حرب غزة: اعتراف رسمي من إيرلندا والنرويج اليوم بفلسطين كدولة مستقلة
اعترفت إسبانيا وإيرلندا رسمياً اليوم الثلاثاء بفلسطين كدولة، في قرار أثار غضب إسرائيل الذي ترى فيه “مكافأة تُمنح لحركة حماس” في خضم الحرب في قطاع غزة.
وقال رئيس الوزراء الأيرلندي سايمن هاريس في بيان: “كنا نود الاعتراف بدولة فلسطين في ختام عملية سلام لكننا قمنا بهذه الخطوة إلى جانب إسبانيا والنرويج لإبقاء معجزة السلام على قيد الحياة”.
ومن المتوقع أن تعلن النرويج في وقت لاحق هذا اليوم قرار اعترافها بفلسطين كدولة.
وتعترف نحو 144 من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 بدولة فلسطينية، بما في ذلك معظم دول الجنوب العالمي وروسيا والصين والهند.
وترى مدريد ودبلن وأوسلو قرارها وسيلة لتسريع الجهود الرامية إلى تحقيق وقف لإطلاق النار في حرب إسرائيل في قطاع غزة.
وتأمل الدول الثلاث في أن يكسب قرارها زخما يدفع دولا أخرى في الاتحاد الأوروبي إلى الاقتداء بها.
ويلقي رئيس الوزراء الإسباني كلمة عند الساعة 06.30 بتوقيت غرينتش قبل إقرار حكومته مرسوما تعترف بموجبه إسبانيا بفلسطين كدولة.
وأكد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز صباح اليوم، أن الاعتراف بفلسطين كدولة “ضروري لتحقيق السلام” بين الإسرائيليين والفلسطينيين فضلا عن كونه “مسألة عدالة تاريخية”.
في إعلان مقتضب بالإسبانية والإنجليزية قبل ساعات من اعتراف الحكومة الإسبانية اليسارية خلال اجتماع لمجلس الوزراء رسميا بفلسطين كدولة، أضاف سانشيز أن القرار لم يتخذ “ضد أي طرف، وخصوصا ليس ضد إسرائيل”.
كما أعلن وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، أن الدول الأوروبية الثلاث التي أثار اعترافها المتزامن غضب السلطات الإسرائيلية، ستقدم “ردا حازما (وهادئا) على هجمات الدبلوماسية الإسرائيلية”، وقال ألباريس أمام الصحافة “سنقدم ردا.. منسقا مع النرويج وأيرلندا اللتين تتعرضان لنفس النوع من التضليل الاعلامي الدنيء والهجمات على وسائل التواصل الاجتماعي”.
من جهته اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس رئيس الوزراء الإسباني بـ “التواطؤ في التحريض على إبادة اليهود” بعد اعتراف بلاده بفلسطين كدولة.
وخاطب كاتس رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز عبر حسابه على منصة “إكس” بالقول: “أنت متواطئ في التحريض على إبادة اليهود”، مشبها نائبة رئيس الوزراء الإسبانية يولاندا دياز بالمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، “إذ يدعون كلهم الى إقامة دولة إرهابية إسلامية فلسطينية من النهر إلى البحر”، على حد قول الوزير الإسرائيلي.
رفح دون مستشفيات
ميدانياً، واصلت قوات الجيش الإسرائيلي عمليات القصف الجوي والمدفعي المكثف على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، وتقدمت بريا داخلها من جهتي الغرب والوسط.
وطالت إحدى الغارات خياماً للنازحين غربي المدينة ما أدى إلى مقتل 7 منهم، وأشارت أنباء إلى خروج مستشفى الكويتي في حي تل السلطان غربي رفح عن الخدمة وباتت المدينة دون مستشفيات.
وقال شهود عيان إنَّ موجة نزوح كبيرة جديدة حدثت الليلة الماضية نتيجة القصف المدفعي العنيف الذي استهدف منازل وأحياء في محيط دوار زعرب وتل السلطان وحي السعودي في رفح، وأسفر القصف عن مزيد من القتلى.
وقالت مصادر طبية إن عدد قتلى رفح بلغ منذ الليلة الماضية وحدها أكثر من 16 ضحية، بينهم نساء وأطفال.
وقال مدير مستشفى الكويت يصهيب الهمص إن “توسيع الجيش الإسرائيلي للعملية العسكرية في رفح والقصف المتكرر لمحيط المستشفى والذي كان آخره قصف بوابته، أدى إلى مقتل اثنين من أفراد الطواقم العاملة و إصابة 5 آخرين، وخروج المستشفى عن الخدمة”، مضيفا أن الطواقم الطبية العاملة نُقِلَت إلى المستشفى الميداني الذي يجري تجهيزه في منطقة المواصي.
فيما أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة عن خروج المستشفيات الرئيسية والمراكز الطبية كافة في محافظة رفح عن الخدمة، بما في ذلك عدد من المستشفيات الميدانية، إثر العملية الإسرائيلية البرية المتواصلة واستمرار القصف العنيف لمحيط المستشفيات ومحاصرة عدد منها، فضلا عن مقتل عدد كبير من الطواقم الطبية.
وقالت الوزارة في بيان لها إن كلا من المستشفى الميداني الاندونيسي وعيادة تل السلطان في محافظة رفح خرجا عن الخدمة، ولم يتبق سوى “مستشفى تل السلطان للولادة يصارع من أجل البقاء والاستمرار في تقديم الخدمة للمرضى في محافظة رفح”، وفق ما ذكرالبيان.
وكانت الوزارة قد أعلنت قبل أيام خروج مستشفى ابو يوسف النجار، وعيادة ابو الوليد المركزية ومستشفى رفح الميداني (2)، ومستشفى الكويت التخصصي عن الخدمة، التي كانت تعمل في مدينة رفح. وناشدت المؤسسات الدولية والأممية بضرورة توفير الحماية لجميع المستشفيات والطواقم الصحية العاملة وسيارات الإسعاف.
على صعيد متصل، أشارت الأنباء استمرار الغارات الجوية والقصف المدفعي العنيف على منطقة الفالوجا في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، وعلى مناطق أخرى في مدينة غزة ومحافظة الوسطى.
وأكد شهود عيان لوكالة فرانس برس الثلاثاء أن الدبابات الإسرائيلية “تمركزت” وسط مدينة رفح، وسط أنباء عن قتال عنيف مع مقاتلي حركة حماس.
وتأتي هذه الغارات رغم الإدانة الدولية للقصف الذي شنته إسرائيل ليل الأحد، ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً اليوم الثلاثاء، لبحث الأوضاع في رفح، بعد غارة إسرائيلية أودت بحياة ما لا يقل عن 45 شخصا، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
وأوضحت مصادر دبلوماسية عدة لوكالة فرانس برس أن الاجتماع المغلق يعقد بطلب من الجزائر، العضو غير الدائم في المجلس.
وقال شهود عيان لبي بي سي، إن طائرات إسرائيلية قصفت بثمانية صواريخ على الأقل، منطقة تتبع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وتعرف باسم “بركسات الوكالة”.
ويصف الشهود الحدث بـ”المجزرة الكبيرة”.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد وصف الهجوم بأنه “حادث مأساوي”، وقال “نحن نحقق في الحادث وسنتوصل إلى استنتاجات لأن هذه هي سياستنا”.
من جهتها، قالت حركة حماس في بيان: “على ضوء المجزرة المروعة غرب رفح، ندعو شعبنا في الضفة والقدس والداخل والخارج إلى الانتفاض والخروج بمسيرات غاضبة”.
إدانات دولية
ولا تزال ردود الأفعال مستمرة على الهجوم الإسرائيلي على خيام النازحين في رفح.
إذ أعربت الخارجية الصينية الثلاثاء عن “قلقها العميق” من الضربات الإسرائيلية في رفح في جنوب قطاع غزة حيث قتل العشرات في مخيم للنازحين جراء قصف للجيش الإسرائيلي، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
وقالت الناطقة باسم الخارجية ماو نينغ خلال مؤتمر صحافي دوري: “تعرب الصين عن قلقها العميق من العمليات العسكرية الإسرائيلية الجارية في رفح”.
وكانت المنظمات الدولية أدانت الهجوم الإسرائيلي على مخيمات النازحين في رفح، حيث قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن الحادث يوضح أنه لا يوجد مكان آمن في غزة، واصفاً الوضع في رفح بأنه “رعب يجب أن يتوقف”.
تظاهرات شعبية
وتنديداً بالهجوم، خرجت مظاهرات في عواصم العديد من المدن العربية والأوروبية مساء الإثنين تنديداً بقصف خيام النازحين في رفح، ومطالبة بوقف الحرب.
تظاهر نحو عشرة آلاف شخص الإثنين في باريس للتنديد بالضربة ، وتجمّع عدد من الناشطين على بعد بضع مئات من الأمتار من السفارة الإسرائيلية وهم يهتفون “كلنا أبناء غزة” و”عاش نضال الشعب الفلسطيني” و”الحرية لغزة” و”غزة، باريس معك”.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية، خرجت مسيرة تحت المطر في مدينة نيويورك وهتفوا قائلين: “المقاومة مبررة عندما يكون الشعب محتلاً”.
كما تجمع المئات في مقر المفوضية الأوروبية في برشلونة وخارج وزارة الخارجية في مدريد للمطالبة بتشديد القبضة على إسرائيل وفرض عقوبات أقوى عليها.
تشييع جثمان جندي مصري قُتل على الشريط الحدود مع غزة
شُيّع جثمان الجندي المصري الذي قُتل الإثنين، خلال حادث تبادل إطلاق النار الذي وقع بمنطقة الشريط الحدودي بمدينة رفح على الحدود مع قطاع غزة، بين جنود مصريين وإسرائيليين.
وأشارت مصادر محلية إلى أن المجند المصري يدعى عبد الله رمضان ويبلغ 22 عاما، حاصل على شهادة دبلوم، وكان من المنتظر أن ينهي خدمته العسكرية في سلاح حرس الحدود في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل.
وتجري القوات المسلحة المصرية تحقيقا بالواقعة، بحسب بيان للمتحدث العسكري المصري. كما صدر بيان أمس عن الجيش الإسرائيلي أشار إلى إجراء تحقيق في الحادثة مشيرا الى أن هناك اتصالات تجري بين الجانبين المصري والإسرائيلي.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن اشتباكات جرت بين عناصر للقوات المصرية والإسرائيلية على الشريط الحدودي المصري أسفرت عن مقتل الجندي.
كما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين إسرائيليين أن “الجانب المصري هو من بدأ بإطلاق النار على شاحنة إسرائيلية، وأن الجنود الإسرائيليين ردوا على مصادر إطلاق النار من دون وقوع إصابات بين الجنود الإسرائيليين”.