يريدون لليمنية أن تذهب إلى القاهرة ولا يريدون لها أن تذهب إلى عدن
حتى في خضم المفاوضات الجارية بين المملكة العربية السعودية والحوثيين ، كان يتعين على جميع الأطراف الفاعلة في الشرعية تناسي خلافاتهم واتخاذ خطوات لإصلاح الشرعية والتفاوض على مصالح الشعب بدلاً من التفاوض على فتح المطارات الخارجية ، كان يمكن التفاوض أيضا على فتح مطار صنعاء عدن وصنعاء سيئون وفتح مطار تعز والحديدة والمكلا والغيضة وفتح طريق حرض وبقية الطرق الأخرى .
فقدت الشرعية مصداقيتها ليس على الصعيد الدبلوماسي فحسب، بل بنظر الشعب اليمني أيضاً ، ونتيجة لذلك سارعت جماعة الحوثي لملء الفراغ في الأفكار والسياسة وفرضت شروطها التي ليس من بينها مصلحة المواطن اليمني ، واليوم، يدفع الشعب اليمني الثمن ، يتفاوضون على الترتيبات السياسية ويركزون فقط على مستقبل تقاسم السلطة ، بعيدا عن تسهيل تنقلات المواطنين داخل اليمن .
من المؤكد أن الدبلوماسية الفاشلة أضرت بـالشرعية، ولكن ذلك لم يكن سوى جزء من القصة،فالشرعية تتحمل مسؤولية فقدان القرار ،فقد حكمت على غرار أحمد الجلبي في العراق وهو النموذج الذي سلم القرار للخارج وهذا خلق ردود أفعال عكسية على المستوى الشعبي ولم تكن الوظائف الحكومية سوى خدمات سياسية يتم توزيعها على المؤيدين، وكانت الأموال العامة، التي يأتي الكثير منها من عائدات النفط والودائع ، مجرد وسيلة لإثراء المسؤولين ، ولم تحتل الكفاءة والاستجابة للمواطنين وتوفير الخدمات أي مكانة ، وأصبح الشعب محبط من الشرعية ومن الحكومة بحد ذاتها .
وفي ظل ظروف مختلفة – لو كانت الشرعية تمتلك حكومة أكثر فعالية ونظيفة، وتحظى بثقة شعبها بشكل أفضل – لكانت عادت إلى عدن وقادت الحرب أو السلام وقبل ذلك قادت إعادة الإعمار والتعافي ،لهذا فقد اليمنيون ثقتهم في الشرعية كونها لم تضع مصالحهم في الاعتبار ، كما أن دول الإقليم سارعت إلى تعطيل قدراتها بعدما تنازلت عن قرارها وسمحت لدول الرباعية أن تتحكم بالقرار اليمني ، إضافة إلى أنها على أي حال افتقرت إلى البنية التحتية المؤسسية الضرورية التي تساعدها على القيام بتلك المهمة .
ولست بحاجة للقول ، إن استعادة الدولة اليمنية يشكل هاجساً يستدعي اهتماماً عاجلاً ، وطالما بقيت الشرعية ضعيفة وفاقدة للمصداقية، سيفتقر اليمنيون إلى نموذج إيجابي يمكنهم الالتفاف حوله ، ومن ثم فإن إعادة تأهيل الشرعية يشكل ضرورة طويلة الأمد ، ليس فقط في المناطق الخاضعة لسلطتها فحسب، بل لاحتمالات السلام الدائم أيضاً .
وستتطلب إعادة تأهيل الشرعيةقيام المملكة العربية السعودية والإمارات بإعادة النظر في سياساتهما في اليمن من خلال معالجة المشكلة المتنامية المتمثلة في التواجد السعودي الإماراتي على الأرض اليمنية ، والقيام بمبادرات ذات معنى لتعزيز سلطة الشرعية وتحسين نوعية حياة اليمنيين وهذا الأمر يتطلب جهودا حثيثة، باستخدام الحوافز والضغوط، لضمان تحسين الشرعية لأدائها وتشكيلها حكومة تحظى بثقة اليمنيين والمجتمع الدولي والإقليمي على حد سواء ، لكن هذا الأمر يبدو بعيد المنال،كون الأطراف جميعها تتفاوض على مصالح دول الإقليم أولا ومصالحها ثانيا،في ظل غياب المصلحة الوطنية والشعبية،خاصة لما يكون فتح المطارات الخارجية أهم من تبادل الرحلات بين صنعاء وعدن .