منبر حر لكل اليمنيين

“الآن حصحص الحق” (أحمد علي والعقوبات المرفوعة)

40

عشر سنوات عجاف مضت، تغيرت معها ملامح العباد والبلاد وعصفت بهم أمواج البلايا والاضطرابات عقب دخولهم في أتون حرب دمرت كل مقومات الحياة فيها وحرمتهم من كل شيء عـدا بصيص أمل لا زال يجد طريقه في قلوب الشعب اليمني، ولا زال هذا الشعب الأصيل الصابر المتعالي على كل جراحاته وآلامه يتشبث به -رغم شلالات المآسي الجارفة المهلكة، وعوامل التعرية التي تنحت فيه لتنهكه.

جزء من ذلك الأمل المنشود كَمُنَ في محاولات عديدة باءت بالتجاهل تارة وبالرفض تارة أخرى لرفع عقوبات ظالمة جائرة طالت رمزين كبيرين من رموز اليمن الحديث، واستمرت تلك المحاولات عقدًا من الزمن، أمامها أغلق مجلس الأمن الدولي أبوابه، وبإيعاز من أصحاب النفوذ والمصالح الضيقة والخصومات السياسية، لكنه ومع دق أجراس الساعة الأولى ليومنا هذا تسربت إلينا نسمات دافئة حملت لمسامعنا خبر رفع اسمي الزعيم علي عبدالله صالح رحمه الله ونجله السفير أحمد علي حفظه الله من قائمة العقوبات الدولية التي فرضتها سـابقـًا هيئة الأمم المتحدة عبر مجلس أمنها الدولي بالقرارين: ( ٢١٤٠/نوفمبر ٢٠١٤، و٢٢١٦/ابريل ٢٠١٥).

خبرٌ لطالما انتظرهُ كثير من أبناء الشعب اليمني، واستقبلوه بفرحة عارمة بين مهنئٍ ومُزجٍ رسالة مباركة، وبين مطلق الألعاب النارية لتزين السماء بأضوائها وألوانها، احتفاءً بخبر رفع العقوبات عن الزعيم ونجله. وها هو قد تحقق وأصبح واقعاً ملموسًا بعد أن زالت العقبات التي كانت تقف حائلًا منيعاً دون تحققه، وبالتأكيد هي عقبات ذو طابع سياسي لم تتسم معظم أسبابها بالموضوعية البحتة، ولا غرابة في ذلك فهكذا هو قانون الأمم المتحدة السائد حاليًا، وعلى كلٍ لا يهمنا الغوص في أمور مَضَت، سردها سيذكي جمرة الألم والحزن في قلوبنا وينغص على المحبين فرحة الابتهاج بهذا الحدث الذي يعد من أهم أحداث اليمن على مدار عشر سنين خلت، وهي فترة زمنية محسوبة من تاريخ الدولة لكنها للأسف مستلَّة من عمر تنميتها ونمائها.

ومما تجدر الاشارة اليه في خصوص رفع تلك العقوبات على رمزي اليمن الحديث، أن ذلك الرفع ما هو إلا كاشف لحقيقة البراءة التي تأخر إعلانها كل تلك الفترة الطويلة لمكايدات سياسية في جُلِّها، وعلى العموم نبارك لسيادة العميد أحمد علي تلك البراءة المتأخرة، والتي كانت حاضرةً في قرارة نفوس محبيه وغالبية الشعب اليمني منذ اليوم الأول لفرضها، حقيقة إن انتظار عشر سنين كاملة لتتجلى فيها تلك البراءة لهو ظلم سياسي عريض، وابتلاء ثقيل الصبر عليه يرتقي بصاحبه إلى مصَافِّ العظماء.

ولنا عظة في تفاصيل قصة سيدنا يوسف عليه السلام ذلك الشاب الذي لبث في السجن بضع سنين ظلمًا ولأسباب كيدية حتى صدرت براءته المتأخرة، ورغم استنكاف ظالميه تطبيق العدالة في حقه منذ الوهلة الأولى، إلا أن الحق حصحص في نهاية المطاف وأقروا جميعًا ببراءته، وناله عوض العدالة الالهية فأضحى عزيز مصر.
لا تَبتئـِسْ فالـبِئـرُ يَـومٌ واحـدٌ
وغدًا تُؤمَّرُكَ الرِّيَاحُ على القُرَى ،
وما أشبه الليلة بالبارحة، فمهما طال ظلام الليل الحالك واشتد سواده لا بد لنور الفجر الساطع أن يظهر ويبدد تلك الحلكة ولو بعد حين، وتلك سنة كونية ثابتة لن تجد لها تبديلاً أو تحويلا.

وإذا كان جزءُ بصيصٍ من أملٍ لشعبٍ مكلومٍ مغلوبٍ على أمره من غَلَّابِيهِ – عِلْيَةِ القوم وسَاسَتِه- قد تحقق يومنا هذا برفع تلك العقوبات، فإن جذوة الأمل لا زالت مشتعلة، وبوصلتها الشعبية لم تنحرف عن وجهتها المنشودة، والكامنة غايتها في: وضع الحرب أوزارها، وتحقيق سلام عادل شامل معه تعود للدولة -بمعناها الحقيقي- نفوذها وحضورها، وللقاعدة الشعبية العريضة سرورها وحبورها، نترقب ذلك وأمل تحققه لا يفارقنا..

وخـتامـًا، نجدد التهاني والتبريكات لسيادة العميد أحمد علي عبدالله صالح، وأنصاره ومحبيه وكافة الشعب اليمني.
..

تعليقات