أن “الحرس الثوري” لم يعلن حتى الآن أي تفاصيل عن الاعتقالات أو عن تحقيقه في الانفجار، بما في ذلك سببه. لكنه تعهد بالانتقام الشديد، كما فعل المرشد الإيراني علي خامنئي، الذي أصدر أمراً بضرب إسرائيل رداً على ذلك، وفقاً للمسؤولين الإيرانيين الثلاثة الذين تحدثت معهم الصحيفة الأميركية.
وكان مسؤولون في الشرق الأوسط وفي إيران نفسها أكدوا أن الانفجار المميت كان نتيجة لقنبلة تم زرعها في غرفة هنية قبل شهرين من وصوله. بعد الهجوم، داهم عملاء الأمن الإيرانيون مجمع دار الضيافة، التابع لـ”الحرس الثوري”، والذي كان يقيم فيه هنية بشكل متكرر – في نفس الغرفة – أثناء زياراته إلى طهران.
وتترنح إيران بعد كل هجوم يطول قياداتها وخبراءها، ويخرج النظام بالتعهد بالعثور على الجناة، كما طردت رئيساً استخباراتياً كبيراً، واعتقلت قائداً عسكرياً، وأعلنت عدة مرات أنها اكتشفت شبكة تجسس إسرائيلية.
وقبل أربعة أيام فقط من اغتيال هنية، قال وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل الخطيب لوسائل الإعلام المحلية إن إيران نجحت “في تفكيك وتدمير شبكة من المتسللين من (الموساد) الذين كانوا يغتالون كل يوم بعض علمائنا ويخربون منشآتنا الرئيسية”. ثم جاءت صدمة اغتيال هنية.
وقال عضو إيراني في “الحرس الثوري”، طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث، إنه لم يكن على علم بالاعتقالات، لكنه قال إن البروتوكولات الأمنية قد تم إصلاحها بالكامل في اليومين الماضيين لكبار المسؤولين. وأوضح أن تفاصيل الأمن الخاصة بكبار المسؤولين قد تغيرت، وتم تبديل المعدات الإلكترونية مثل الهواتف الجوالة، مشيراً إلى أن بعض كبار المسؤولين قد تم نقلهم إلى مكان مختلف.
وقال علي فايز، مدير مجموعة الأزمات الدولية: إن “الاعتقاد بأن إيران لا تستطيع حماية وطنها أو حلفائها الرئيسيين قد يكون قاتلاً للنظام الإيراني؛ لأنه يؤكد لأعداء إيران أنهم إذا لم يتمكنوا من الإطاحة بها، فيمكنهم قطع رأسها”.
وقال ساسان كريمي، المحلل السياسي في طهران: “يتطلب هذا الخرق الأمني سياسات واستراتيجيات مختلفة؛ فقد يكون اعتقال الجواسيس إذا كان هناك تسلل، أو قد يكون اغتيالاً انتقامياً إذا تم تنفيذ العملية من خارج الحدود، أو مزيجاً من الاثنين”.