فضيحة شبكة التجسس تكشف عشوائية مليشيا الحوثي وتخوفها من أي نشاط
اعلنت مليشيا الحوثي (ذراع إيران في اليمن) ضبط ما اسمتها “شبكة تجسس” في صنعاء تعمل تحت غطاء المنظمات الإنسانية، زاعمة أنها مرتبطة بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) والموساد الإسرائيلي وتنفذ أنشطة “تجسس” في اليمن منذ سنوات طويلة.
وتزامن الاعلان الحوثي بعد أيام قليلة من إعلان البنك المركزي بعدن بإيقاف ستة بنوك على خلفية عدم نقل مقارها من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، وكذلك دعوات وزارتي النقل والاتصالات شركات الاتصالات والمنظمات الدولية نقل مقارها هي الأخرى إلى عدن، ما اعتبره مراقبون اقتصاديون طعنة في خاصرة الاقتصاد الحوثي.
وزعمت مليشيا الحوثي، على لسان القيادي بالجماعة ورئيس ما يسمى بجهاز “الأمن والمخابرات” عبد الحكيم الخيواني، الإثنين، “إلقاء القبض على شبكة تجسس أمريكية إسرائيلية، قامت بأدوارٍ تجسسية وتخريبية في مؤسسات رسمية وغير رسمية، على مدى عقود لصالح العدو، عبر عناصرها المرتبطين بشكل مباشر بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الـ CIA”.
الخلية التي اعلن عنها جهاز مخابرات الحوثي تضم 10 اشخاص من الموظفيين المحليين الذين كانوا يعملون في السفارة الأمريكية ومنظمات دولية، كان قد اختطفهم الجهاز الاستخباراتي واخفاهم قسراً منذ ثلاث سنوات.
وأظهر تسجيلا مرئيا بثته وسائل اعلام المليشيا اعترافات لعدد عشرة من الموظفين المختطفين بعد ان ارغمتهم على الاعتراف بالقيام بادوار وأعمال تجسسية وتخريبية في مؤسسات رسمية وغير رسمية، على مدى عقود لصالح العدو، عبر عناصرها المرتبطين بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الـ (CIA) والموساد الاسرائيلي – حد زعمها.
وزعمت المليشيا بأن أفراد “شبكة التجسس” ظلت تعمل لصالح “المخابرات الأمريكية والإسرائيلية” حتى بعد إغلاق السفارة الأمريكية عام 2015م، وسردت في بيان مطول سلسلة من الاتهامات بحق المختطفين، إلا أن الاعترافات التي أدلى بها المختطفون يمكن لصحفيي التحقيقات الاستقصائية جمعها بكل سهولة من خلال علاقاتهم، ولا تحمل أي مخاوف استخباراتية.
وأرجع مراقبون، حالة الإرباك التي تشهدها مليشيا الحوثي إلى القرارات الأخيرة الصادرة عن الحكومة الشرعية، في حين أرادت المليشيا إرسال رسائل للمجتمع الدولي المتعاطف معها وفي مقدمته واشنطن (المتهمة) مفادها، تخفيف الضغط عنها، خصوصاً والمثير من المحللين العسكريين ينظرون إلى أن حرب الهجمات في البحرين الأحمر والعربي، لم تأت ثمارها بالنسبة للحوثيين، كما أن نهايتها اقتربت.
المليشيا الحوثي، ذكرت من بين ابرز الاتهامات الموجهة للمختطفين، جمع معلومات عن موازنة حكومة المليشيا في صنعاء (مع أن الحكومات في بلدان العالم تعلن عن موازنتها جهراً، وبينها الحكومة اليمنية الشرعية)، ونقل “شفرة” البنك المركزي من صنعاء إلى عدن عام 2016م، متجاهلة أن القرار كان سياديا من الحكومة، ونقل داتا البيانات تم عبر موظفين مختصين ووكلاء قطاعات لدى البنك نفسه.
المليشيا أضافت لتلك التهم، تهما اخرى، حتى تظهر مقنعة للقارىء البسيط، حيث قالت إن أعضاء في الخلية قاموا بنسخ بيانات سيرفرات مصلحة الهجرة والجوازات بصنعاء بـ”فلاشة” – في تهمة هي بمثابة استخفاف بعقل المتابع نفسه، حين تزعم أن قاعدة بيانات الهجرة والجوازات يمكن نسخها في فلاشة وليس في هارد على أقل تقدير، مشيرة في الوقت نفسها انها “قدمت لضابط بالمخابرات الأمريكية”، علاوة على نشر المختطفين الأمراض الحيوانية والآفات الزراعية (تغطية على فضيحة قياداتها السماح بادخال المبيدات المحظورة) وتشجيع الاختلاط واستهداف التعليم والانتاج المحلي الزراعي.
وسخر مراقبون، من توجيه الحوثيين تهما للشبكة التي قالوا انها ترتبط مع وكالة الاستخبارات الامريكية (سي اي ايه) بانها قامت بتقديم معلومات أو افشاء اسرار أو معلومات استخباراتية تلك المعلومات التي ادلى بها المعتقلون واعتبروها اعترافات وهي بالحقيقة تعد هي جزء اساسي من عملهم الوظيفي في السفارة الامريكية والكثير من العاملين بكل السفارات والمنظمات يعلمون ذلك، حتى ان الصحفيين الاستقصائيين بمقدورهم البحث والحصول عليها.
وقال المراقبون ان الاثباتات والبراهين التي يستدل عليها الحوثيون هي تقارير وبحوث ودراسات تقييم وتحليلات يقدمها الموظفين والخبراء المختطفين في مجالات اختصاصاتهم منها حيث ان من مهام المنظمات والجهات المانحة ان تقدم دراسات تقييم للفجوات التي تحتاجها تلك الجهات لسدها في تنفيذ مشاريعها في سياق اعمالها الاغاثية والإنسانية والتنموية.
وسبق أن وجهت المليشيا الحوثية المدعومة من إيران في مرات عديدة تهما مماثلة لمواطنين يمنيين واجبرتهم تحت الإكراه في سجونها، على الاعتراف بالتخابر مع الأمريكان والإسرائيليين.
ونفذت مليشيا الحوثي خلال الشهر الجاري، عبر مايسمى جهاز “الأمن والمخابرات”، حملة اعتقالات واسعة ضد الموظفين الأمميين والعاملين والخبراء في المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية في صنعاء والحديدة وعمران وصعدة وحجة، وهو ما أسفر عن اختطاف نحو 60 شخصاً، بينهم نساء.
وكان البيان الصادر عن وزارة الداخلية التابعة لحكومة المليشيا غير المعترف بها، قد أشار الى نشر سلسلة اعترافات لاعضاء الخلية التجسسية التي زعمت انها تعمل لصالح الأمريكان والإسرائيليين في الفترة المقبلة.
اللافت للأمر ان حملة المليشيا على المنظمات جاءت بعد أيام قليلة من قرار البنك المركزي في عدن إيقاف ستة بنوك على خلفية عدم نقل مقارها الرئيسية من صنعاء إلى العاصمة الكؤقتة عدن، ودعوة الحكومة المعترف بها هي الأخرى، المنظمات الدولية والمحلية لنقل مقارها من صنعاء إلى عدن أيضاً، وهو مافسره البعض عن قلق حوثي أزاء تحويلات المنظمات مما يؤثر على تقليص جباياتها وتحكمها بالمشاريع واموال المانحين.
مشيرين ان كشف المليشيا عن ما اسمته بـ “الخلية التجسسية” يهدف لاستخدام المختطفين كورقة ضغط لابتزاز الامم المتحدة والمجتمع الدولي والضغط عليه وعلى الحكومة اليمنية لايقاف الاجراءات الحكومية الأخيرة ولنهب ومصادرة أرصدة المنظمات التي يعمل بها المختطفين الذي تتهمهم المليشيا بالتجسس.
ايقاف جزئي
وذكرت مصادر مطلعة لوكالة خبر، ان المنظمات غير الحكومية الدولية في محافظة الحديدة ابلغت شركات المتابعة والتقييم وشركات النقل والترحيل بايقاف كل الانشطة والتحركات لجميع المنظمات وشركات المتابعة والتقييم والنقل وغيره حتى إشعار آخر – لم تتم الموافقة عليها من قبل (SCAMCHA) وهو المجلس المستحدث من قبل الحوثيين المسيطر على اعمال الأغاثة في مناطق المليشيا.
ادانة أممية
وادان الأمين العام للأمم المتحدة “أنطوني غوتيريش” الثلاثاء 11 يونيو/حزيران “احتجاز” جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا 17 من موظفي الأمم المتحدة بينهم 4 اختطفوا خلال الأعوام الماضي، واصفا ذلك بالتطور المقلق.
وطالب غوتيريش من وصفها بـ”سلطات الأمر الواقع” بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة المحتجزين.
وجاءت دعوة الأمين العام للأمم المتحدة خلال اجتماع مع مبعوثه الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ، أثناء تواجدهما في الأردن على هامش مشاركة الأمين العام في مؤتمر رفيع المستوى حول غزة.
ووصف الأمين العام المتحدة اختطاف الموظفين الأمميين بالتطور المقلق. وقال إنه “يثير مخاوف جدية بشأن التزام الحوثيين بحل تفاوضي للصراع. الأمم المتحدة”.
وفي السياق، دعا مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، مليشيا الحوثي إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن الموظفين الأمميين.
وعبَّر فولكر عن قلقه الشديد حيال ظروف احتجازهم، ورفضه الإدعاءات الحوثية، التي وصفها ب”المشينة” بحقهم.
كما دعا إلى معاملة المحتجزين باحترام كامل لحقوقهم الإنسانية، والحفاظ على كرامتهم، وضمان حقهم في التواصل مع عائلاتهم.
من جانبها، أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش، أن الاعترافات التي نشرتها مليشيا الحوثي، مساء أمس، لموظفي السفارة الأمريكية والمنظمات “تفتقر إلى أي مصداقية”.
وقالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش، في تدوينات على منصة إكس، أن الفيديوهات التي أصدرها الحوثيون لموظفي السفارة الأمريكية/المنظمات غير الحكومية الذين اعتقلتهم وهم يعترفون بالتجسس. “تقوض الحق في المحاكمة العادلة وتفتقر إلى أي مصداقية”.
وأضافت “وثقت هيومن رايتس ووتش وآخرون استخدام الحوثيين للتعذيب للحصول على اعترافات منذ سنوات”.
وأشارت إلى أن الاعتقالات التعسفية الأخيرة التي قام بها الحوثيون بحق موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، سبقها الحكم على أكثر من 40 شخصاً بالإعدام دون محاكمة عادلة، وبعد تعرضهم للتعذيب، وقالت إن ذلك “يأتي ضمن انتهاكاتهم المتصاعدة بحق اليمنيين خلال الأشهر القليلة الماضية”.
وأردفت “جعفرنيا”، أن الإجراءات الحوثية تعرض جميع أعمال الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان في اليمن للخطر في وقت تواجه فيه البلاد تفشي المرض على نطاق واسع للكوليرا، إلى جانب أزمة إنسانية ضخمة في حال لم يتمكن اليمنيون من الوصول إلى الغذاء أو الماء الكافي.
واعتبرت المسؤولة الحقوقية أن عمليات الاختطافات الحوثية الأخيرة التي طالت موظفي الأمم المتحدة وموظفي المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني، تأتي ضمن “القمع الوحشي على المجتمع المدني في اليمن”.
وطالبت جعفرينا الحوثيين إلى إطلاق سراح أي من موظفي الأمم المتحدة والعاملين في الجماعات المستقلة الأخرى الذين اعتقلوهم بسبب عملهم في مجال حقوق الإنسان والعمل الإنساني، والتوقف عن الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري للأشخاص على الفور.