تعذيب اليمنين في عُمان.. الكرامة والغُبن الجاثم على الروح والجسد
لفت صمت الحكومة الشرعية في اليمن نظر الجميع، من كتاب وصحفيين وناشطين ومراقبين، وتبارى كثير من هؤلاء في تحليل الأسباب التي منعت الشرعية من الإدانة أو حتى التعليق حول الجريمة البشعة التي تعرض لها سبعة مواطنون يمنيين في الحدود اليمنية – العُمانيه على أيدي الجيش العُماني في الثلاثين من مايو الماضي، وقد وثق فيديو حديث الضحايا عن ما تعرضوا له من تعذيب جسدي بشع على أيدي الجيش العُماني الذي نكل بهم واعتدى عليهم بالضرب المُبرح مما سبب لهم جروح جسدية خطيرة وأذى نفسي يصعُب التعافي منه، وقد ألهبت هذه الجريمة البشعة والاعتداء المفرط بحق الضحايا، غضب اليمنيين ووحدت كلمتهم ومشاعرهم وإرادتهم، كما لم يحدث من قبل.
لاشك أن الفيديو الذي أظهر تعرض يمنيين للضرب المُبرح والتعذيب السادي من قبل الجيش العُماني مُهين ومؤلم، خاصة وأن الصورة الناطقة المتحركة توقظ في وعي الإنسان الكامن من مشاهد ومواقف ومشاعر، سواء كان له علاقة بما حدث أو العكس، لكن الفيديو بالنهاية جسد معنى الغُبن الجاثم على الروح والجسد وعدم شعور الجسد بالأمان خارج حدود بلده.
ورغم مرور أسبوع على هذه الجريمة البشعة التي استفزت اليمنيين، وأصبحت محور اهتماماتهم، فقد ظلت الشرعية صامته كما لو أن هذه الجريمة لا تعنيها بالمطلق، أو أنها (الشرعية) منيعة كلياً عن أي جرائم ترتكب بحق مواطنيها، مكتفية بغرقها في وحل الضياع والفساد واللا مبالاة.
وأمام هذا الصمت المخزي والمُعيب من قبل الشرعية تجاه ما يتعرض له مواطنيها، فقد المواطن اليمني الشعور بالأمان في كل مكان يذهب له، وأصبح جثة بلا أي قيمة، أو أنه تحول إلى سائبة لا تعني له الكرامة شيئاً ولا تثيرهُ رياح الحرية.
ولعل صورة واحدة تكفي أحياناً، أمام كل هذا الظلم الذي يتعرض له اليمني، لتؤجج الغضب المتراكم من شعور عميق بتكرار الإهانة والاستهانة، وقد لا يكون هذا الفيديو المتداول الأشد تعبيراً عن مساس كرامة الإنسان اليمني، لكنه فجر ألماً مكتوماً يتباين في تعبيراته وأشكاله، فتحول لصرخة ألم يجب أن لا نصم آذاننا عنه.
في الأعراف البروتوكولية، ما فعله الجيش العُماني يعتبر خرقاً وإن كان مبرراً لحماية الحدود إلا أنه يُعد خرقاً وجريمة في آن واحد، في كل حدود دول العالم عادةً ما يتم إبعاد المهاجرون عن الحدود، وأحياناً توقيفهم من قبل حرس الحدود لفترة قصيرة وفقاً للقانون، لكن الاعتداء عليهم وبهذه الطريقة القاسية غير مقبولة، ومهما تعددت الانتهاكات الجسيمة بحق اليمنيين، إلا أني أجد تهاوناً موجوداً ومتأصلاً لفشل الشرعية في حماية وصيانة كرامة مواطنيها.
الفيديو جاء في لحظة فقدان المواطن اليمني وعلى وجه الخصوص المواطن البسيط الطمأنينة والثقة بالدولة، حقوقه منهوبه من قبل ميليشيا الحوثي، وكرامته مُداس عليها في صنعاء وذمار وإب وتعز وباقي مناطق سيطرته، ينام على مسلسل الصرخة التي تسرق اللقمة من فم أطفاله، ويصحو على سلب أحلامه تحت ذريعة مواجهة العدوان، وبين هذا وذاك شرعية غارقة في خطاياها وتحرث في الحجر.
ومهما كان رأينا حول ملابسات هذه الجريمة البشعة، فمن الخطأ التقليل من فظاعتها، إذا أردنا بحق أن نوصل رسالة للعالم وأن نساهم في تغيير يحترم كرامة المواطن اليمني ويحفظ له حقوقه.