منبر حر لكل اليمنيين

“أنا متعبٌ يا أبي”

69

“أنا متعبٌ يا أبي”
خائفٌ كحياةٍ
يساقُ إلى حِجْرها
كل يومٍ صبي..
أين أهربُ
كيفَ أخبئُ هذا الدخانَ
الذي يتصاعدُ من حطبِ العُمرِ
كيفَ أضمدُ جرحَ الوجودِ
الذي تسقُطُ الأرضُ
في قعرهِ كلَّ يومٍ
وتتركُ لي حزنها
ليدحرجني عبثاً لأعالي الضياعِ
وتبحثُ في أفقها عن نبيٍ؟

أنا خائفٌ
وجهُ أندى القرى
شوهتهُ العواصفُ
عادَ لسيرتهِ
وأنا يتَفصَّدُ في جُبتي الوحيُ
لكن سمعَ المدى قُدَّ من حجرٍ
والسُيوفُ تُحاصرني من جميعِ الجهات.

أنا تائهٌ مثلَ كلِّ العصافيرِ
أبحثُ عن وطنٍ
لأحطَ برأسي على صدرهِ
وطنٌ ينبتُ الحلمُ
فوقَ سطوحِ منازلهِ مطمئناً
ويشرقُ
في كلِّ قلبٍ تؤرجحهُ الظلماتُ
وتلقي بهِ في متاهاتها
كاحتمالٍ عقيمٍ.

أنا متعبٌ وحزييييينٌ
ككلِّ السنينِ التي عِشتَها
وسكرتَ بصبارها يا أبي
والتي لمْ تعشها
ولكنْ رسمتَ انهياراتها
في جدارٍ تداعى بعينيكَ
مذْ خذلتكَ انكساراتنا والدموع.

أنا متعبٌ ينعقُ الآنَ فيَّ الغرابُ
الذي لا يزالُ يُعلمُنا
كيفَ ندفنُ ما اقترفتهُ رغائبُنا
في رمالِ اعتذارتنا
ويُذكِرُنا إننا أثمون.

أنا متعبٌ يا أبي
كاهلُ القلبِ أوهنُ
من حَملِ
هذا الأسى المتمددُ منفرداً
ويدُ الليلِ
أطولُ من شمعةٍ -أنتَ أشعلتها-
تتضاءلُ في جسدٍ آيلٍ للذبولِ
فمذْ قلتَ لي:
كلُّ يومٍ هو العيدُ
أرهبتني
من دخولِ البنوكِ
فأنفقتُ روحي
ومِتُ مراراً
على عتباتِ دروبِ الشرفْ.
أبي أنتَ حصنتني بالشمائلِ
من شطحاتِ الضميرِ
وعلمتني أن أعِفَّ يدي..
كي أُجلّ غدى.
غيرَ أني ضعيفٌ
ولا ظهرَ لي
بعد أن ضاقتِ الأرضُ
يا أبتِ باتساعِ كروشُ اللصوصِ
تُرى هل تصدقني ؟
هل تصدقُ هذا البكاءُ
الذي يتوثبُ مفترساً شجرَ الصبرِ
في مهرجانِ العواءِ الكبير.

تعليقات