تفاصيل ما حدث لمروحية الرئيس الإيراني وهل تم اغتياله؟
تطرح وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وعدد من المسؤولين الأحد إثر تحطم مروحية كانت تقلهم بمنطقة جبلية شمال غرب البلاد عدة تساؤلات، لعل أبرزها ما وقع للطائرة ولماذا حلّقت رغم الظروف الجوية السيئة، ولكن خصوصا حول ما إذا كان هذا مجرد حادث أو أنه عمل مدبر؟ مختصون في الشأن الإيراني ومحللون يجيبون على بعض منها في هذا المقال.
أعلنت إيران الإثنين عن وفاة رئيسها إبراهيم رئيسي إثر تحطم مروحية كانت تقله الأحد رفقة عدد من المسؤولين بمنطقة جبلية في شمال غرب البلاد.
وأثارت الكارثة منذ الإعلان عن اختفاء الطائرة ومن ثمة سقوطها عبر عدد من البيانات المقتضبة الصادرة عن السلطات الإيرانية، عدة تساؤلات، بلغت حد التكهن بكونها عملا مدبرا واغتيالا وليس حادثا سببه سوء الأحوال الجوية.
وتم تداول الكثير من المعلومات المشوشة والمتناقضة طوال المساء، خصوصا على منصات التواصل الاجتماعي.
فقد تحدثت تقارير إيرانية رسمية عن هبوط صعب للمروحية. وقالت نفس تلك المصادر لاحقا الأحد إن “المروحية التي تقل الرئيس رئيسي تعرضت إلى حادث في مقاطعة أذربيجان الشرقية”.
وفجر الإثنين، أعلنت السلطات الإيرانية العثور على المروحية بعد ساعات من تعرضها لـ”حادث” في منطقة جبلية وعرة، مؤكدة عدم رصد “أي علامة” حياة في الحطام.
وكان نفس المصدر قال بداية إن طائرة مروحية ضمن موكب للرئيس الإيراني آية الله إبراهيم رئيسي يضم ثلاث طائرات تعرضت لـ”حادث”. وكالة تسنيم قالت من جهتها إن المروحيتين الأخريين “وصلتا إلى وجهتهما بسلام”.
إيرانيون يتساءلون عن سبب تحطم مروحية الرئيس من بين المروحيات الثلاث!
تعقيبا، قال مراسل فرانس24 في إيران إنه لا توجد أية أخبار رسمية حول حيثيات سقوط طائرة الرئيس إبراهيم رئيسي.
وأضاف علي منتظري بأن الكارثة استقطبت “اهتمام الإيرانيين على منصات التواصل الاجتماعي، وهم يتساءلون حول أسباب وصول طائرتي هليكوبتر كانتا ترافقان الرئيس الإيراني إلى وجهتهما بسلام بينما تحطمت الطائرة التي كانت تقل الرئيس والوفد المرافق له”.
وتابع مراسل فرانس24: “هم يتساءلون لماذا اختارت تلك المروحيات مسارات منفصلة للعودة إلى مدينة تبريز”، لكن من غير المحتمل أن تجيب السلطات حاليا على هذه التساؤلات.
إقلاع مروحية الرئيس الإيراني رغم الظروف المناخية الصعبة.. لماذا؟
وبث التلفزيون الحكومي بعد انطلاق عمليات البحث صورا لعناصر جمعية الهلال الأحمر الإيراني وهم يسيرون وسط ضباب كثيف. وقال رئيس الجمعية بير حسين كوليوند إن فرق الإنقاذ كانت تقوم بالبحث “في ظروف صعبة” بمنطقة جبلية تشهد أمطارا غزيرة وضبابا كثيفا.
وصرّح وزير الداخلية أحمد وحيدي الأحد للتلفزيون الرسمي بأن المروحية “نفذت هبوطا صعبا بسبب سوء الأحوال الجوية”، موضحا أنه كان “من الصعب إجراء اتصال” معها. مؤكدا بأن عمليات البحث بدأت للعثور على المروحية في ظل “ظروف جوية غير مواتية” بما في ذلك ضباب كثيف.
في السياق، يرى هشام الحلبي اللواء الطيار والخبير العسكري والاستراتيجي بأن الطائرة يمكن لها التحليق سواء كانت “الظروف الجوية سيئة أو متوسطة أو جيدة”، وذلك “طبقا للتجهيزات الحديثة الموجودة على متنها ما يسمح لها بالتحليق رغم الرؤية السيئة، إضافة إلى عامل خبرة الطاقم” على العمل في ظل تلك الظروف الجوية السيئة.
وأضاف الحلبي بأن “الفرضية الموجودة الآن هي عطب كبير جدا في الطائرة استوجب هبوطا اضطراريا فوريا مع استحالة استكمال الطيران. هذا الهبوط واجهته مشكلتان: وجود منطقة جبلية وعرة لا يمكن اختيار أرض صالحة للهبوط عليها، وكذا الرؤية السيئة وهطول الأمطار ما صعب اختيارات طاقم الطائرة إلى جانب ضيق الوقت ما أدى إلى هبوط ثقيل في هذه المنطقة وإلى تحطمها جزئيا وانفجار خزانات الوقود واشتعالها ما فاقم الحادث بشكل كبير. هذه أقرب فرضية لما شهدناه دون استبعاد أي سيناريو، بما في ذلك الشق الجنائي، إلى غاية استكمال تحليل الحطام وبيانات الطائرة”.
هل تم اغتيال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي؟
قال محمد المذحجي وهو كاتب وصحافي مختص بالشؤون الإيرانية، إن هناك حديثا حول الغموض الذي يلف الحادث. مضيفا: “هناك تساؤلات كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي الإيرانية بأن من المحتمل أن تكون طائرة رئيسي تعرضت إلى عملية تخريبية أو أنه تعرض إلى الاغتيال وما شابه. لم يصدق هؤلاء الرواية الرسمية وخاصة أنها كانت هزيلة للغاية”.
كما تابع المذحجي: “فريق الحماية لا يكتفي فقط بمرافقة الرئيس داخل الطائرة بل هناك طائرات أخرى مرافقة تعمل على منع تعرضه لمحاولة اغتيال من خارج الحدود”.
ويعزز وقوع الحادث في سياق الحرب الدائرة في غزة بين حركة حماس وإسرائيل، وما تبعه من اندلاع مواجهات بين جماعات متحالفة مع إيران في أرجاء الشرق الأوسط، مثل هذه التكهنات. خصوصا وأن المواجهة بين الجمهورية الإسلامية والدولة العبرية خرجت للعلن الشهر الماضي بعد “حرب الظل” القائمة منذ فترة طويلة بينهما، بتبادل مباشر للضربات بالطائرات المسيّرة والصواريخ.
في المقابل، قال مسؤول إسرائيلي الإثنين إنه لا علاقة لتل أبيب بمقتل رئيسي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر، الذي أسفر أيضا عن مقتل مرافقيه. وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته: “لم نكن نحن”.
ولعل أبرز المعلومات الرسمية الواردة من إيران حول ظروف الكارثة، هو ما قاله التلفزيون الرسمي الذي أفاد بأن صورا من الموقع تظهر بأن الطائرة اصطدمت بقمة جبل. رغم ذلك، لم يصدر بعد تصريح رسمي عن سبب التحطم.
ما هي الطائرة المروحية التي كان يقلها رئيسي؟
قالت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء إن الرئيس إبراهيم رئيسي كان يستقل طائرة هليكوبتر أمريكية الصنع من طراز بيل 212.
وفقا لرويترز، فهذه هي النسخة المدنية من طائرة “بيل يو إتش-1إن توين هيوي” التي كانت تستعمل بكثافة خلال حرب فيتنام، وباتت تستخدم على نطاق واسع بالعالم من طرف الحكومات والمشغلين من القطاع الخاص.
وأضافت الوكالة في تقريرها أنه قد تم طرح هذه المروحية في 1971 وسرعان ما اعتمدتها الولايات المتحدة وكندا، وفقا لوثائق التدريب العسكري الأمريكية.
وهي أيضا طائرة هليكوبتر متعددة الاستخدامات وقابلة للتكيف مع جميع أنواع المواقف بما في ذلك حمل الأشخاص، ونشر معدات مكافحة الحرائق الجوية، ونقل البضائع وتركيب الأسلحة عليها لتصبح قتالية.
وبالنسبة إلى تصميم النموذج الإيراني الذي تحطم الأحد فهو يستخدم لنقل المسؤولين الحكوميين.
وكان آخر حادث مميت لطائرة من طراز بيل 212 في سبتمبر/أيلول 2023 إثر تحطم طائرة مملوكة للقطاع الخاص قبالة سواحل الإمارات. وفي إيران، يرجع آخر حادث تحطم لطائرة عمودية من نفس الطراز إلى 2018 وأسفر عن مقتل أربعة أشخاص.
للإشارة، فإن رئيسي (63 عاما) الذي تولى السلطة في 2021 أمر بتشديد قوانين الأخلاق، كما أشرف على قمع الاحتجاجات المناهضة للحكومة ومارس ضغوطا قوية في المحادثات النووية مع القوى الكبرى.
وينقسم النظام السياسي في إيران بين المؤسسة الدينية والحكومة، ويكون للزعيم الأعلى وليس الرئيس القول الفصل في جميع السياسات الرئيسية. ويرى كثيرون أن رئيسي منافس قوي لخلافة الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي، الذي يؤيد بقوة سياساته الرئيسية.
وتبدأ الثلاثاء مراسم تشييع الرئيس الإيراني والوفد المرافق له حسب وكالة الأنباء الرسمية (إرنا) التي أشارت إلى أن “مراسم جنازة الرئيس ورفاقه ستقام يوم الثلاثاء الساعة 9:30 صباحا بالتوقيت المحلي (0600 بتوقيت غرينتش) في تبريز”، مضيفة أن جثمان رئيسي سينقل لاحقا إلى طهران.