شرعية الشرعية في الميزان (خذلان السلطة وسخط الشعوب)
تكتسب القيادة الحاكمة لأي بلد شرعيتها من رضا شعوبها عنها، أو بعبارةٍ أدق : باستمرار ذلك الرضا. فإذا كان الرضا موجبُ اكتساب تلك الشرعية فاستمرارهُ شرطٌ لبقائها، ويلزم من عدمه العدم ومن وجوده البقاء. والقول بذلك يجعل هرم السلطة في عمل دؤوب وتطلعٍ دائمٍ لتحقيق ما تؤمِّلهُ شعوبها قدر الإمكان، وتلك غاية الحكم المثالية في أبهى صورها المنشودة.
وعلى الضِّدِ من ذلك، فإنَّ تنافر وانفصال جبهتي القيادة الحاكمة وقواعدها المحكومة عن بعضهما البعض، واستمرار ذلك التنافر والانفصال بينهما لهو مؤشرٌ لسقوطِ شرعيتها وإيذانٌ بانتهائها. لغياب عمود خيمتها ( ركن الرضا) واستجلاب السخط مكانه، ومعلوم أن الرضا – سواءً كان صريحـًا أم ضمنـًا – هو مناطُ شرعية الحكم وأُسِّه وأسَاسهِ ولا مناصَ عنه في إطار ذلك التكييف.
وإذا كانت الشعوب في ظل الدول المستقرة المحكومة بنُظُم الديمقراطية تعبِّر عن ذلك الرضا أو عدمه من خلال صناديق الاقتراع في انتخابات نزيهة تخوض الشعوب معتركها، فإنه في ظل حالتي الحروب واللا استقرار ، كالحالة التي ترتع فيها بلادنا ( اليمن ) فإنه يمكننا القول بأن السبيل لاستنتاج عوامل الرضا من عدمها تكمن في تقييم مدى تلاحم الهيئة الحاكمة مع قواعدها الشعبية، أو خذلانها لها، وهو بالتالي ما ينتج عنه إحدى أمرين: إما رضًا اختياريـًا أو سخطًا عارمـًا، لتلك الشعوب تجاه حاكميها، وهما أمران حسّيان يبرزان للأفُق ويتجسدان من خلال انفعالات القضايا المهمة والمصيرية للشعوب والأوطان على أرض الواقع ومدى تفاعلات رئاسة الدول معها : إيجابـًا أم سلبـًا.
وعليـه فإنه وبوضع شرعية الشرعية في ميزان ذلك التأصيل، وأمام كفتي الرضا عنها أو السخط عليها من قواعدها الشعبية، تُستَجلى حقيقةُ بقائها أو انتهائها،(ولو صوريًا). وهو إستجلاءٌ تقرره الكفة الراجحة في ذلك الميزان الشعبي، الذي هو صاحب السيادة والقول الفصل في تقرير منح الشرعية وإبقائها أو نزعها.