27 ابريل.. يوم النهج الديمقراطي في اليمن
مع حلول السابع والعشرين من إبريل من كل عام، يستذكر اليمنيون يوم شهدوا ولادة الديمقراطية ومارسوها بحرية مطلقة عبر صناديق مقفلة بالشمع الأحمر وتحت إشراف دولي، قبل أن توأدها التنظيمات والقوى المتطرفة على رأسها مليشيا الحوثي الكهنوتية مع سبق الإصرار والترصد، سعيا في فرض نفسها وصي على الشعب وثرواته معتبرة نفسها الجهة الوحيدة التي تستحق إدارته وفق مشروعها الخاص.
البداية كانت يوم الـ 27 من ابريل عام 1993 (أي بعد تحقيق الوحدة اليمنية بأقل من ثلاثة أعوام)، حينما شهدت الجمهورية اليمنية أول انتخابات برلمانية حرة ومباشرة من قبل الشعب، اختيار فيها من يمثله في البرلمان، ومنذ ذلك الحين والديمقراطية في بلادنا تشهد تطورا ملحوظا بفضل حرص الرئيس الأسبق الشهيد علي عبدالله صالح ترسيخ وتطوير هذا النهج الديمقراطي والتعددية السياسية والحزبية كخيار وطني لا رجعة عنه لحل مشكلة انتقال السلطة.
كان ذلك اليوم والعام هو محطة الإنطلاق للنهج الديمقراطي التعددي في اليمن، أعقبها إنتخابات برلمانية أخرى بدورتين أخرى، إحداهما في 27 أبريل 1997م، والأخرى في 27 أبريل 2003م، وأختار الشعب اليمني ممثليهم في مجلس النواب، كما جاءت الإنتخابات الرئاسية في سبتمبر من العام 1999م وفي سبتمبر 2006م، وإنتخابات المجالس المحلية في فبراير 2001م وسبتمبر 2006م، ثم إنتخاب أمين العاصمة ومحافظي المحافظات اليمنية في مايو 2008م.
جميع هذه المحاط كانت محل قلق لدى الكثير من التنظيمات والقوى المتشددة والمتطرفة سياسي ودينيا وعقائديا، والتي لم تكن تؤمن مطلقاً بحق الشعوب باختيار من يمثلها بنفسها، لما تحمله من اجندات خارجية، ولذا كانت ترى هذه التنظيمات والمكونات بأن الديمقراطية وحتى التعددية السياسية تشكل خطراً محدقا على ديمومتها. ومع انها كانت تعمل جاهدة على وأدها في المهد، إلا أنها كانت تصاب بخيبات خبثها أمام شعب كان يعض بالنواجذ على حقه الديمقراطي الذي كان يحمل مشاعله الزعيم الشهيد “صالح”، حتى تكالبت قوى الداخل والخارج على هذا المشروع في 11 فبراير 2011، انتقاما من هذا الشعب.
أدرك الزعيم الشهيد “صالح” أن هذا العام (2011) سيصبح نكبة حقيقية بالنسبة لليمنيين وديمقراطيتهم، عمل جاهداً على حماية هذا الاستحقاق الشعبي من المؤامرات والانقلابات بطرق وأساليب حداثية، حينما أصر على أن يتم نقل السلطة بطريقة ديمقراطية وعبر الصناديق المغلقة بالشمع الأحمر أيضاً.
كان ذلك في 27 من فبراير من العام 2012 في انتخابات توافقية اجمعت فيها القوى السياسية على اختيار عبدربه منصور هادي -نائب الرئيس صالح حينها- لفترة انتقالية لمدة سنتين، فكانت هذه المحطة آخر مراحل الديمقراطية التي عاشها اليمن نتيحة مخططات القوى السياسية التي طالبت بإسقاط النظام دون أن يكون لديها مشروع وطني ليتجه اليمن نحو هاوية سحيقة لم تقم بعدها.
برؤية قيادة حكيمة، أرسى الرئيس الأسبق على عبدالله صالح النظام الديمقراطي التعددي والانتخابات الحرة والمباشرة كخيار وطني لبناء اليمن الجديد، وبرؤية التنظيمات والمكونات ذات المشاريع والاجندات الخارجية شُيّعت الديمقراطية ولم يبق لليمنيين إلا الوقوف على أطلالها.