المُربّع الذي حاولنا جرّ الحوثيين إليه لانقاذهم وفشلنا..!
عبدالكريم المدي
طوال ثلاث سنوات وبالطول وبالعرض، سرّا وعلانية حاولنا بكد ومثابرة، وكُلّ من موقعه، أن نجرّ الحوثيين، أو بتعبير آخر نزفّهم بالورود والألعاب النارية إلى المربع الوطني، إلى الشراكة وبٍناء الثقة وتعزيز (الصمود) الأبله فيما بيننا.. ومعه إشعار اليمنيين أنّنا منهم وهم منّا، ولسنا أعداءهم أو كائنات فضائية هبطت من الأعلى تتحدث إليهم بلغة القُدرة نيابة عن السماء ومحمد(ص) وفاطمة والحسين وزين العابدين رضوان الله تعالى عنهم. حاولنا رغم كل العقبات والمثبّطات التي كانت تقف في طريقنا وطريقهم، على اعتبار أنهم ضحايا ما يجهلون. ورغم إدراك الكثير منّا أن أحلامنا في تحقيق اختراقه ما في تلك العقليات الصخرية والحصول على جوائز تقديرية وطنية ودولية، كانت أكبر بكثير من الواقع، بل إن الذي كُنّا نسعى إليه يندرج ضمن المستحيلات، ومع هذا كابرنا وساعدنا في استمرارنا في ذلك المسار خطاب وسياسات هادي والشرعية والإصلاح والإقليم. المهم.. كان بعضُ منظّرينا يقول: علينا أن نصبر ونتحمل كل الصدمات، لأن الحاجة تشتدُّ إلى المضي في هذه المهمة الجليلة، مُنطلقين في ذلك من فكرة، أن ترويض جماعة كهؤلاء الذين ليس لهم من الإنسانية إلا الاسم، ومن اليمن إلا الجنبية والتخزينة، لا تقل عن مهمة إنقاذ طيور وحيوانات العالم وقبائله المعُرّضة للانقراض. أصررنا بحماس فائض عن الحاجة، آخذين المسألة كمعقلة ( كوننا تنظيم كبير وأب للجميع) ومضينا في مشروع تجريع الذات عقاقير التخوين والترهيب والإهانات، متمسكين ببزة وطاقية الفدائييّن المنقذين من عناصر الدفاع المدني، وقلنا أولا: نبدأ بتهذيبهم، وثانيا: تمدينهم ..حبّه ..حبّه . وبالتوازي مع ذلك تغير أفكارهم الملغومة/ المأزومة، وبالضرورة سيؤدي ذلك إلى تغيُّر ملموس في سلوكياتهم العابثة / الهمجية، العدوانية التي يقومون من خلالها بقتل الحياة وتكريس العنف والاقصاء وملشنة المؤسسات وفرز المجتمع ما بين هاشميين أصحاب حق إلهي مطلق، وقبائل و'” مزاينه” خلقهم الله لأجلهم وسخّرهم كمحبين وخدم وعسكر، يخضعون لمشيئة السلالة/ المتجسدة في تلك الأسرة المتوحشة. التي تعتقد أن كل جامد ومتحرك وحي وحجر وبشر هو ملكها، بما في ذلك الحقوق العامة والخاصة، وحتى العلاقات المجتمعية ومشاعر الحب والكره تخضع لإرادتها.. وقد وصل بها الغرور إلى مستوى أنها هي من تُحدّد للناس ممن يتزوجون ومن ومتى يطلقون وهكذا…؟ المهم أخذ مبدأ وثقافة الفرز الطبقي والعنصري ينتشر ويصبح ظاهرة سائدة والشعب ينتظر البطل المُخلّص. لا نريد في الواقع أن نُصدّع رؤوسكم ونحن ننقل لكم جانبا بسيطا من مراثوناتنا الطويلة والمُجهدة معهم، لكن في تصورنا أنه من المفيد وضع الكثير من الناس الذين لم يطلعوا في صورة ما قد ضحينا به. وكم تسامحنا وتدقدقنا وضُرِبنا كثيرا من فوق الحزام ومن تحت الحزام ، وكان مقصدنا وطنيا نبيلا …علّ وعسى يُهديهم الله وتعركهم التجارب ويصحون في لحظة ما من أوهامهم غير أنّنا، في الحقيقة دائما ما اصطدمنا بعقبات كأدا، وفي كل قضية كان يحتدم فيها خلافنا يقومون مباشرة بتحويلنا إلى طابور خامس ،خونة ،خلايا نائمة ،دواعش، عُملاء السعودية والإمارات وإسرائيل وأميركا.. مع العلم أنه لا يوجد شخص واحد في منأى عن هذه التهمة حتى لو كان فلاحا لا يقرأ ولا يكتب ولا يعرف شيئا عن أميركا ونتنياهو وجولدا مائير وغيرهم. ففي حال اكتشفوا أنه لا يسبح بحمدهم.. يخضعونه لقانون (ولاية الفقيه الجديد) ومحاكم التفتيش الحوثية. وغني عن البيان تذكيركم ببعض معاركنا معهم، فعلى سبيل المثال عندما كُنّا نعترض على سياسة التجويع الممنهجة بحق الشعب اليمني وكبت حرياته وتغيير المناهج الدراسية وتفخيخ الخطاب الإعلامي الرسمي بالكراهية واقتحام الوزارات والمؤسسات وفرض وتعيين ” مشرفين” لها. كانوا يطلقون نحونا كلابهم وأبواقهم التي تتفنّن في وصفنا مرّة بالمرتدّين ومرّة بالأمويين.. وثالثة بالعفاشيين العملاء. أما في حال طالبنا بالشفافية فيما يتعلق بالإيرادات وفوارق المشتقات النفطية والغاز من أجل صرف، ولو نصف راتب للموظفين الغلابى كل شهرين أو ثلاثة أشهر.. فهنا الطامة الكبرى والخيانة الجسيمة.. التي يسفهوننا على إثرها ويرددون بدون ذرة من خجل قائلين: ” الوزارات الإرادية من حصة المؤتمر وهو الذي يُعطّل صرف الرواتب ويسرق الفلوس وسوف يقتحمون بيوت المسؤولين المؤتمريين ويأخذون الفلوس ويدفعون بجزء منها الرواتب، والباقي لدعم الميزانية و(الجبهات) ووووو إلخ. بالمناسبة.. (راجعوا الكشوفات قبل التزوير وبعده ولاحظوا كم هي المبالغ التي ورّدتها وزارة الاتصالات لمالية وبنك صالح شعبان والإمام الأصغر( محمد علي الحوثي) خلال أشهر قليلة فقط. لن أطيل. لذلك أختتم وأقول: لقد بذلنا كل ما بوسعنا لتغطية عوراتهم وارتزاقهم لإيران، وكل من كان يقول إنهم يتبعون طهران وليسوا يمنيين ننبري له دفاعا عن يمنيتهم وقحطانيتهم وعن كونهم عربا أقحاح وعيال العترة وكليمي جبريل والمبشرين والصالحين والطالحين. صحيح أننا دفعنا ثمنا باهظا ومكلفا جدا لتلك المواقف لكن عزاءنا اليوم هو أن ذلك الثمن الذي كان بحجم الزعيم الخالد علي عبدالله صالح والأمين البطل عارف الزوكا رحمة الله عليهما، هو من عرّاهم تماما وكشف حقيقتهم لكل يمني يحمل قيراطا واحدا من العقل والضمير والوعي. كما أن ذلك الثمن أصبح الثمن الحقيقي لحرية وعزّة وحياة أكثر من (25) مليون يمني ولأجيال لاحقة. ستتفيأ خمائل شجرة الكرامة التي سُقيت بدماء الشهيدين الخالدين ( الزعيم) و ( الأمين) ورفاقهما وكل الشهداء والجرحى الذين يبذلون الساعة أرواحهم ومهجهم في ميادين الشرف والبطولة، سواء من رجالات المقاومة الوطنية وألوية “حُرّاس الجمهورية” البواسل أو غيرهم في مختلف الجبهات .