توقعات التقارير بأن أكثر من نصف سكان اليمن سيبقون فقراء بحلول 2050
توقّعت الحكومة اليمنية أن تظل معدّلات الفقر على حالها خلال السنوات القادمة ثم تبدأ بالانخفاض ببطء، إلا أن أكثر من نصف عدد سكّان اليمن البالغ 32 مليون نسمة، سيبقون يعيشون على أقل من 2.15 دولاراً في اليوم (خط الفقر المدقع) بحلول 2050.
وأكدت في تقرير رسمي قدّمته أخيراً إلى الأمم المتحدة أن هذا السيناريو للمسار الحالي يفترض أن مستويات الصراع تظل منخفضة بما يكفي للسماح بنمو اقتصادي محدود، في حين أن تجدّد القتال بين أطراف الصراع بشكل كبير أو القيود الاقتصادية يمكن أن يؤدّي إلى ارتفاع معدّلات الفقر مرة أخرى.
وتشير تقديرات “التقرير الوطني الطوعي الأوّل للجمهورية اليمنية 2024” المقدّم إلى المنتدى السياسي الرفيع المستوى بشأن التنمية المستدامة المنعقد في نيويورك خلال الفترة 8- 17 يوليو الجاري، تحت رعاية المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، إلى أن معدّل الفقر الدولي في اليمن الذي كان أقل بقليل من 20% في 2014 (عام انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية واجتياح صنعاء والمحافظات) تضاعف أكثر من مرتين في 2015 وحده (العام الذي أشعل فيه الحوثيون الحرب) ليصل إلى 42%، واستمر في الارتفاع خلال العقد الذي تلاه. وفي عام 2023، كان ما يقدّر بنحو 73% من سكّان اليمن يعيشون تحت خط الفقر المدقع، أي بزيادة قدرها 20 مليون شخص تقريباً مقارنةً بعام 2014.
ويعدّ القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان الهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة. ولا يعد هذا الهدف الأول بين أهداف التنمية المستدامة فحسب، بل إنه مهم كذلك في تخفيف المعاناة الإنسانية بشكل عام وتحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة الأخرى.
وأدّى الصراع في اليمن إلى تدمير أجزاء كبيرة من البنية الاقتصادية والاجتماعية الضعيفة في الأساس وخلقت واقعاً اقتصادياً واجتماعياً مثقلاً بالمعاناة وفقدت فرص العمل وسبل العيش.
كما أدّى إلى ارتفاع حاد آخر في معدّلات الفقر. وانكمش الاقتصاد بأكثر من النصف، بينما توقّفت معظم الأنشطة التجارية والإنتاجية، وأغلقت الشركات، وارتفعت الأسعار، وانقطعت رواتب موظّفي القطاع العام.
وبحلول خريف عام 2015 فقد 45% من اليمنيين مصدر دخلهم الرئيسي نتيجة للصراع الدائر.
وأشارت تقديرات مجموعة من نماذج المحاكاة المصغّرة لمعدّلات الفقر في السنوات الأولى للصراع، إلى أن معدّلات الفقر على جميع المستويات سترتفع. وفي عام 2024 أصدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقريراً عن الفقر متعدّد الأبعاد في اليمن، خلص إلى أن 80% من اليمنيين يعانون من الحرمان من الحصول على الخدمات الاجتماعية الأساسية. علاوة على ذلك، فإن هذا الفقر لا يعاني منه الجميع بالتساوي. وكان الفقر متعدّد الأبعاد أعلى بين سكّان الريف منه بين سكّان الحضر، وكذلك بين الأسر التي تضم أفراداً من ذوي الإعاقة.
ورأى التقرير أن سيناريو “الدفعة التنموية” الذي يشمل تدابير تدفع بعجلة النمو الاقتصادي وتعالج أوجه عدم المساواة، يؤدّي إلى الحد من الفقر بشكل فوري ويسرّع وتيرة التخفيف منه مع مرور الوقت، ما يخفّض معدّل الفقر بأكثر من 20 نقطة مئوية مقارنةً بسيناريو المسار الحالي بحلول عام 2050.
ومن غير المرجّح وفقاً للتقرير الحكومي أن يحقّق اليمن هدف التنمية المستدامة المتمثّل في القضاء التام على الفقر في أي من سيناريوهات التنبّؤ بحلول منتصف القرن. ولفت التقرير إلى أن الفقر “ظاهرة معقّدة ومتعدّدة الأوجه، والإمكانات المتاحة للبلاد محدودة للغاية لتلبية احتياجات أكثر الفئات ضعفاً وحرماناً”.
وعلى الرغم من أن اليمن لا يزال بعيداً عن تحقيق هدف التنمية المستدامة المتمثّل في القضاء التام على الفقر، إلا أن الحكومة اليمنية بدت متفائلة في التقرير الذي اعتبر أن سيناريو “الدفعة التنموية” يساعد في انتشال أكثر من 15 مليون يمني من براثن الفقر المدقع بحلول عام 2050.