ثروات مأرب النفطية والغازية خارج اهتمامات وزارة النفط والحكومة الشرعية..!!!
تشكّل مأرب نواة النشاط النفطي الاول في اليمن، وهي المضخة الوسطى للنفط والغاز كما أن فيها ثروات أخرى في عمقها الصحراوي في أرض الجنتين، وأغدقت هذه النعمة التي تفردت بها مأرب على بنوك اليمن بالأموال والموارد، وكان الدور الكبير لهذا التطور يعود للكوادر التي تعاملت بمسؤولية مع هذه الثروة، والمختصين والقواعد البشرية الذين استطاعوا بجهدهم في متابعة مهمتهم الاساسية، دون أن يتوقفوا وظلوا يسعون لتطوير هذا القطاع، وعملوا على زيادة الانتاج النفطي والغازي وتطورت عملية التنقيب واستخراج النفط في اليمن في بضع سنوات.
القدر الذي ظل ثابت ويدفعه أبناء مأرب حتى الآن، هو أنهم ما زالوا ممسكين بحنفيات سواقي الذهب الأسود النفطية وفي لحظة يتوقف، لأننا لا ندري إلى أين تتوجه هذه السواقي، ونحن نمسك بحنفيات سواقي الخير، لكننا نصطدم بنخب القيادات، التي تظهر ثم تتوارى من جديد كل ثلاث أو خمس سنوات، ومن هنا تبدا القسمة الظالمة بحيث تتوجه هذه الحنفيات والسواقي إلى زكائب الظلم والقهر.
السؤال الذي يضع نفسه دائما والذي يزعزع ثقتنا ويجعلنا نبحث عن جواب، هو كيف يجمع لنا الله أرزاقنا في هذه البقعة المباركة التي شرفها ورعاها بارض الملكة بلقيس؟
هذه الأرض التي وصل اليها هدد النبي سليمان وكانت أرض الخير، أرض كل ما فيها يدل على مكانة هذه الارض وقوة سكانها ونزعة أهلها للزراعة والبناء، ورغم الاكتشاف النفطي الذي كان سبب في النهضة والتنمية التي شهدتها اليمن ما بعد الثمانينات، حيث تحول واقع الدولة لتصبح قادرة على الاعتماد على نفسها، واتجهت اليمن لبناء المشاريع النفطية والتعليمية والبنيية التحتية، وكان لنفط مأرب مشاركته في تطوير امكانيات الدولة والمجتمع، فثلاثة أرباع اليمن من الانجازات كانت من موارد مأرب النفطية والغازية لكن هذه الامكانيات صارت تتقاسمها اطراف عدة، وصار هناك نهب لهذه الموارد ومحاولة لتغيب النفط والانتاج والمبيعات، وها هي مأرب فاقدة لكل شيء لصالح جهات متشبعة بمخطط اظهار مأرب ،كما لو أنها استنزفت الثروات، وهناك محاولة لتمييع هذه الامكانية لتحالفات سياسية.
وبعد كل هذه المدة تحولنا لنكون عرضة لكل التجاوز والإنكار، وأصبح ينطبق علينا المثل: “كالعير في البيداء يقتلها الظماء.. والماء فوق ظهورها محمول”، ظلت مأرب طوال الأربعين عام تخلق لليمن التحول في كل الإمكانيات، وتعزز للحكومات واقع من التغير واستطاعت الدولة القيام بدورها في كل المجالات، لكن هذه الثروة صارت تضيع، فهذه الثروات المنهوبة والبعيدة لا يستفيد منها المواطن، والذي يقفون في متاريس حماية الوطن والثروة، وهناك قوى تتناوب على نهب ثروة الذهب الأسود من قيادات وهناك أيادي تقبض على اطراف هذه المائدة بينما تمنع هذه الموارد وإخفاءها واستبقاءها للأيادي العابثة، والشعب المحروم يكتفي برؤية تلك الغنائم تمر بسواقي من جنبهم وأمامهم ولا يصل إليهم شيء.
نستطيع استخلاص نتائج و محصلة من أن هناك عمل ممنهج لتفتيت الخارطة الوطنية النفطية للجمهورية اليمنية، بسياسة وإشراف مباشر من قبل قيادة وزارة النفط والمعادن بالحكومة الشرعية، فالوضع النفطي بشكل عام يشهد بذلك وهذا المخطط ممنهج بشكل أكثر خبث ووفق تحالفات، فالبنية التحتية النفطية البسيطة والمتواضعة التي يمتلكها اليمن في خطر، في ظل سياسات العبث في هذا المجال الحيوي الهام والذي ترسخ ضمن واقع الفساد الذي يطغى على جميع السياسات والأجندة، هناك استراتيجية التي يتم العمل بها وتنفذها قيادات وزارة النفط منذ 12 عام والي اليوم، حيث يتفننون في استباحة هذه الموارد بعيداً عن أعين المساكين، ولا يبقى إلا اصحاب الجنة الذين اقسموا أن يصرمنها مصبحين ولا يستثنون، وبإصرار هذه القيادات النفطية وفي مقدمتهم وزير النفط الاستثمار بالموارد وحجبها عن مستحقيها في مأرب المغلوبة على أمرها، حيث حرمت مأرب من ثرواتها ونهبت من خصائص امتلاك وجودها، كما أن احتكار هذه الثروة على أيدي هؤلاء الجشعين، جعل الناس في مأرب يكتفون بشم رائحة مائدة اللصوص.
كمتخصص في هذا القطاع النفطي بإمكاني ان أجزم أن هناك تخادم من بعض القوى السياسية، لتفتيت وتغيير خارطة النفط اليمنية وفق اجندات ومصالح كبرى، وقيادة وزارة النفط بالحكومة الشرعية السابقة والحالية ضالعة في هذا التدمير لهذه الثروات السيادية الهامه، كما أن عدم اهتمام وزارة النفط والمعادن في الحكومة الشرعية، وإغفالها عن تفعيل دور الرقابة الفنية والمالية والإدارية والرعاية والاهتمام بالوضع النفطي في مأرب، وعلى حقول ومنشآت مأرب النفطية وحقولها المتهالكة والتي تبلغ قيمتها ما بين 5 الي 7 مليار دولار مع منشأة بلحاف التي تعتمد على الغاز المنتج من مأرب، بالإضافة أن مأرب يوجد بها أكبر حوض نفطي وهو قطاع (18) النفطي على مستوى اليمن، والذي يوازي مساحته مساحة احدى دول الخليج العربي ومنشآت نفط مأرب، تمتد ما بين البحر الأحمر غرباً وحتى البحر العربي شرقاً الي منطقة بلحاف التي تتغذى بالغاز من حقول نفط قطاع 18 النفطي بمحافظة مأرب، وما هو سر انشغال وزارة النفط فقط بمتابعة شأن الموارد النفطية في حضرموت وشبوة والمناطق الأخرى الشرقية الجنوبية، ومتجاهلة أن مأرب ونفطها وغازها كان ولا يزال البقرة الحلوب المعطاء.
لماذا تواجه المناطق في مأرب بالحرمان والإهمال، وعدم تقديم التدريب والتأهيل واعطاء ابناء مأرب الحصة المشروعة من التوظيف ومن هذه الموارد الاقتصادية، هذه القيادات في وزارة النفط والمعادن ممثلة بقيادة وزير النفط، تتناسى مسؤولياتها الانسانية والأخلاقيّة والاقتصادية تجاه هذه الموارد، وتطوير الحقول في مأرب وتحسين أوضاعها، وكل الشركات النفطية العاملة بمأرب، والاكتفاء بالتركيز على المنطقة الجنوبية والشرقية والبحث عن موارد سهلة الحصول وبعيدة عن الرقابة والصداع الإداري والمالي، فلم تشهد مأرب وحقولها النفطية وشركات النفط العاملة بها أي لفته اهتمام او زيارة ميدانية على الأطلاق من قبل وزير النفط الحالي، أو تبني مشروعات التطوير لمأرب في الجانب النفطي، أسوة بالشركات والمؤسسات النفطية بالمحافظات الجنوبية، بل أننا سرنا نلحظ محاولة تعقيد الوضع النفطي بمأرب ومحاولة ايجاد بدائل اخرى لمنتجات النفط والغاز من مأرب، التي توزع على كل محافظات الجمهورية اليمنية، واهمال وظيفة منشآت مأرب النفطية والغازية وبشكل عنصري ومقزز ومفضوح، من قبل قيادة وزارة النفط التي لا تعي المرحلة الصعبة التي يمر بها القطاع النفطي في ظل الصراع والحرب القائمة في اليمن.
على رئيس الحكومة الجديد المسؤولية الكبرى والذي يتبني شعار التصحيح ومحاربة بؤر الفساد ومكامنه، ومن هنّا فإن رئيس حكومة الشرعية الجديد الدكتور أحمد بن مبارك عليه أن يلتفت لهذه النقاط السوداء موضع التقييم والرقابة والتصحيح، وإدماج منطقة وحقول مأرب في جدول الرعاية والاهتمام المؤسسي من قبل وزارة النفط، والقيادة العليا ومحاسبة وزارة النفط واحالة المتسببين في هذا الإهمال للتحقيق لمعرفة أسباب هذا الاتكال على السلطة المحلية بمأرب كونها سلطة غيّر مؤهله فنياً، وليست مخوله قانونياً أو دستورياً بإدارة القطاع النفطي المباشر والسيطرة على موارده وقراره.
رئيس الحكومة لو أراد فرض عملية التغيير والقضاء على الفساد لذا يجب عليه أن يعمل خطة لإنقاذ حقول مأرب ومنشأتها، والتي تعرضت للإهمال والتخريب بسبب غياب وزارة النفط عن دورها في ذلك، وتكليف القيادات الفنية والمؤهلة للتحرك قدماً للاهتمام بهذه الموارد نحو التنمية والاستثمار الوطني.
إهمال قيادة وزارة النفط والمعادن للبنية النفطية وللشركات العاملة في مأرب، متعمد وهذا أعطى ذريعة للسلطة المحلية بملء الفراغ، واستغلالها لذلك لتمرير مصالحها وأجندتها فى السطو المباشر على الثروة والعوائد المالية منها ؟
وهذا أيضا يطرح سؤال هل هناك اتفاق وتقاسم للمصالح، بين قيادة وزارة النفط المتعاقبة في الشرعية وسلطة مأرب؟!
ليكون هذا الوضع هو السبب في الإضرار بمصلحة الوطن، والحفاظ على الثروات الطبيعية في مأرب ،لتكون هناك سياسات العبث بالثروات وتعطيل الامكانيات النفطية ليكون هناك اخفاء ومنع الناس دون معرفة حجم ما ينتج وما ينهب.!!
*رئيس مركز مداري للدراسات والأبحاث الإستراتيجية.
12 أبريل 2024.