الصراع بين إسرائيل وإيران ماذا بعد؟؟
التساؤلات كثيرة حول ما هي الخطوة التالية في الصراع الجاري في الشرق الأوسط بين إيران وأذرعها من جهة وأمريكا واسرائيل وحلفائها من جهة أخرى؟ وهنا يتحول التركيز أكثر إلى الخطوات التي سيتم اتخاذها في الصراع المستمر وتحديدًا بين طهران وتل ابيب، ومع تصاعد التوترات، كان لا بد من الخوض في مسألة التكهنات وتقييم التطورات والإجراءات المحتملة التي قد تتكشف في المستقبل القريب من خلال معطيات عديدة.
وهنا لا بد من الإجابة وطرح الأسئلة للوصول إلى نتائج محتملة على الصعيد السياسي والعسكري وربما الاقتصادي والخروج بإجابات ومقاربات ستكون شاهد على مخرجات ربما تكون كارثية في أسوأ الاحتمالات أو مفتوحة على كل الأبواب، في ظل تكتلات وصراع ما يزال باردًا بين أقطاب الشرق والغرب وروسيا.
ماذا تريد إيران من إسرائيل وماذا تريد إسرائيل من إيران؟ سؤال جوهري للخروج بالسلامة من قواعد اشتباك لا تبدو حتى اللحظة أنها ناجعة بشكل واسع لأي من الطرفين باستثناء الأهداف التي تمكنت منها اسرائيل بأقل التكاليف مع عمل الاعتبار لعملية طوفان الأقصى دون غيرها من المسرحيات التي أتت لاحقًا.
فإذا كانت الحرب إحدى وسائل السياسة وهدفها إجبار الطرف الآخر على الانصياع لإرادة الطرف الآخر، فمن هو الطرف الذي يملك القدرة على فرض ذلك الاختيار في الوقت الحالي؟ ومن المستفيد من هذا التصعيد غير المسبوق في المنطقة ومن الخاسر؟
إيران، بعد أن اختارت، بحسب كلام المرشد الأعلى خامنئي، الصبر الاستراتيجي لعدم الرد على الضربات الإسرائيلية على قادتها ومصالحها في سوريا، بالإضافة إلى تعرضها سابقاً لضربات استخباراتية في عمق الداخل، يبدو أنها تخلت عن هذا الخيار، ولكن السؤال الكبير هو ما إذا كانت إيران تريد حقاً دعم القضية الفلسطينية والانخراط في حروبها.
أعتقد أنه من خلال متابعة تصريحات ومواقف الأطراف، هناك عدد من السيناريوهات المحتملة، وهنا أود الإشارة إلى أن الرد الايراني تحكمه اعتبارات خاصة بمصلحة ايران دون غيرها وه ما كشفته العملية الأخيرة بدليل أن أكثر من ثلاثين ألف شهيد في غزة وما يزيد عن مائة ألف جريح وتدمير أحياء بأكملها لم يجعلها تتحرك كما فعلت لقصف القنصلية في دمشق.
السيناريو الأول: رد سريع
رد إسرائيلي حتمي وسريع، بما يخدم مسألة عدم عودة إيران مرة أخرى لاختبار قوة إسرائيل وحلفائها كما أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة ونتنياهو لديهما مصلحة في ضرب إيران بشدة لأنها فرصة لن تتكرر، بشرط أن يكون الرد حكيما، كما قال المتحدث الإسرائيلي، أي ألا يغضب بايدن ولا يحرم إسرائيل من الدعم الأميركي والأوروبي إذا تطورت الأحداث.
مع أن الوقت ليس في صالح إسرائيل. ويتوقع رد سريع وقوي لامتصاص غضب الرأي العام لأن هيبتها مهددة.
السيناريو الثاني: استجابة حذرة
عندما يتعلق الأمر بالرد على الهجمات الإيرانية، قد يكون هناك اتفاق على ضرورة الرد، لكن الخلاف ينشأ على كيفية الرد ومتى. ومن الأهمية بمكان دراسة ردود الفعل والنظر في مدى إرضاء الرد للولايات المتحدة وحلفائها الذين قدموا الدعم في مواجهة هذه الهجمات. إن العثور على حل يتوافق مع اهتماماتهم ويضمن رضاهم هو أمر أساسي.
السيناريو الثالث: العمل الدبلوماسي وتشكيل تحالف إسرائيلي غربي.
وبحسب مؤيدي هذا السيناريو، إذا قامت إسرائيل بالانتقام، فسيكون ذلك خطأً فادحاً. لأن الرد الإيراني سيكون حتمي، وبالتالي الأفضل لها أن تحافظ على انتصارها الحالي. خاصة أنهم يرون أن إيران لا تريد المواجهة مع إسرائيل وحلفائها الآن، وأن الوضع الداخلي في إسرائيل سيئ وضعيف جداً.
السيناريو الرابع: محاولة الاحتواء للطرفين وتهدئة الصراع بتوافق دولي، فمن الواضح أن الولايات المتحدة لا ترغب في الوقت الحالي توسيع الصراع في منطقة الشرق الاوسط، وتعلم أن ذلك لن يكون في صالحها لحماية مصالحها أولا، وكذلك لحماية أمن اسرائيل.
ونتيجة للتجاذبات الموجودة سيتطور الصراع ليكون بين محورين الأول الولايات المتحدة وحلفائها من إسرائيل وبريطانيا والاتحاد الاوربي والطرف الآخر إيران وحلفائها بما فيهم روسيا والصين.
كما أن هناك أيضا رغبة من ايران بعدم توسيع رقعة الصراع والدخول في حرب مباشرة مع اسرائيل لأن ذلك سيؤدي إلى مشاركة الولايات المتحدة الامريكية في الصراع، وهذا سيؤثر على ايران وبرنامجها النووي
وكذلك التأثير الاقتصادي، مما يتيح للمعارضة استغلال الوضع في الداخل الايراني.
يتوقع كثير من المحللين نجاح ضغوط الولايات المتحدة في اقناع إسرائيل بعدم الرد والاكتفاء بما تم حتى لا يتطور الصراع ويؤدي إلى مواجهة شاملة لا يعرف نتائجها ولكن ما هو المقابل لذلك، هل مزيد من الضغوط على حركة حماس للقبول بصفقة للتهدئة وتبادل الأسرى؟ أم سيكون اتخاذ قرار بالإجماع بوقف الحرب في غزة ومحاولة الاتفاق حول مستقبل غزة والقضية الفلسطينية؟
وربما يكون هذا السناريو هو الأضعف لأنه امنيات احتمال تحققها ضعيف في ظل التوتر والصراع المحتدم.
السيناريوهات هي تقديرات لما من المحتمل أن يحدث. السيناريو الثالث كان محتملاً حتى الليلة الماضية. لكن تصريحات بعض المسؤولين الأميركيين، التي تناقلتها بعض الفضائيات اليوم، تجعل الأمر غير محتمل. ويبدو أن أميركا أعطت الضوء الأخضر للرد. أمريكا وحلفائها لا يعتبرون ما فعلته إيران ردا على قصف السفارة الإيرانية، بل يعتبرونه اعتداء وعدوانا على إسرائيل. الرد الإسرائيلي قد يتطلب رداً إيرانياً، وبالتالي فإن المنطقة مرشحة لمزيد من التصعيد.
الأمر المؤلم والسؤال الأهم هو إلى أي مدى يؤثر الصراع بين أمريكا وإيران سلبا أو إيجابا على غزة والقضية الفلسطينية؟!.