منبر حر لكل اليمنيين

لماذا أصبح المعلمون في اليمن عرضة لجميع أنواع الاعتداءات؟

17

هل كان أمير الشعراء أحمد شوقي يدرك بأنه لن يأتي من بعده من يقوم فيه للمعلم ويوفيه التبجيلا، فأمر بالقيام له؟ ذلك واقع يعيشه المعلم في اليمن، يتجرع كل المرارات، ويقف مكشوف الظهر لا أحد يحميه، يتعرض لجميع أنواع الاعتداءات، لفظية كانت أو جسدية، تجرأ عليه الجميع، سرقوا راتبه، أهانوه، نالوا من كرامته ولم يبق هناك حرمة لمدرسة أو مدرس.

يموت المعلم اليمني في اليوم ألف مرة، فهو يتعرض لحملات اعتداءات ممنهجة ومقصودة، فكل المشاكل تقع على عاتق المعلم، تظافر عليه المجتمع والمليشيات، بسبب بيئة الحرب أصبح المجتمع يفرغ كبته في المعلم وبسبب التربية الخاطئة من قبل الأسرة يقدم الطلاب على الاعتداء على مدرسيهم، فالبيئة الحاضنة للعنف أفرغت هذا العنف في المعلم .

أصبحت الاعتداءات سمة شبه يومية على المعلمين، ففي غضون أشهر قليلة تم رصد عدة اعتداءات على مدرسين، كان أهمها شريط الفيديو الذي انتشر بشكل كبير في شبكات التواصل الاجتماعي بمدينة عدن والذي يوضح مجموعة من الطلاب يهاجمون الأستاذ نبيل يوسف ويصورون الاعتداء عليه، والأغرب في الأمر أن الجريمة مرت دون أن يتوقف أمامها بقية المدرسين في المحافظة، وكأنهم لم يدركوا أن إهانة زميلهم هي إهانة لهم جميعا، والأفظع من ذلك طبيعة تعامل محافظ عدن وبقية الأجهزة الأخرى مع القضية وتميعها بتلك الصورة التي جعلت الأستاذ يعيش قهرا مضاعفا .

وللأمانة فإن الطلاب الذين اعتدوا على الاستاذ نبيل أو على بقية المدرسين في عموم محافظات اليمن، فإنهم ضحية للبيئة المضطربة والشاذة ولانتشار حبوب الهلوسة التي تجعلهم يتصرفون بعدوانية، هذه الظاهرة تعكس تراجعا مخيفا للمنظومة الأخلاقية للمجتمع وارتفاع منسوب العنف المجتمعي الذي أصبح مبررا لدى الكثيرين من الذين يعملون في صفوف المليشيات المسلحة، يقابل هذا السلوك غياب الردع المجتمعي والقانوني .

استهداف المعلم، كما قلنا مخطط وممنهج، تمارسه مليشيا الحوثي وبقية المليشيات الأخرى التي أجمعت على تدمير القيم بهدف إفساد كل شيء، لأنك إذا أهنت المعلم وأفقرته، فإنك تستطيع أن تدمر التعليم والقضاء وتجعل الدولة فاشلة والمجتمع جاهل، فيلجأ إلى تشجيع الغش فيصبح الجميع مشاركون في القتل، الطبيب يقتل مرضاه والمهندس يسقط العمارة على رأس ساكنيها ويضيع العدل على يد قضاة نجحوا بالغش، فمن يحاسب أولئك المجرمين الذين خنقوا المعلم، فخنقوا من خلاله البلاد، ثم ذهبوا يتفاخرون بعمالتهم للخارج !.

تعليقات