منبر حر لكل اليمنيين

عُقدُ المثقَّف ودائرة الجَماعات الرَّجعية

62

يعكس المثقف عُقده السياسية والمناطقية والعنصرية على الواقع تحت مبررات تحمل رائحة الكراهية الضيقة ليصبح شخصية انتهازية ممتلئة بالأنا الضحلة فارغة من أي فعل تنويري؛ يؤسس لتصورات مليئة بالغثاء، محكومة بالجغرافية التي لا علاقة لها بالعقد المزمنة والشعارات الثورية التي التبست على كثير من دعاة التغيير حتى أنهم لم يجدوا منها مخرجا شجاعا.

حين تعتقد أن منطقتك التي ولدت فيها أو المحيط والبيئة التي جئت منهما من نباتات وأشجار وشخوص أعلى شأنا والحن حديثا وأقوى عرقا وأحق من غيرهم من أصحاب التباب والهضاب والوديان وان الهواء والماء انقى أيضا من الذي لدى الآخرين وحتى مقالب القمامة عندك غير التي عند الآخرين ولا يجب أن تعتز بغيرهما فأنت مجرد فقاعة تُسبب الكثير من الغثيان في المجتمع.

المشهد لم يعد غامضا، لذا على الذين يحاولون تكريس لغة الشوارع التي رافقت مرحلة معينة أن يعيدوا النظر في تصوراتهم، فقط من أجل ألا يستمر الابتزاز السخيف واللغة المأزومة؛ وحتى نتجاوز ضحالة الأنا وقشور الجغرافيا والتاريخ المليء بالأحداث والصراعات، ثمة إيجابيات كثيرة يجب البناء عليها، لأن استمرار الحديث بسوداوية، دون طرح معالجات منطقية؛ تعكس صورة التَّنك الذي في رأسك وليس الروح التي جُبلتْ على الخير.

لذا مهما بلغت الحياة من الصِّدامات فإننا سنجد قواعد الفوضى وهي تتحكم في كثير من مناطق البلاد وليس منطقة بعينها، فقط كيف نعمل على تفكيك هذه العقد ونجعل الدرب سالكا بدون حضور الأنا الزائفة واجتزاء الجغرافيا تحت طائل الانفعالات وارتجال الآراء من أجل تسجيل حضور باهت وتحميل الذات المناطقية ما لا تحتمل.

دروس التاريخ المجانية على قفا من يشيل وبدون جهد تستطيع الحصول عليها وان كان لك عقل وفكر ناضج فأنت تعيشهما الآن ولا داعي لاستدعاء البعيد حتى لا تتعب مخيلتك لذا لا داعي للانزلاق نحو أتون فاشلة حتى على المستوى النظري.

وهنا يمكن الجزم أن الحقيقة لا تتطابق مع من يرفضها جملة وتفصيلا، ولا يمكن أن تكون صديقة له يوما ما، لذا فإن النسبية لم تعد حاضرة اليوم في مخاضات السياسة؛ خاصة عند الجماعات التي تنكرت لكل فعل ثوري في الحياة برمتها، وتسعى على محمل الجد لتغيير جذور العالم حسب هواها؛ الأمر الذي سيطيح بناموس التدافع وقوانين التراكمات، وسيعمل حتما على عزل أمة بأكملها عن محيطها الذي يتجلى في الحدود السياسية والتكنولوجيا والاتصالات والميديا الرهيبة والتجديد المذهل وحتى سباق التسلح في كل شيء.
وقوموا إلى صلاتكم.

تعليقات