منبر حر لكل اليمنيين

الكتاب المدرسي والتعليم في مناطق مليشيا الحوثي قصة ضمير غائب وعملية فاشلة

50

توقف العمليات العسكرية في أغلب مناطق اليمن، إلا أن تبعات هذه الحرب لاتزال تُشكل عبئاً ثقيلاً على حياة المواطنين، منها تدهور قطاع التعليم، بسبب الرسوم المالية الباهظة التي تفرض على أولياء الأمور عند تسجيل أبنائهم في المدارس.

بحسب أولياء أمور فإنه يتوجب عليهم تسجيل أولادهم بدفع رسوم ثلاثة مراحل الرسوم الأساسية – الزي المدرسي – قيمة الكتاب؛ مقابل دخول أبنائهم المدارس، وهو ما جعل العملية التعليمية في اليمن تبدو مستحيلة على البعض أو في غاية الصعوبة والتعقيد بالنسبة لهذا الجانب فقط، كما تم تحويلها إلى نوع من الرفاهية لعائلات الطبقة الغنية والمتوسطة، مما ينذر بارتفاع نسبة الأمية التي مهدت لها حرب الحوثي إلى نسبة كبيرة وتفشي الجهل في جيل كامل قادم للحياة.

لا شك أن الرسوم الدراسية مكلفة جداً وفوق قدرة أغلب الأسر اليمنية نتيجة طبيعية للعديد من الأسباب، فمن غير المعقول أن يتم دفع ثلاثة رسوم لأسرة لديها خمسة أطفال، ناهيك عن الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها أغلب الأسر، وهو ما اضطر أغلبهم ارسال أبنائهم إلى أسواق العمل من أجل مساعدتهم في تخفيف أعباء الحياة، ومنهم من يقوم بإرسالهم للجبهات مقابل حفنة من الريالات والقصة طويلة في هذا المسار.

يقول أحد أولياء الأمور أنه ذهب لتسجيل تثنين من أبنائه في المدرسة مطلع العام الماضي وتفاجأ بطلبهم ثلاثة رسوم، رسوم دراسية لتسجيل الطالب، ورسوم زي مدرسي، ورسوم كتب دراسية، علماً أن الرسوم تتجاوز المائة ألف ريال في أبسط المدارس الخاصة، بينما لا يجد الطالب في المدارس الحكومية لا كتب مدرسية ولا تعليم، وعليه شراء معظم المتطلب من المواد من الأسواق السوداء التي تدار بدعم حوثي، رغم أنه تفرض عليه رسوم بشكل متقطع طوال العام.

وفي ظل هذا التهميش والاهمال وتحويل القطاع التعليمي إلى سوق للمتاجرة، نجد أن التعليم في اليمن يحتضر في السنوات الأخيرة، خاصة في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، حيث أصبح التعليم فيها شبه منعدم، كما أن فرض مثل هذه الرسوم التعجيزية، تسببت في تسرب الطلاب من المدارس والعمل في مجالات غير مناسبة لأعمارهم حتى أن بعضهم اتجه للتسول بحسب بعض التقارير، بالإضافة إلى التغيير في المناهج التعليمية ونقص المستلزمات الأساسية التي يجب أن توفرها الدولة للطلاب.

يقول الطفل (ياسر فيصل) البالغ من العمر 14 عاماً لـ “يمن المستقبل” من أبناء محافظة تعز أنه ترك المدرسة بسبب الرسوم الباهظة، وبأن والده عجز عن شراء له الزي المدرسي والكتب، وهو يعمل الآن في جميع العلب البلاستيكية وبيعها بثمن لا يساوي سعر كيس خبز، تاركاً خلفه مقعده الدراسي لعدم قدرته على دفع رسوم التسجيل ورسوم الزي المدرسي ورسوم الكتب المدرسية.

يضيف ياسر بأنه لم يتخلى عن المدرسة وأنها هي من تخلت عنه عندما فرضوا عليه كل هذه المبالغ المالية الكبيرة، غير أنه لا يمانع من الذهاب للمدرسة ليكمل تعليمه، وقد حاول مرات عديدة إلا أن مدير المدرسة قام بطرده بسبب عدم شرائه للزي المدرسي.

ووفقا لمنظمات الأمم المتحدة وتقارير عدد من المنظمات المحلية والاجنبية والاحصائيات المخيفة فإن ظاهرة تخلي نسبة كبيرة من الأطفال عن المدارس يحدث بكارثة تتفاقم من سنة لأخرى نتيجة استمرار الصراع واعتماد أطراف النزاع في اليمن بما فيهم مليشيا الحوثي على استقطاب النشء والشباب عبر المراكز الصيفية والتي يولونها اهتمام كبير للاستفادة منها في رفد الجبهات والدورات الثقافية العقائدية.

وتشير التقرير إلى وصول نسبة الأمية خلال العشر سنوات الأخير نسب مخيفة وأن هناك أكثر من 2 مليون متسرب عن التعليم من الجنسين كما عملية التهجير القسري التي قام بها الحوثي أو نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة أثرت بشكل كبير ناهيك عن تدمير مئات المدارس بشكل كلي ومثلهن بشكل جزئي وتحويل بعضهن إلى مخازن عسكرية للسلاح ومساكن للجنود ووقوع بعضهن على حدود التماس.

الاخطر من كل ذلك تصنيف اليمن إلى جانب بعض الدول العربية الأخرى التي تعيش أحداثا مأسوية على أنها من الدول الفاشلة وهذا يشكل عائقا أمام الطلاب القادمين من مناطق الحوثي من جامعيين ومراحل أساسية، والأخطر من ذلك تحويل مؤسسة الكتاب للطباعة إلى مطابع خاصة بملازم الهالك حسين بدر الدين الحوثي مؤسسة الجماعة والذي لقي مصرعه في الحروب الستة على يد قوات الجيش اليمنية.

تعليقات