بداية خفوت عنتريات الحوثي
يبدو أن الحوثي سيضطر للحد من عنترياته بعد الضربة الإسرائيلية على الحديدة، وقرار بايدن الانسحاب من السباق الانتخابي. فقد كشفت ضربة الحديدة الهشاشة الاستراتيجية للحوثي، بعد أن تمكنت إسرائيل من تدمير أهم مرفق استراتيجي يديره الحوثي بكل سهولة، ودون أية خسائر. وهذه الضربة قد تكررها إسرائيل، أو تقوم بها أمريكا، في حال أدت هجمات الحوثي إلى مقتل أمريكيين، أو إسرائيليين. فالضربة الإسرائيلية كانت بمثابة رسالة للحوثي مفادها؛ أن إسرائيل قادرة على تعطيل المنطقة التي يسيطر عليها الحوثي، وخلق مشاكل اقتصادية لا حصر لها، إذا قتل أي إسرائيليين في المستقبل. حيث أن بأمكان إسرائيل تدمير مينائي الحديدة والصليف وما تبقى من خزانات النفط ومحطة رأس كثيب الكهربائية؛ وهو ما سيؤدي إلى تعطيل الحياة في مناطق الحوثي، وخلق مجاعة للسكان قد تطلق ثورة عارمة ضده. ناهيك عن حرمانه من أهم مصادر الدخل والمنفذ الرئيسي لتهريب السلاح، والمواد المحظورة التي يتاجر بها.
من جهة أخرى تفادى الرئيس الأمريكي بايدن توجيه ضربات مؤلمة للحوثيين على غرار الضربة الإسرائيلية، خشية تأثيراتها السلبية على حملته الانتخابية. وقد أدى سلوك بايدن إلى تذمر وحنق داخل أوساط إدارته، وتحديدا في وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات. وبعد انسحاب بايدن من السباق الانتخابي؛ فإن من المتوقع أن يتم إطلاق يد القوات الأمريكية لتوجيه ضربات مؤلمة للحوثيين لردعهم، وإعادة الاعتبار للهيبة الأمريكية التي هشمها الحوثي. يضاف إلى ذلك، إقدام أمريكا على رفع تصنيف الحوثي ليصبح منظمة إرهابية مثل القاعدة، وهو ما سيؤدي إلى تشديد العقوبات عليها.
ولهذا؛ فإن عبدالملك الحوثي سيفكر ألف مرة قبل توجيه هجمات فاعلة ضد إسرائيل أو القوات الأمريكية، رغم أنه لا يمكنه أن يعلن بشكل رسمي عن توقف هجماته. فأغراء الشعبية التي حصل عليها، داخل اليمن وفي العالم، بعد هجماته الاستعراضية، قد تدفعه للاستمرار في الهجمات، ولكن بوتيرة منخفضة ووفق حسابات مدروسة. فهذه الشعبية ولدت لديه غرور وصلف، وبدأ في تصديق قنوات التهريج مثل الجزيرة والميادين، وأخواتها، والتي صورته كبطل خارق قادر على مناطحة أمريكا وإسرائيل والدول الغربية. إلى جانب ذلك يحتاج الحوثي لصراع استعراضي مع إسرائيل وأمريكا لتعزيز مركزه داخل اليمن وبناء، شرعية سياسية مفقودة.
ولهذا كله، فإن الحوثي في ورطة، فهو غير قادر على النزول من البرج الوهمي الذي صعد له، ومن ثم التراجع المذل عن معاركه الاستعراضية، في نفس الوقت هو غير قادر على الدخول في معارك حقيقية مع أمريكا وإسرائيل. فالمعارك الحقيقية ستجر عليه مخاطر كبيرة، وقد تفقده سلطته وحياته في نهاية المطاف.
وفقا لذلك؛ فإن عبدالملك الحوثي سيحرص بكل الوسائل على إبقاء معاركة عبارة عن صراخ على لسان يحيى سريع، وجعجعة بدون طحين، مع الأمل بأن تتكفل قنوات التهريج ومحلليها “الاستراتيجيين” بتحويل الجعجعة إلى طحين وهمي يتناسب ومزاج القطيع، الباحث عن بطل حتى وإن كان نمر من ورق.