منبر حر لكل اليمنيين

الروائيين المقري ونصر الله في ندوة مشتركة برعاية “تكوين وجاليري ضي”

تحدثا عن تجربتهما في الكتابة الأدبية والبيئة التي عاشوا فيها وعوالم الرواية

57

أقامت (مؤسسة تكوين) بالقاهرة بالتعاون مع (جاليري ضي) ندوة فكرية ثقافية حول أدب الرواية وتجربة الروائيين الكبيرين الفلسطيني (إبراهيم نصر الله) واليمني (علي المقري)، أدار اللقاء الكاتب الفلسطيني (سامح خضر)، وسط حضور نوعي وفرصة كبيرة للتعرف على الضيفين من قبل كتاب عرب ومصريين وعدد كبير من اليمنيين الذين أتوا لرؤية الروائي المقري المقيم في فرنسا منذ سنوات.

تحدث نصر الله والمقري عن أهم المحطات في تجاربهم الروائية والشعرية، واسلوبهما في الكتابة والمواضيع الشائكة أو المحورية والثيمات التي ذهبوا للكتابة عنها، مع الفارق بين الروائيين من حيث البيئة التي عاشوها والرؤية الفكرية لمواضيع الأعمال الروائية التي كتبوا عنها، كما أشار نصر الله إلى أن هناك عشرات الأعمال لكن في النهاية الروائي مطالب في أن يكتب أفضل ما عنده وما هو قابل لأن يصنع فارقًا وأن يستمر ويكون ضمن خارطة الأدب الحقيقي، في اشارة إلى أن هناك أعمال كثيرة تموت في مهدها أو أنها لا تشكل أثرًا، كما أكد أنه لا يتقيد بزمن أو مكان معين وأنه ممكن أن يكتب رواية عن فترة قبل ثلاثين ألف سنة مثلا وهو بصدد ذلك، كما أنه مع قراءة الأعمال العربية في الغرب ليس اشفاقًا لأنها تتحدث عن القضية الفلسطينية وإنما لأنها تستحق القراءة من عدمه.

كما تطرق الاثنان إلى ابتعادهما عن بلدانهما جسدا وكتابة أحدهم يعيش بين الأردن وعواصم أخرى، والآخر ترك اليمن وذهب إلى فرنسا، أكد المقري أنه لا يزال يعيش المكان وربما الزاوية التي قضى فيه سنوات من عمره يكتب فيها والمكتبة وحتى الوجبات التي كان يتناولها، وكل ما يتعلق بالمكان والروتين اليومي الذي كان يمارس فيه حياته، حتى المتكى الذي كان ينزوي فيه حتى ساعات متأخرة من الليل، وفجأة كل شيء تغير، لكن ذلك لم يدفعه للكتابة عن الترف أو الرفاهية، الأمر ما زال قيد الحذر لكونه ما يزال يعيش جو الوطن بكل تفاصيله ومعاناته، وهذا شكل له الكثير من الضغوط خاصة بداية وصوله فرنسا، حيث ظل سنوات حتى استقر، خاصة وأنه وصل إلى مدينة بداية الأمر مليئة بالضجيج قبل أن يغيرها، بمعنى أنه مجبر يوميا على متابعة الشأن اليومي اليمني في ظل الحرب التي تدور داخل البلد وأوضاع الناس اليومية وحالات البؤس ومن الصعب الانفصال عن هذه الحالة.

كما تطرق الاثنان إلى نزوحهما من الشعر إلى الرواية، مع تمسك نصر بكتابة القصيدة حتى الآن على عكس المقري الذي توقف ربما منذ سنوات، جميعهما طرح مبرراته وأسبابه في هذا الجانب حيث أكد المقري على أن الشعر بحاجة لإمكانيات كبيرة وهائلة اليوم من أجل كتابته ومخاطبة الآخر أو القارئ وايصال الفكرة كاملة وتفكيك هذا الواقع المليء بالمواضيع، كما أن الشعر أصبح موجود بصور متعددة في الكتابة عمومًا، عكس نصرالله الذي أوضح أنه بدأ ساردًا لكن طباعة أول أعماله شعرًا من جعل الأولوية لدى القارئ على أنه أتى من الشعر، وقال أن تجربته الشعرية نجحت وهو متمسك بكتابة القصيدة خاصة بعد أخذ أول دواوينه المركز الأول في الأردن، وأشار إلى بعض أعماله الروائية التي حملت جزء كبير من اللغة الشعرية أو الشعر نفسه في البدايات.

المقري تحدث عن الحوليات في رواية (اليهودي الحالي) والظروف التي كتب تحتها الرواية وهي نتاج قراءة عميقة في مواضيع كثيرة، إضافة إلى أن القضية الفلسطينية التي ظلت هاجس منذ وقت مبكر، وقد انعكس الأمر على كتابة الرواية وتم اسقاطها في الواقع اليمني، كما تطرق إلى (رائحة سوداء.. طعم أسود) وهي فئة المهمشين في اليمن وهو العمل الذي أحدث ضجة كبيرة إلى جانب رواية (حرمة) و (بخور عدني) و (بلاد القائد)، كما أكد أن هناك أعمال قادمة لكنه حذر جدا في مواجهة القارئ بها.

تحدثا أيضا عن المنفى بمعناه التقليدي أو معناه المؤلم، نصرالله لم يعش المنفى الذي عاشه البعض بل أنه ولد منفيًا أصلا حسب حديثه، عكس المقري الذي ذهب للمنفى في وقت متأخر وهذا يشكل صدمة عندما تجد نفسك في بيئة مختلفة وجو مغاير وأنت في سن متقدمة، وهو أمر بالتأكيد يجلب الكثير من الهواجس والضغوط قبل أن تتأقلم النفس مع الواقع الجديد وتبدأ بترتيب حياتك والتكيف مع بيئة جديدة.

كانت هناك مداخلات عديدة من بعض الحضور رغم ضيق الوقت حول تقنية الرواية وعوالمها والخطوات التي يمكن أن يتبعها الكُتاب أثنى الكتابة خاصة التجارب الشبابية والتي رفضا تحديد أسلوب معين أو تقنية لأن العمل والكاتب هما من يفرضان ذلك من واقع الكتابة نفسها.

الجدير بالذكر أن المقري حضر بدعوة من مؤسسة تكون للمشاركة في ندوة (تجديد الفكر العربي) بمشاركة عدد من أهم الباحثين والكتاب في الوطن العربي، منهم (يوسف زيدان) و (فراس السواح)، حيث عقدا خلال يومين ست جلسات وقد أثارت الندوة الكثير من الجدل حول المفكر وعميد الأدب العربي الراحل (طه حسين) والذي كان على رأس المكرمين بعد خمسة عقود على رحيله، وقد اعتبر الباحث فراس السواح من سوريا أن ما حدث كان مجرد دعابة حين سأله زيدان أنت أهم أم طه حسن، وأكد السواح أنه عاتب زيدان حيث أن السؤال أحدث ضجة وقد تم اجتزاء الإجابة من قبل الجمهور ووسائل الاعلام بطريقة غير دقيقة وأنه حضر من سوريا خصيصا لتكريم عميد الأجب العربي وأن أي سؤال مثل هذا لأي باحث من الطبيعي أن تضع نفسك بعد طه حسين.

ولقب طه حسين بـ عميد الأدب العربي، والذي كان على رأس المجمع اللغوي وكانت له كتابات نقدية في الأدب العربي أحدثت جدلا واسعا إلى جانب حياته العلمية أجمالًا، خاصة بعد عودته من الدراسة في فرنسا (1889 -1973م) وقد عد من أهم الأدباء والمفكرين، حيث فتح للأدب العربي آفاقًا عالمية فاستحق أن يكون له عميدًا بإجماع الكثيرين.

  • نشرت المادة بالتزامن مع موقع نيوزيمن.
تعليقات