منبر حر لكل اليمنيين

معركة الكوفية والعمامة

64

بعد معركة اقتصادية خاضتها الشرعية لأيام مع ميليشيا الحوثي، وخروج مظاهرات شعبية مؤيدة لقرارات البنك المركزي، خرج المبعوث الأممي الى اليمن ببيان أعلن فيه موت الشرعية، تضمن البيان إلغاء قرارات البنك المركزي، وخفض التصعيد الاقتصادي بين الطرفين فيما يتعلق بالمصارف والخطوط الجوية اليمنية، ولم يتوقف إذلال وإخضاع الشرعية عند هذا الحد بل أضاف البيان بتعهد الشرعية بعدم اتخاذ أي قرارات تصعيدية مستقبلاً، المضحك بالأمر أن الشرعية رحبت بالقرار وكأنها طرف محايد، أو طرف يمثل جمهورية القرود، والسؤال هنا الذي يطرح نفسه: مع من أتفق المبعوث الأممي؟ ومن الطرف الذي أشار إليه البيان وناقش معه جملة من القرارات والملفات؟!

لاشك بأن الشرعية تعيش أسوأ مراحلها النهائية، خاصة وأن التراجع عن قرارات البنك المركزي أظهرها بأنها مجرد أداة رخيصة الثمن، وبأنها لا تحترم نفسها ولا شعبها ولا تلتفت للأصوات الشعبية التي تسخر منها بل وباتت تستعرُ منها.

كوفية المعبقي التي تحولت لأيقونة شعبية، هي لعنة الشرعية الأبدية، فقاعة النور الهُلامية التي ترى فيها الشرعية وجهها في السرداب المظلم، هذه هي شرعيتنا المهزومة، التي تتودد إليها فتنفر، تدنو منها فتبتعد، تدعمها فتستعصي، هي تلك الشرعية الهشة التي تُنادي باسمها لتنصحها فتخرج لك لسانها بسخرية مُرة، هي حيرتنا وعذاباتنا المُشتهاة، هي اللحظة التي ننتظرها طوال هذه السنين ولكنها لا تجيء، أو أنها تجيء بعد فوات الأوان، هي الفسحة المستحيلة المُعلقة على شرفة لا تطال، هي غُبار القُبل الذي تنفضهُ بفمك عن قميص العار، هي تلك الفراغ التي انتصرت لعمامة السيد وخذلت كوفية المعبقي.

لا أعتقد أن السبب الذي يجعلنا نضمر مثل هذه الأحاسيس للشرعية جدير بشكل أو بآخر بالوقوف عنده أو ربما هو مُهم ومصيري في حياتنا ليجعلنا نتذكر بعد سنين من الحرب موقف يُشرف صنعته لنا الشرعية أو التحالف، غير تقديم أنفسهم بأنهم مجرد قاع تمشي عليه ميليشيا الحوثي للوصول لغاياتها وأهدافها الدنيئة، ثم ماذا تبقى لنا من الشرعية اليوم؟ غير السخط الشعبي، وحالة الخنوع والذل وكَسر ناموس الدولة التي لم يقودها رجل منذُ العام ٢٠١٢م.

هذا ما لمسناه وما نشعر بهِ ونراه بأم أعيننا من هزيمة تجرها الشرعية بذيلها الذي لم ينعدل سوى مرة واحدة فقط، حين قرروا أن يكونوا رجال وسرعان ما تراجعوا عن ذلك، ليتحول دور الشرعية لحرفة يدوية وللعنة تطارد كل من يتعاطى معها، حتى الإخوة اللذين يسكنون الآن في رحم واحد، لم يسلمون من هشاشة هذه الشرعية الناقصة.

لستُ بصدد الحديث عن أسباب وتداعيات تراجع الشرعية عن قرارات البنك المركزي، فهذا لا يُهمني ولا يعني لي شيئاً، بقدر ما يعنيني هيبة الدولة وحضورها القوي، وعدم تبعتها لأي جهة خارجية، التي ساهمت بشكل كبير في اذلالها وتركيعها وتقديمها على أنها أداة بأيدي ضباط اللجنة الخاصة والسفير جابر، شرعية بُنيت قاعدتها على سواعد ناعمة وفخوذ مترهلة لا يمكن لها أن تصنع الفارق ولو حشدت كل العالم معها.

هشاشة العلاقة بين الشرعية وحلفائها الاقليميين، لا أُشبهها إلا بإشكالية العلاقة بين متنافسين خصوم في كل شيء، حتى في أحلامهم ويقظتهم، اشكالية محكومة أيضاً بالأهواء والأمزجة الشخصية، فيا حبذا لو ترفعوا عن كل هذه الصغائر ونظروا إلى أعمق ذواتهم وطهروا مراياهم من الأنانية والكُره والرغبات المُبتذلة التي تُمارس الصفع في خد اليمنيين وتُحافظ على خد ميليشيا الحوثي أن يبقى سليماً معافى.

تعليقات