منبر حر لكل اليمنيين

ملتقى مأرب الوطني.. ضرورة وطنية لوحدة مأرب أرضًا وإنسانًا

47

فكرة انشاء مكون مدني اجتماعي وسياسي بحجم ملتقى مأرب الوطني، والذي يجمع طيفاً كبيراً من مكونات المجتمع المأربي تعدّ فكرة عظيمة وجريئة تجاوزت سياسة الذين يراهنون على تفتيت المجتمع المدني في مأرب، والهدف الحقيقي لهذا الملتقى هو في توحيد المجتمع المأربي الذي ظل يعاني من ندوب عميقة مع زيادة العبث، ووجود من ينمي واقع الانقسام الداخلي لدى المأربيين.

حالة ألا دولة التي تشهدها اليمن مع استمرار هذه الحرب ، وكذلك انهيار المؤسسات وسعي بعض القوى للانفراد بالسلطة واستغلالها لهذا الوضع ، انعكس سلباً على محافظة مأرب ، واستغلت بعض القوى السياسية هذا الوضع لتخنق محافظة مأرب وابناءها بأجندة موجهة ضد المأربيين وأهدافهم ومصالحهم .

وسعت هذه الاطراف في السنوات الماضية إلى بث الخلافات والصراعات في النسيج المجتمعي بمأرب، وهي من وراء ذلك تهدف للمحافظة على مصالحها التي استولت عليها بالقوة ولبقائها اكثر في سدة حكم مأرب، ولن تتمكن من فرض أجندتها وخياراتها إلا باستهداف النسيج الاجتماعي والمدني والقبلي في مأرب.

يتنوع ملتقى مأرب الوطني، فهو يضم مكونات واسعة اجتماعية وقبلية وشبابية، والجميع متفق على أن يعملوا لخدمة مصالح محافظتهم، ووضع أولويات حقيقية لانتشال المحافظة من وضعها الحالي، ومواجهة الاختلالات والفساد وتعزيز مشروع دولة حقيقية وعادلة يضمن لمجتمع مأرب أن يكون له خياراته المشروعة في العيش برخاء وضمان شراكة حقيقية في السلطة والثروة ، و ليضمن تطبيق العدالة والشفافية بعيداً عن الاحتكار للمؤسسات وتملك الموارد، واستخدامها في مشاريع سياسية ضيقة الأفق ،تقوم على واقع من العبث والانانية وفرض واقع الصوت الواحد وخنق المأربيين بالاتهامات والتخوين واعلان الحرب عليهم إذا ما اقتضت الضرورة ذلك.

وكان لابد أن يخرج ملتقى مأرب الوطني إلى النور ليكون طوق النجاة وينظوي كل المأربيين تحته سقفه، لتعزير وحدتهم وقيمهم ومشروعهم المشترك، والذي ينهي حقبة من العبث واستغلال مأرب وجعلها بعيدة عن تحديد أولوياتها السياسية والتنموية والاقتصادية.

لم يأتي الملتقى من فراغ، بل أنه يمثل توجهاً وطني وسياسي وهو استشعار حقيقي بخطورة المرحلة ،التي تمر بها مأرب والوطن من ظروف وتعقيدات وسياسات ، أو ما قد تؤول اليه الأوضاع إذا ما أستمرت بعض القوى في توسيع سياسات خنق واقع المجتمع في مأرب، وتغييبها للتنمية ووضع سياسات غامضة وإقصائية ضد المجتمع بمأرب و دون أن تقوم ببناء الواقع المؤسسي ولم تحافظ على الثروة وتضع مصلحة مأرب على أنها المصلحة المقدمة على أي خيار سياسي.

هذه الاطراف التي وضعت المحافظة ضمن خياراتها الأولى، واعتقدت أن حكم مأرب بمعزل عن مصلحة أبنائها واتجهت لاستخدام لغة التهديد والوعيد، والتخوين وممارسة سياسة عنصرية استهدفت مصالح المأربيين لأهداف سياسية بحتة ، ووضعت يدها على السلطة والثروة ، دون أن تشرك أبناء مأرب في مصير محافظتهم  في الحرب والسلم ، وذهبت بالمحافظة  لتخسر وجودها ومساحتها وعمقها التاريخي.

إذا استمر النهج القائم والسائد في مأرب على ما هو عليه، من حيث أن هناك انقسام في المصالح السياسية والتنموية التي تحتاج لها محافظة مأرب، إلى جانب الإقصاء الذي يمارس ضد ابناء المحافظة من قبل قوى سياسة مسلحة تسيطر على مأرب، فإن هذا يهدد الانسجام والتماسك الداخلي ويجعل مأرب تعاني من حين لآخر من الصراعات والانقسامات ويجعلها مهددة بسيطرة الحوثيين عليها والذين أصبحوا أقرب اليها من أي وقت مضى بعد أن تجاهلت سلطة مأرب مخاطر الحوثيين وذهبت لتؤدي خيار ودور سياسي، مما سمح للحوثيين بالتوسع حتى صاروا يحيطون بالمحافظة من كل اتجاه.

أن فكرة وحقيقة ملتقى مأرب الوطني هو في الأساس دعوة وطنية خالصة، تصب في مصلحة مأرب اولاً، ويجب الالتفاف حولها لان ذلك سيضمن تحريك جميع القوى الوطنية الفاعلة بمأرب من منطلق مصلحة مأرب أولاً الأرض والإنسان ، كما ان ذلك سيكشف عن حقيقة من يدعي أنه مع مصلحة مأرب ومن يعمل لمصالحه الشخصية والحزبية، وهؤلاء هم من وقفوا ضد فكرة انشاء مكون ملتقى مأرب الوطني من البداية ، وحاولوا ومازالوا يتجهون لإضعافه لما يمثله من اجماع كل المأربيين.

فملتقى مأرب الوطني هو الممثل لكل مصالح أبناء وسكان وقبائل مأرب، وهو أسس تشكيل جبهة عريضة لإيقاف أي سياسات لا ترتبط بأمن واستقرار ورفاهية أبناء مأرب كما أن رفض واقعه ووجوده من بعض القوى السياسية و العابثة بمأرب، يرتبط بخوفها من تأثيره على واقع الأحداث والمتغيرات فيها، لكن يظل ملتقى مأرب كمكون ساهم في وحدة أبناء مأرب بكل اطيافهم الاجتماعية والسياسية وشرائحهم القبلية، ولذلك جاءت الاستجابة سريعاً من أغلب مكونات مأرب الفاعلة، للانضمام لهذا المكون وحل قضاياهم وحسم كل مشاكلهم، التي عجزت عنها السلطات القائمة وأحزابها السياسية النفعية.

*رئيس مركز مداري للدراسات والأبحاث الإستراتيجية.
7 يونيو 2024.

تعليقات