أحمد علي عبدالله صالح يوجّه رسالة للجنة العقوبات الدولية (النص)
السّادة مركز التنسيق المعني برفع الأسماء من القائمة المحترمون
السّيد أمين مكتب المظالِم (لجنة الجزاءات بشأن القاعدة) المحترم
تحية طيبة.. وبعد
إلحاقاً بخطاباتي السابقةِ بشأن طلبِ رفع اسمي من قائمة العُقوبات والتي تمَّ فيها الردُ والتفنيدُ لأسبابِ الإدراج المزعومة التي تم إيرادُها في بيانِ الحالة.
ودون أنْ أتلقى أي ردٍ أو استجابةٍ أو إيضاحٍ للموانع، على الأقل. وهذا لا يليقُ، في تقديري، بكيانٍ في مكانتِكم تأسَّس ليعبِّر عن إرادة المجتمع الدُوليِّ في تحرّي الحقائق، وقول الصدق، وإعمالِ الحق، وتصويب أيّ اختلال في قيم العدالةِ وإعمالها على الجميع دون قيدٍ أوشرط.
السّادة الكرام..
لقد اتبعتُ وخلال سنواتٍ عديدةٍ مضت كلَّ المسارات والسُبل المتاحةِ والممكنةِ ضمن الخياراتِ التي رسمتها آلياتكم وأنا أنشدُ العدلَ والإنصافَ، وذلك لثقتي المطلقة بعدالة قضيتي ومطلبي، وبطلان المزاعم والاتهامات التي وُجِّهتْ لي لأغراض سياسية لا تَخفى عليكم ولا عن الصغير قبلَ الكبير في اليمن، في حينه، كان مدفوعاً بضغوطِ مشروعٍ سياسي خاص أو مُتطلّع للسلطة في حينه وكيفما اُتفق وبأيّ وسائلَ متاحة، ومنها الدسُّ والكيدُ للغير.
ولقد تأكد لغالبية اليمنيين لاحقاً، ومن خلال ثقتهم بصدق توجُهاتنا، حرصنا على الاستقرار والسّلام في اليمن ومسلكنا ونهجنا وطبيعة ومجريات الأحداث في حينه أولاً وما آلت إليه الأوضاع في اليمن ثانياً والتي انحدرت إلى مستوى غير مسبوق لم يخطر على بال أيّ يمني مهما كان مستوى التشاؤمِ لديه.. وهو الأمرُ الذي حدا بالكثير من الفعاليات اليمنية المختلفة أن تعبِّر وبصدق ودون مواربةٍ عن موقفها واستهجانها لاستمرار العقوبات ضدي ووالدي الرئيس الشهيد، دون مبرِّر وجيهٍ أو عادل، ورغبتها الكاملة في سرعة رفع العقوبات والشطب من القائمة دون قيد أو شرط، ولقد كان في مقدمة تلك الكيانات والفعاليات مجلسُ النواب اليمني الممثلُ الشرعي والدستوري للشعب اليمني، وكذا مجلس الشورى الغرفة الثانية اللذان عبّرا في خطاباتٍ واضحةٍ وصريحةٍ موجهةٍ لمجلس الأمن الدولي عبَر الأمين العام للأمم المتحدةِ عن وجوب رفع العقوبات عنّا دون قيد أو شرطٍ.. هذا إلى جانب مئات المطالبات من منظمات المجتمع المدني والشخصيات الحزبية والسياسية والثقافية وعموم أبناء اليمن من مختلف الشرائح والتوجُهات الذين عبّروا عن نفس الرغبة وبطرق ووسائل مختلفة، يأتي في مقدمتها الحملات الإعلامية والوقفات والبيانات التضامنية والمقالات وكتابات الرأي… وغيرها.
كما دفعتني إلى ذلك ثقتي الكبيرة في منظومة العدالة الدولية التي لم تخامرني لحظةُ شك بأنها معنية بإحلال العدل والسلام والأمن والاستقرار ورفع الظلم والجور في العالم أينما كان وعلى أي من البشر، خاصة فعاليتها الكبيرة في مراجعة ما يصدر عنها من قرارات أياً كان دوافعها ومقاصدها وتأثيراتها الآنية،
والتي لن تتردد لحظة عن تصويب أي خطأ كان وتحت أي مبرر، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآن، للأسف الشديد، وخيّب آمالي وآمال الكثيرين.
السّادة الكرام..
لا شك في أنكم تقفون في مقدمة من يتابع مستجدات وتطورات الأزمة اليمنية لحظة بلحظة، وتعلمون علم اليقين ما آلت إليه الأمور، وإلى أين انتهى به الوضع الكارثي في اليمن، ومن يقف خلف كل هذا منذ البداية وحتى المنتهى.
وأنتم أكثر من يحيط علماً بخفايا الأمور في المشهد اليمني منذ بدايته وحتى الآن من تفاصيل، وتعلمون علم اليقين من هم الذين تعيش وتنمو مشاريعُهم في ظل هذه الظروف والأوضاع وتتضخمُ مصالحهم كذلك على حساب دماء ومقدرات وأمن واستقرار الشعب اليمني.
وأحمدُ اللهَ تعالى بأنني لست من هؤلاء ولا أولئك منذ البداية وحتى اللحظة، وأنتم تعلمون ذلك علم اليقين.
السّادة الكرام..
لا أشكُ كذلك بأنكم على علم ودراية تامة بكل من يساهم في تعقيد الحالة اليمنية عسكرياً وسياسياً، ومن يحول دون تحقيق أدنى حد من التقدم في أي مشروع للتسوية السياسية وإحلال السلام العادل والشامل والمستدام الذي يلبي طموحات وتطلعات كل اليمنيين ويحفظ حقوقهم بشكل متساوٍ دون تمييز أو انتقاص.
كما أنكم كذلك تحيطون علماً بمن يعبث بمقدرات اليمنيين ويقيد حياتهم ويزعزع أمنهم ويخرب اقتصادهم ويصادر حقوقهم وحرياتهم ويهدد حياتهم ويفرض الوصاية عليهم في شتى مجالات الحياة، بل وصل به الأمر إلى ابتزاز المجتمع الدولي وتهديد السلم والأمن الدوليين.
وحتى لا أسهب، يكفي في هذا المجال أن استشهد (بتقارير فريق الخبراء بشأن اليمن) الموجهة لمجلس الأمن الدولي، وكذا (إحاطات مبعوثي الأمين العام للأمم المتحده المتعاقبين إلى اليمن) والتي لا تخلو من سرد وتوصيف لأغلب ما يحدث وتسمية من يقف خلفه ولو على استحياء أحياناً.
وفي هذا الصدد لا أعتقد مطلقاً بأن قيادات وكوادر تنتمي لمنظمة الأمم المتحدة وتعبر عن إرادة المجتمع الدولي في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين وإحلال قيم العدل والمساواة تنكر ما يصدر عنها أو تنتهج سلوكاً مغايراً لما تطرح ولا يلبي إلا إرادة بعض النافذين داخل هذه المنظمة.
السّادة الكرام..
في جميع الدول والأنظمة على مستوى العالم بما فيها الديكتاتورية منها نجد بها مسار واضح ومعروف ينشد الناسُ العدالةَ من خلاله. ولا أعتقد أبداً أن هذه المنظمة الدولية التي تعتبر راعية لقيم العدالة وملاذاً لكل المظلومين والمضطهدين في العالم تفتقدُ إلى مثل هذا المسار الواضح والسهل، وأن من يقع فريسة لحبائل الظلم أو المكائد فيها أو عبرها يظل طوال العمر رهينة لمتاهات عدالة وهمية أو حبيساً لإرادات مختلفة ومتضاربة لبعض النافذين من أعضائها من ذوي الأطماع والمصالح والأجندة المختلفة.
السّادة الكرام..
لا أخفيكم بأنني أتلقى مئات بل آلاف رسائل العتاب واللوم من أكثر من طيف يمني لا يُستهان به لأنني جنحت إلى الخيار السلمي منذ اللحظة الأولى لنشوب الأزمة اليمنية، برغم وجود العديد من الفرص والمبررات التي أتاحت لي خيار استخدام القوة والعنف لحسم الوضع مع امتلاكي لكل عناصر القوة والتأييد السياسي والشعبي والمبرر الأخلاقي في حينه.
كما يطالني اللومُ كذلك لأنني لم أنحَز لاحقاً إلى خيار الفوضى واستخدام العنف وتشكيل كيان مسلح لفرض الوجود والبقاء ضمن معادلة الجغرافيا السياسية اليمنية التي تحتكم للسلاح ومنطق القوة، والتي من خلالها أستطيع أن أفرض وجودي وحزبي وأنصاري وأتجاوز أمر العقوبات.
وعذرُ ومبررُ هؤلاء أن لا عدالة ولا حساب ولا أُذن صاغية لدى المجتمع الدولي إلا لمن يحمل السلاح ويهدد المصالح ويثير المشكلات وينتهج مسار العنف ويعيق مسار السلام كسبيل وحيد ليسْمعَ الآخرون صوتَه ويعرفون حجمَه وكيانَه وهو ما يحدث، إلى حد كبير للأسف وتؤكده العديد من النماذج والشواهد.
السّادة الكرام..
ومع ذلك وكما أكدت ومنذ اللحظة الأولى لجميع رفاقي في القوات المسلحة اليمنية وزملائي في المؤتمر الشعبي العام وأنصاري وعموم أبناء الشعب اليمني أنني أنحاز للسلام والأمن والاستقرار والديمقراطية والمشاركة السياسية المتساوية والتعايش السلمي بين جميع أبناء اليمن دون تمييز في الحقوق أو الواجبات.
وأنا هنا أؤكد لكم اليوم مجدداً انحيازي لهذه القيم التي آمنت بها فكراً وسلوكاً، وسأظل مؤمناً بها إيماناً مطلقاً ما حييت.
السّادة الكرام..
قبل أن أخاطبكم بعيداً عن المسارِ القانوني الذي أعتقد أنني سلكته ضمن سبل أخرى ودون جدوى للأسف.. فإنني كنت آمل أن تبادر الحكومة الشرعية اليمنية التي أعترف بها وأنتمي لها ونفذت جميع قراراتها قبل أن تطلب إدراجي ضمن العقوبات، وبعد ذلك وحتى الآن وتحت قيادة الرئيس هادي وحالياً الرئيس رشاد العليمي والتي لم أتردد للحظة في تأكيد الاعتراف بها والانصياع لقراراتها في كل فرصة مناسبة لذلك.
ولكن يبدو أنها الكيان الوحيد في اليمن الموضوع تحت الفصل السابع مثلما أنني المواطن الوحيد الذي تستقوي عليه دولته وحكومته والمجتمع الدولي بعقوبات ظالمة ودون ذنب يُذكر، وربما أن الظروف التي تعيشها وتخضع لها هذه السلطة لم تعد تمكّنها من ممارسة حقها في الدفاع عن أحد مواطنيها وإزالة الجور الذى أوقعته عليه وإن كان متاحاً لها ذلك.
السادة الكرام..
أخيراً أرجو أن يجد خطابي طريقاً إلى ضمائركم قبلَ عقولِكم، وألتمس عدالتكم قبل ردكم أو صمتكم.
مع أصدق تمنياتي.
مقدم الطلب/
أحمد علي عبدالله صالح
الجنسيه يمني
محل الإقامة: دولة الإمارات العربية المتحدة
التاريخ : 15 / 5 / 2024