أواخر الثمانينيات.. قبل حبائل الشيطان
وكنا نراعي لها بشوق وتلهف أكثر مما كنا نراعي للعطلة.
كانت تجمعا سنويا فعالا ومهيبا، نروح له من كل مدارس الجمهورية إلى معسكرات الاستقبال في مختلف المحافظات، وهات يا مرح في تمارين وأنشطة يومية متنوعة تتفجر فيها الطاقات وتتكشف المواهب وتصقل وتتبارى وتطل برأسها للوجود في مهرجان رجولي يستمر لأسابيع..
وهات يا منافسة.
اللي يشعر واللي يغني واللي يتمسرح واللي يمثل واللي يرسم واللي يخطب واللي ينشد واللي يتلو القرآن واللي يتريض واللي ينصع واللي يقلد الأصوات واللي يقول نكت واللي يعزف، وكل يوم نسمع ونردد النشيد الوطني بهدير يهتز له العلم.
وكل يوم نسمع ونردد الأغاني الوطنية بحماس يخلي جسمك يقشعر؛ ويخليك تحب بلادك من صدق وتصبح مستعد تدي راسك من أجل وطنك.
وأحسن ما كان في هاذيك المعسكرات الصيفية
الحفل الختامي الذي يجتمع فيه كل الطلبة المتعسكرين إلى صنعاء ويقع مهرجان واستعراض شبابي كبير يحضره الرئيس مع كبار رجال الدولة.
ونعود إلى حوارينا من بعد ذلك ولدينا ذكريات ومهارات وفي قلوبنا حب كبير لليمن.
حب خالص لا يخالطه شيء.
وكانت الحياة حلوة والبلاد في خير وسلام
وكانت طاقات الصبيان تذهب في العطلة إلى مصارف سليمة وإلى أنشطة مأمونة.
لكن الدولة تخلت فيما بعد عن أجمل ما فيها
وتركت الطاقات لحبائل الشيطان، وظهرت إلى السطح جماعات الإسلام السياسي وتصيدت الصبيان والشبان إلى أنشطتها وإلى رحلاتها وإلى برامجها الخاصة، وتحولت البلد بسبب من ذلك إلى وكر مفتوح لتنشئة جيل صاعد كبر بلا عقيدة وطنية.
جيل متزمت يحمل أفكارا تدميرية ورؤى ضيقة كانت في الأساس من نتاج التعبئة الإخوانية والسلفية بدعم من الجارة الشقيقة، حتى جاء الحوثيون مؤخرا وساروا على نفس المنوال
وتصيدوا الصبيان والشبان لأنشطتهم الخاصة وإلى دورات ثقافية وإلى مخيمات صيفية كان لها نفس الأثر السيئ والمدمر.
وكان كل الخراب الذي صرنا عليه الآن؛ نتيجة طبيعية وحتمية لغياب المشروع الوطني الجامع؛ لإهدار الطاقات وترك المجال مفتوحا لحبائل الشيطان لتتصيد رؤوس الصبيان والشبان؛ وتعليبها بأفكارهم ومعتقداتهم الخاصة، وغاب الوطن من الذاكرة، وحضرت الجماعات وذهبت البلد إلى أسفل سافلين!
والسؤال:
– متى سيستعيد رجال الدولة عقلهم الإيجابي يالول؟
– هيء
ما لو كان بو معاهم عقول ماوصلنا إلى هذي المواصيل ياموسمك.
من صفحة الكاتب على الفيسبوك