الوحدة اليمنية بين التحرر الضائع والشعب الجائع
يمر عيد الوحدة الـ34 هذا العام في ظروف هي الأشد قسوة على شعبنا وعلى الوطن برمته، فالانقسامات تتوالد كل يوم والمليشيات تتكاثر كالفطر والخراب يتمدد والجوع ينهش الناس والتنمية توقفت، حتى أصبحنا أمام دولة معطلة وقصور أمراء الحرب وتجار السلاح مشيدة.
ولست بحاجة إلى التذكير، بأن الوحدة لم تكن منة من أحد، فهي نتاج تضحيات الشعب اليمني ضد الاستعمار البريطاني والإمامة على حد سواء، وقد كان لوحدة المقاومة الوطنية في شمال البلد وجنوبه دور كبير في حشد الجماهير وتوجيهها نحو الحرية والاستقلال .
ومن يرتبط بهذا الوطن يدرك أن الوحدة ليست مجرد حدث ينتهي بانتهاء تاريخ حصوله أو متى ما أراد أصحاب المصالح الخاصة أن ينهوا هذا الحدث، بل هي عملية بناء مستمرة، يرتبط بها بناء الدولة واقتصادها واستقلالها، وبسبب من الفهم الخاطئ للوحدة، هناك من يتعامل معها على أنها ملك خاص وليس ملكا عاما لجميع الشعب اليمني، فيقرر نيابة عن أولئك الذين قدموا أرواحهم رخيصة في سبيلها ليعلن إنهاءها، وكأنها مزرعة أو شركة يجب تقاسمها .
ها نحن اليوم أمام انعدام الهوية الوطنية لدى البعض ممن التحق بعودة الاستعمار أو عودة الإمامة، يعتقدون أنهم قادرون على العودة بالعجلة إلى الخلف بهدف حماية نظامهم الطائفي والمناطقي، لذلك ليس غريبا على هؤلاء أن يضيعوا معالم الاستقلال بتجريفهم للدولة ومؤسساتها ويعادون السيادة الوطنية داخليا وخارجيا
ولا أبالغ إذا قلت، إن واقعنا اليوم يستحق البكاء، لكنه بكاء الإنسانية التي تتوجع على ما أصاب الشعب اليمني من فقر وجوع ومعاناة، بكاء من يحاول أن يتجاوز ضعفه وعجزه، والسؤال الذي يطرح نفسه، هل سيلتفت قادة المليشيات إلى أقرانهم من ملوك الطوائف الذين استعانوا على خصومهم من أبناء عمومتهم بالأجانب ومنحوهم القلاع والحصون، فذهبوا جميعا ضحايا ولم يجنوا سوى الضياع ؟
إن ما يجري اليوم في اليمن هو أشبه بما قام به ملوك الطوائف، فإذا كان ملوك الطوائف قد منحوا الأجنبي الحصون والقلاع لكي يكسروا شوكة بعضهم، فإن قادة المليشيات يمنحون الأجنبي الجزر والشواطئ والموانئ والمطارات والسيادة، مما يجعل اليمن يفقد وجوده كهوية ودولة .
والخطاب موجه للنخب السياسية المتفرجة، فالبلد الذي يمزق هو بلدنا، فنحن لسنا مراقبين دوليين نرصد ونحلل، يجب أن تكونوا حماة لليمن ومنافحين عنها، والخلاصة، إن العالم ليس ضدنا دائما، فنحن ضد أنفسنا، وخير لمن يعترض على سلوك الحوثيين أو الشرعية، عليه أن يترجم هذا الاعتراض إلى صيغة عمل وتحرك راشد ومسؤول، كل عام والوطن والشعب اليمني موحد .