منبر حر لكل اليمنيين

فلسطين والمأساة

32

يتولاني الفزع والجزع وتتملكني الحسرة ويستبد بي الأسى كل يوم وكل ساعة.
كما لو أنه كتب على جيلنا ان يسكن المأساة في قلبها وأن تأخذنا هي بالتلابيب وبالأعصاب.
وليس في خاطري التأوه على حال الفلسطينيين الذين يتشبثون بالحياة وبالكرامة أمام ضمير إنساني مبدد ومشتت بين قطاع يقظ نظيف يتوجع ويغلو ويصخب وبين مستكين صامت ويائس لا يألو على شيء ،ثم ذلك الذي يتواطأ ويرسل أدواة الموت للقتلة والجزارين في تل ابيب.
تلك معركة متروكة للتاريخ سوف ينتصر فيها الحق ولو بعد حين.
إنما أنا قبالة المآسي الفردية الآن حيث يغادر الدنيا رجال عاشوا حيواتهم في غمرة النضال من أجل كرامة العرب ووحدتهم وانتصار قضيتهم المقدسة تحرير فلسطين من البحر إلى النهر.
أجزم يقينا ولا أكاد أن عبدالله عبدالوهاب مقبل فاجأه الموت أمس من هول ما رأى في فلسطين.
ولم أتعرف على عبدالله عن قرب إلا بعد أن عرفني هو فيما كنت أكتب . لكني عرفته عن بعد قبل ذلك بعقدين أو أكثر.
كان واحدا من وجوه المدينة الصغيرة تعز يشار اليه بالبنان.
شاب بعثي أنيق يشتغل في البنك اليمني للانشاء والتعمير ودائما يجتاز شوارع المدينة القليلة رفقة شاب آخر عبدالرحمن عثمان.
ليس عبدالرحمن محمد علي عثمان الموظف في نفس البنك الذي تولى محافظة تعز عقب استشهاد والده محمد علي عثمان عضو المجلس الجمهوري في مايو ١٩٧٣
كنت طالبا في الثانوية العامة أيام كان الشابان البعثيان الأنيقان يطوفان شارعي تعز الأظهر جمال و٢٦ سبتمبر.
ومرت الأيام والسنين وكنت في تعز فذهبت لزيارة أمين عبدالواحد الى مكتبه في البنك اليمني للإنشاء والتعمير ، وعنده وجدت عبدالله عبدالوهاب مقبل يرحب بي ويظهر أنه يعرفني بأكثر مما أعرفه .
كان يقرأ لي فيما قال .
والحق أنني لم أتابع سيرته السياسية ولا تعرفت على نشاطه الاجتماعي حتى وقفت على نشاط هائل في المجال التنموي خلال حكم الرئيس ابراهيم الحمدي مبادرا وقائدا في الحركة التعاونية وفي الأنشطة الخيرية
لكنه يبقى رمزا في العمل السياسي وفي الانتماء للحركة القومية يوم كان الانتماء بذلا وعطاء وليس رفاها وغناء.
تحية لواحد من أهم المناضلين المجهولين في تاريخ الحركة القومية العربية
تحية له في مثواه وفي ذكراه.

تعليقات