مسلمو البوسنة يحيون ذكرى مذبحة سريبرينتشا التي قتل فيها الآلاف
يحيي مسلمو البوسنة الخميس ذكرى مذبحة سريبرينتشا التي قتل فيها آلاف الأشخاص. وانطلق الآلاف الإثنين في مسيرة، تمتد على مئة كيلومتر، إلى المنطقة في شرق البوسنة لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية حسب وصف محكمة العدل الدولية. وتعود هذه الأحداث التي تعد “واحدة من أحلك اللحظات في تاريخ أوروبا الحديث” إلى تموز/يوليو 1995، حيث قتلت قوات صرب البوسنة نحو ثمانية آلاف مسلم من رجال ومراهقين.
بعد شهرين من تخصيص الأمم المتحدة يوما سنويا لإحيائها، أحيا آلاف الأشخاص الخميس في سريبرينتشا ذكرى المذبحة التي تعرض لها مسلمو البوسنة خلال الحرب الأهلية في البلاد عام 1995.
ففي تموز/يوليو 1995، سيطرت قوات صرب البوسنة بقيادة راتكو ملاديتش على مدينة سريبرينتشا، قبل أشهر قليلة من انتهاء الحرب الأهلية التي استمرت ثلاث سنوات في البوسنة.
وفي الأيام التالية، قتلت قوات صرب البوسنة نحو ثمانية آلاف مسلم من رجال ومراهقين، في جريمة وصفتها المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة ومحكمة العدل الدولية بأنها إبادة.
“لأنهم يحملون اسما (مسلما) مختلفا”
وجاءت مولودة حسنوفيتش عند قبر ابن عمها الذي كان عمره 18 عاما عندما قُتل. وقالت “الأمر صعب عندما يأتي تموز/يوليو. انتهى بهم الأمر على هذا النحو فقط لأنهم يحملون اسما (مسلما) مختلفا”.
وفقدت حسنوفيتش أكثر من عشرة من أقاربها الذكور في المذبحة، بينهم والدها وزوجها الذي يقع قبره بجوار قبر ابن عمها. ودفن رفاته مرتين إذ عثر عليها في مقبرتين جماعيتين مختلفتين.
وأكدت السيدة البالغة 54 عاما لوكالة الأنباء الفرنسية، أنها لا تزال تبحث عن بقايا شقيقها، “على الأقل عظمة واحدة” لدفنه.
في أواخر أيار/مايو أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة تخصيص يوم عالمي لذكرى الإبادة في سريبرينتشا، على الرغم من المعارضة الشديدة لصرب البوسنة ولصربيا.
نفى ميلوراد دوديك، رئيس الكيان الصربي في البوسنة، مرارا أن تكون حصلت إبادة جماعية، وقال إن إدارته لن تعترف بالقرار. لكنه عبر الخميس عن تعاطفه مع أسر الضحايا.
وكتب في منشور على موقع “إكس” قائلا “بغض النظر عن خلافاتنا، يجب علينا أن نظهر الاحترام للألم والمعاناة التي حلت بالعديد من الأشخاص من جميع الأمم والأديان في البوسنة والهرسك”.
أصدرت محكمة تابعة للأمم المتحدة حكما بالسجن مدى الحياة على الزعيم السياسي لصرب البوسنة رادوفان كارادجيتش وقائد جيشه راتكو ملاديتش، بتهمة ارتكاب جرائم حرب بما في ذلك الإبادة الجماعية في سريبرينتشا.
“الحمد لله، وجدنا بعضا من عظامه”
ويدفن الخميس رفات 14 آخرين من الضحايا، بينهم فتى كان في السابعة عشرة، في مقبرة تذكارية في بوتوكاري، خارج سريبرينتشا مباشرة. وسيدفن بيريز موييتش الذي عثر على رفاته في منطقة سريبرينتشا العام الماضي، بجوار شقيقه حازم.
وحتى الآن، تم دفن رفات 6988 من ضحايا سريبرينتشا، ومنها الكثير غير مكتمل، وغالبيتها تحت شواهد القبور البيضاء في بوتوكاري.
وعثر على الرفات في 87 مقبرة جماعية، وقالت متحدثة باسم معهد المفقودين في البوسنة لوكالة الأنباء الفرنسية إنهم ما زالوا يبحثون عن نحو ألف شخص.
وللتغطية على الجريمة، قامت قوات صرب البوسنة بنقل جثث الضحايا إلى مقابر جماعية ثانوية. ووقفت كادا سيكوفيتش، برفقة ابنتيها وابنها، بجانب نعش زوجها موسان والدموع تنهمر على وجهها.
وتم انتشال أجزاء من عظم ذقنه في عام 2010، لكنها رفضت إقامة مراسم الدفن إلى أن عُثر على المزيد من الرفات في العام الماضي.
وقالت لوكالة الأنباء الفرنسية: “الحمد لله، وجدنا بعضا من عظامه” متذكرة اللحظة المؤلمة التي تفرقت فيها عائلتها عام 1995.
أضافت “بكى وقبل الفتاة (ابنته) وحضن الصغير (ابنه البالغ من العمر خمس سنوات وقال له +سأراك+”.
“واحدة من أحلك اللحظات في تاريخ أوروبا الحديث”
وصف الاتحاد الأوروبي، الذي تطمح البوسنة للانضمام إليه، الأربعاء هذه الفظائع بأنها “واحدة من أحلك اللحظات في تاريخ أوروبا الحديث”.
وقال منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل والمفوض الأوروبي لشؤون التوسيع أوليفر فارهيلي في بيان مشترك: “لا مكان بيننا لأولئك الذين ينكرون الإبادة الجماعية ويحاولون إعادة كتابة التاريخ وتمجيد مجرمي الحرب”.
وانطلق آلاف الأشخاص الإثنين في مسيرة، تمتد على مئة كيلومتر، إلى سريبرينتشا في شرق البوسنة لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية. وتنظم هذه المسيرة سنويا انطلاقا من سريبرينتشا وصولا إلى قرية نيزوك التي وصلها أوائل الناجين حينها.
ودارت الحرب في البوسنة بين 1992-1995 بين الكروات والمسلمين والصرب، وأودت بحياة ما يقرب من 100 ألف شخص. وبعد ما يقرب من ثلاثة عقود من انتهاء الحرب، لا تزال الدولة في البلقان منقسمة بشدة على أسس عرقية.