السلام المستحيل
أحياناً، وقبل الحديث عن أي سلام، في أي موطن من مواطن الصراعات المسلحة، يتوجب على المرء إدراك أن السلام الحقيقي لا يأتي إلا من فوهة البندقية، وما دون ذلك يصبح السلام من دون معنى، لأنه ببساطة، لا يتضمن مخرجاً عادلاً ومنصفاً للجميع.
وقياساً على ما سبق.. عملية السلام، بين قوى الشرعية ومليشيا الحوثي الانقلابية، سلام غير متوازن أو متكافئ مع جماعة متغطرسة متعطشة للدم تمارس القتل من أجل القتل، ولا تؤمن بالسلام كخيار مطلقاً، ناهيك عن أن حربها، تقوم على أرضية دينية “حرب مقدسة ” وبالتالي أي زحزحة لها عن موقفها المتصلب هذا يصبح ضرباً من المستحيل.
ومن هذا المنطلق، من يقول بأن جماعة الحوثي تسعى إلى سلام شامل، وتعمل من أجل إخراج البلاد من هذا النفق المظلم، دون رادع حقيقي، ليس إلا محض هراء.
فالسلام بالنسبة لهم، هو انتحار ومغامرة غير محمودة العواقب، وإن كان هناك سلام ينشدونه، فهو سلام يبقيهم أسياداً ومتسلطين.
إن انعدام الضغط العسكري على الأرض، وعدم العمل على خلق توازن للقوة، لا يساعد على إتمام سلام دائم وعادل.
كما أن الدوافع، والمغريات المطروحة على طاولة السلام تكاد تكون معدومة بالنسبة لمليشيا الحوثي، فمعه الأرض والقوة، وبيده قرار الحرب والسلم، وتحت سطوته شعب فقير، يساومهم على الموت في الجبهات مقابل لقمة العيش، إضافة إلى عملية التدجين والتجهيل المتعمد، والتعمية الممنهجة للشباب والنشء.
كما أن هناك هاجساً يؤرق جماعة الحوثي، هو يقينهم التام بأن لا حاضنة شعبية لهم، في حال حل السلام وعمَّ، وأمن كلٌ على فكره ورأيه، ساعتها سيعرض الجميع عنهم وينفضُّون، فمن سيستطيع حينها التعايش مع حركة سلالية عنصرية ترى لنفسها الحق الإلهي، دون غيرها بالحكم والثروة.
من الواضح أن الحوثيين يسعون إلى مزيد من الضغط والابتزاز، للمجتمع الدولي، والمبعوث الأممي، مستخدمين ورقة السلام غير صادقين، ولا جادين لتحقيق مزيد من المكاسب المجانية، التي تهدى له، بدون حرب، أو مواجهات.