الأسطورة في أدب عبد الكريم الرازحي
عبد الكريم الرازحي من الأقلام المميزة في اليمن منذ سنوات طويلة ، وقد خاض الكثير من التجارب الإبداعية من المقال والقصة والشعر والمسرحية والأدب الساخر والمقال السياسي الساخر وغير ذلك ، وأستطاع اقتناص شخوصه من البيئة مثل البقرة البيضاء والحمار والعكابر أو الفئران والقرية والوديان والجن والقلاصات والأحزاب والقبيلة ككل ، والقبيلي الذي يبحث عن حزب …وأنتزع أسماء أبطاله وشخوص قصصه وأساطيره من شخصيات القرية اليمنية وقام بتبديل وتحوير بعض الأسماء وجعلها فكاهية ويصعب على القارئ نسيانها ، ولم بنس إيراد شخصيات مهمة في مجتمع القرية مثل الفقيه والقاضي والحاكم والمتطرف والمتزمت والمنفتح والمثقف القروي ، والعجيب أنه أورد بذكاء شديد مجتمع نساء القرية باختلاف عقلياتهن ، وأستطاع من خلال هذا الكم الكبير والوافر من الشخوص أن يفسلف الحياة وفق مفاهيم يريد ايصالها للقارئ اللبيب مع أن الكثيرين يأخذون الظاهر من أساطير الرازحي وحكاياته المؤسطرة واعادتنا إلى مجتمع قد نسينا الكثير من تقاليده الإجتماعية ومصطلحاته الريفية ، بينما وهو في السبعين مازال القرية تسكنه أو هو يسكن القرية .
مازال الرازحي وهو يمسك بالقلم يجعلنا نحس بأنه ذلك الطفل الذي يركب الحمار من القرية الى حيفان والى الراهدة لايصال المسافرين والعودة بهم ، وينقلنا من خلال أساطيره في عالم أجمل من ألف ليلة وليلة العربية ، إنه باختصار يؤسس لألف ليلة وليلة يمنية .
لكن قبل أن ندخل في ابداعات الرازحي الجديدة والتي مضى عليه وهو يبدع فيها عدة سنوات وأكثرها منشورة على حسابه في فيسبوك ، اضافة الى سرده المذهل لسيرته الذاتية منذ دخوله الى عدن بعنوان ( ابو الروتي ) والتي رفض حتى الآن جمعها في كتاب قائلاً إنه ينوي اكمالها وهو الذي لم يتحقق حتى الآن ولن يتحقق لأن الرازحي أعترف مراراً بأنه كسول جداً .
وبحكم متابعتي واحتفاظي بسردياته التي نشرها والتي أيضاً ينشرها ثم يقوم بحذفها لسبب في رأس الرازحي الطفل المبدع وهو في السبعين يجب أن نفعل شيئاً لإقناعه بطباعة سردياته لأنها ستبقى كأجمل ماكتبه مبدع يمني في الخمسين سنة الأخيرة بعد محمد عبد الولي الذي مازلنا نعيد قراءة ابداعه السردي كما لو كنا نقرأها للمرة الأولى وهذا هو أميز مايميز الابداع الحقيقي.
الرازحي عبد الكريم صاحب مزاج خاص وصعب ، ولذلك كتاباته عرضة للضياع إن لم يعمل على تنظيمها ولملمتها في أعمال كاملة .
في أربعينية الدكتور ياسين الشيباني كتب الرازحي مقالاً وألقاه بنفسه يعتبر من أجمل ماكتبه في حياته ومن اجمل ما يصور به ماكان وماهو كائن ماسيكون ولكنه للأسف رغم الألحاح الشديد عليه بنشره الأَ أنه تجاهل كل رجاءائتنا وأمنياتنا .
الرازحي كشاعر لو جمعناه في أمسية مع أكبر شعراء العمود او الحداثة سيتفوق على الجميع بشعره الساخر ولغته البسيطة وخياله الخصب ، ولذلك قد نجد بعض الحداثيين يقللون من شاعرية الرازحي التي تنتزع الابتسامة حتى من الوجوه المتجهمة .
أما فيما يتعلق باتجاه الرازحي الأخير الى أسطرة الأدب والسرد ، فهو انعطافة مهمة بعد أن ملَّ من الواقع محاولاً التحرر منه ، والافلات باتجاه الطبيعة والمشي وفلسفة المشائين وهي فلسفة الكثير من الرومانسيين في الشعر العربي والأدب العربي عامةً ، لكن الرازحي يختلف عنهم بأنه يسير على دربهم في هذا العمر وليس من فجر الشباب كما فعلوا هم .
طبعاً الحديث الدقيق حول ابداع الرازحي عموماً يحتاج الى دراسات معمقة لاستكناه أعماق تجاربه المتعددة في المجالات المذكورة أعلاه وهي كثيرة ..
ومن قوة ابداع الرازحي وتغلغله في نفوس القراء يتوقفون بكل أسف عند القراءة الأولى لكن في الحقيقة أن الرازحي كمبدع في حاجة الى قراءة ثانية وثالثة وأكثر للحصول على الجرعة الفلسفية من ابداع الرازحي.
من صفحة الكاتب في فيس بوك لـ بلقيس نت