منبر حر لكل اليمنيين

الجوع يفتك باليمنيين.. لم نستطع شراء فاكهة “المانجا” حتى في أرخص أسعاره

وصل سعر السلة الواحدة إلى ألف ريال أقل من دولارين، لو لا حوالات المغتربين لكنت المجاعة قد فتكت بالملايين

21

قال مواطنون أن الوضع الاقتصادي والمعيشي وصل إلى مستويات صعبة لا يمكن قبولها نتيجة الفقر المدقع الذي أصاب ملايين الأسر اليمنية خلال السنوات الأخيرة نتيجة الحرب التي شنتها مليشيا الحوثي الارهابية. مضيفين أن أسعار فاكهة “المانجا” على سبيل المثال في موسمه الحالي وصلت إلى أدنى مستوى من الأسعار، حيث يكلف الكيلو في أعلى مستوايته أقل من نصف دولار، بل وصل قيمة السلة الواحدة إلى ألف ريال يمني أي ما يعادل 2 دولار وهو ما لم يحصل من قبل ومع ذلك عجزت أغلب الأسر اليمنية عن شرائه أو الحصول عليه.

وانتشرت فاكهة “المانجا” بشك واسع في الأسواق اليمنية بأسعار مغرية جداً الأسابيع الماضية، لكن أغلب الأسر مضطرون لشراء المواد الأساسية والضرورية التي تبقيهم على قيد الحياة والأمر يسري على كثير من الحاجيات الأخرى. الأمر الذي كلف المزارعين خسائر فادحة نتيجة غياب التسويق الحقيقي من قبل الجهات المعنية وعدم قدرة المواطن على الشراء بالسعر المناسب الذي لا يضر بأحد الطرفين المستهلك والمزارع.

في الحقيقة لم يكن من السهل على اليمنيين تحمّل المعاناة طيلة عقد من الزمن وأكثر، وهم محاصرون بثنائي الجوع والحرب، ما عاشوه كان استثنائياً، فكيف لعائل أن يتحمل رؤية رضيعه جائعاً وفلذة كبده طريح الفراش دون القدرة على توفير الحاجيات والأدوية؟ انهيار الريال وانعدام الرواتب شكل معضلة كبيرة، وإن وجدت مبالغ محدودة لا تسد الرمق، وبرغم ذلك لا يزال المواطن يكابد متمسكًا بالأمل وسط تعنت كبير من قبل السلطات وتهرب من أي مسؤولية.

تقارير مخيفة تحذر من المجاعة

كم هو صعب أن تتجول وسط سوق وتشاهد الخضروات والفواكه والغلال واللحوم ولا تقدر على شراء ولو الجزء اليسير مما تحتاجه الأسرة، ومع ذلك تتجمل بالصبر والانتظار لعل الواقع المُر يتغير ولعل هذا الكابوس ينقشع وترتسم البسمة على محيا هذا الشعب الذي قاوم الحرب ولا يزال، فهناك من يمر عليه شهور ولا يعرف أي نوم من اللحوم بما فيها الدجاج.

اليوم يفتك الجوع والفقر بشعب يعيش غالبيته تحت خط الفقر المدقع، وقد ذكرت تقارير دولية مؤخرا أن نحو 80 بالمئة من اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر، وأكثر من 15 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.

ونتيجة لذلك تتوالى التقارير الدولية المحذرة من مخاطر استفحال المأساة الإنسانية والمعيشية، التي تفتك بملايين اليمنيين جراء تراكمات الأزمة والحرب التي تمر بها البلاد منذُ أكثر من عشر سنوات، وبحسب المواطنين لو لا حوالات المغتربين اليمنيين في الخارج لكانت المجاعة قد فتكوت بملايين الناس.

وبحسب تقرير حديث صدر عن مكتب الاحصاء المركزي، وبالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي، فإن نحو 80 في المئة من المواطنين اليمنيين، يعانون من انعدام الأمن الغذائي وهو ما يؤشر بخطورة الوضع الذي يعيشه هذا البلد المنكوب، ويعبر عن حجم الاهمال الذي تسببت به الحرب وعدم معالجة الوضع بشكل جدي وسريع.

وأوردت البيانات أن قرابة ما يعادل 17 مليون شخص، يواجهون انعدام الأمن الغذائي، كما أن أكثر من 4 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد.

في سياق متصل، كتب ناشطون يمنيون قبل أيام على منصة “فيسبوك” منشورات أشاروا فيها إلى نفس المشكلة وسوء الأوضاع المعيشية التي يعيشها المواطن في الداخل، وعبروا عن حجم المعاناة والفقر والتهميش الذي يتعرض له المواطنون في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي والمناطق المحررة. كما لفتوا إلى أن كل شيء متوفر في البلد ويمكن للمواطن أن يعيش بكرامة، لكن ذلك يتطلب وجود رواتب ومداخيل جيدة ليغير حال البؤس الذي وصلت إليه ملايين الأسر.

معيشة بشق الأنفس

وأوضح خبراء اقتصاديين أن الأرقام التي ترد هنا وهناك عن الوضع المعيشي للمواطنين ودخلهم ليست دقيقة كما هو الواقع، ولا تحيط تماماً بدينامية الوضع الحالي وكافة المعطيات، كما يرى خبراء بأن هناك شرائح اجتماعية تكاد تؤمن حاجتها الأساسية من المأكل والمشرب بشق الأنفس، فيما خرجت العديد من السلع من حسابات أغلب الأسر نتيجة عدم قدرتها على تغطية مصاريفها، وأكتفت باستهلاك كميات قليلة منها فقط.

كما أن هناك أيضاً الشريحة الوسطى التي اضطرت هي الأخرى إلى بتقليص إنفاقها على سلع وخدمات عديدة، بل وأوقفت استهلاكها تماماً.

ويضيف الخبراء كذلك، إلى أنه قبل الحرب كانت حصة إنفاق الأسر على الغذاء تمثل ما يقارب 30 إلى 35 في المئة من كامل الإنفاق، أما الآن فتنفق الأسر أكثر من 60 في المئة لتأمين المعيشة الغذائية، والعديد منها غير قادر على شراء السلع الغذائية الأساسية ذات السعر المنخفض، فتجنبوا شراء اللحوم والمنتجات الحيوانية المستهلكة لصالح الاكتفاء بالبقوليات والحبوب والماء.

ووفق مختلف التقارير الأممية الحديثة، فإن اليمن بات من أفقر دول العالم، حيث بات أكثر من نصف سكانه تحت مستوى خط الفقر، فضلاً عن مقتل وجرح مئات الآلاف، وتشرد الملايين، ودمار مدن ومناطق بأكملها، واستباحة واحتلال للأراضي اليمنية، من قبل دول إقليمية طامعة، وميليشيات في شمال الوطن وجنوبه تحاول فرض واقع مرير على شعب بأكمله، وهو ما انعكس سلباً على حياة المواطنين وظروفهم المعيشية.

تعليقات