اعتراف بن مبارك بالفساد دون حساب لا فائدة منه
كشف الدكتور أحمد عوض بن مبارك عن ما أسماه تجاوزات ومخالفات مالية وعملية هدر للمال العام كانت حكومة معين عبد الملك أحد أهم الأطراف المتورطة والمساهمة فيها، حيث بلغ الفساد في ملف الكهرباء بحسب بن مبارك تريليون وعشرة مليارات، أي ما نسبته 31% من ميزانية الدولة، ما ينتظره الشعب من رئيس الوزراء هو تحويل هذا الملف إلى القضاء، فالفساد لا يحارب بالشعارات ولا بالخطابات السياسية أو في المنابر الإعلامية، فمثل اليمن تحتاج إلى تحويل محاربة الفساد إلى قضية إجماع وطني .
إذا كان بن مبارك جاد في محاربة الفساد، لكي يبحث له عن منجز، عليه ألا يجلس على رأس حكومة متهمة بالفساد، فالجميع يعرف أن هذه الحكومة وعلى رأسها معين عبد الملك هي الأكثر فسادا في تاريخ اليمن، ففي ظل هذه الحكومة اختفت السرقة، إذ حولها معين من الخفاء إلى العلن ومع معين بدأت رحلة اليمن مع الفساد وامتلأت المحاكم والسجون بأناس سرقوا أشياء ثانوية، لكن القضاء عجز عن محاكمة من سرقوا المليارات.
ومن منا لم ير ذلك المقطع المصور لطفل وهو يتعرض للضرب المبرح من قبل جماعة في عدن تلبس زيا عسكريا عليه شعار إحدى دول التحالف، ولما تعاطف البعض مع هذا الطفل كان المعلقون يتشفون به ويقولون سرق أسلاكا كهربائية، لكنهم لم يتوقفوا عند الذين سرقوا الكهرباء كلها وحرموا المواطن من نورها .
والسؤال الذي يطرح نفسه هل بن مبارك جاد في فتح ملف الفساد؟ فإن كان جادا فعليه أن يفتح ملف رئاسة الوزراء والمجلس الرئاسي ورئاسة البرلمان والسلطة القضائية وملف بيع والاستيلاء على عقارات الدولة والممتلكات العامة وملف السفارات والبعثات الدبلوماسية وهنا على رئيس الوزراء أن يبدأ بأخيه الذي يتقاضى مرتبا من سفارتنا في المغرب ومرتبا آخر بوصفه مديرا لمكتبه.
ولست بحاجة للقول، إن الفساد في السفارات والبعثات الدبلوماسية يضاهي فساد الكهرباء وربما يفوقه، فقد توسعت البعثات في السنوات الأخيرة بغير رشد وأنشئت مسميات ووظائف لأغراض الترضيات السياسية.
فليس من السهل حصر قضايا الفساد في هذه الزاوية الصغيرة، فروائح الفساد بلغت عنان السماء، وما نستطيع فعله هو الإشارة إلى طرف منها، فحجم الاعتداء على المال العام يقدر بمئات المليارات، فهناك بيع قطاعات نفطية وبيع شركات الاتصالات ونهب مناجم ذهب ومعادن ثمينة أخرى .
والفساد في اليمن لم يرتبط بالجوانب المالية فحسب، بل تجاوز ذلك إلى المتاجرة بالمواقع السياسية، حيث أصبحت اليمن تحتل صدارة الدول الأكثر فساداً حسب تقرير منظمة الشفافية الدولية، لهذا مطلوب من بن مبارك الانتقال من المنابر الإعلامية إلى الفعل ومطالبة القضاء بإصدار مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء السابق وأفراد حكومته بمنعهم من السفر وتحويلهم إلى القضاء، فكيف يتهم حكومة بالفساد، ثم يجلس على رأسها، المفروض أنه يعمل على تشكيل حكومة جديدة ويستعين بفريق عمل يساعده على إنجاز هذه المهمة .
وهنا نقولها للتاريخ، إن نجاح بن مبارك في مكافحة الفساد، لا يقل أهمية عن تحرير صنعاء وسيحظى بتأييد شعبي ودولي وعليه أن يسعى إلى توقيع مذكرة تفاهم مع الأمم المتحدة لمساعدة حكومته من خلال خبراء قانونيين ومدققين دوليين في الكشف عن مصير مليارات الدولارات، فالوضع الاقتصادي وعبء الفساد في اليمن لا يشبه أي بلد في العالم ولا يمكن للعقل أن يستوعبه .