كل الظروف مواتية لا بد وأن تسقط المليشيا
لفهم جماعة الحوثي “الجارودية”، أو لاستيعاب سلوكيتها وتصرفاتها، لا بد من التوقف عند تاريخها الحقيقي الذي بدأ مع الإمام يحيى بن الحسين الرسي والحمزي الرسي وغيره من الأئمة؛ جميعهم كانوا دخلاء على المجتمع اليمني، وهم البداية المظلمة لتاريخ عريض من الدم والقتل والسيطرة المطلقة وفرض الاتاوات ونشر الخرافات وتزييف الدين والشعائر، ورسم أهداف مدمرة للمجتمع عكست الصراعات على السلطة والأرض، ومحاولة تأليه أنفسهم وجعلهم مرجعيات دينية وسلطوية بالقوة، أثروا في عقول العامة حتى صاروا مزارات وهم أحياء ومزارات وهم أموات رغم الجرائم التي ارتكبوها.
هذا تاريخ هذه الجماعات السلالية منذ تلك الحقبة حتى اليوم، بحيث أن كل الذي يجري على أرض الواقع في ظل التكنلوجيا والتقدم العلمي هو صورة مكبرة لجرائم هذه السلالة الخبيثة، التي تحاول مع كل سيطرة عبر تاريخها تغيير نهج الناس ووعيهم وطريقة حياتهم وتحويلها إلى جحيم، تنغص العيش وتعتقل الخارج عنها، وتقتل المتنور، وتلغي دعوات التحرر ولا تثق بأي فكر إلا فكرها، تستعدي العلوم وتهاجم المعارف، وتجرف التاريخ وتعتبر الآثار كفر وبقايا جاهلية، لا تقبل التنوع والاختلاف، جاهزة للحرب حتى قيامة الساعة.
اليوم تتهيأ الظروف كما لم تتهيأ من قبل، كُشفت المشاريع المتخلفة وبرزت الإمامة في أبشع صورها، ورأى المواطن بأم عينيه ولمس بيديه وأحاسيسه الأحداث وما يجري من تجريف وتعطيل للتنمية ونشر المجاعة والجهل واغلاق أبواب التعليم والمعرفة، واهمال الصحة، وفتح أبواب النهب والسلب والتهجير وتفجير المنازل على رأس ساكنيها وبث روح الطائفية والتطرف الديني والعقائدي، وقطع الخدمات الضرورية والأساسيات من رواتب وكهرباء ومياه وزراعة ملايين الألغام، وتفخيخ النشء والشباب بالأفكار الهدامة، وزعزعة النسيج الاجتماعي، ونقل النموذج الشيعي بكل ركائزه الخائبة، وأدواته الخرافية، وتراثه البائس إلى المجتمعات العربية بما فيه اليمن.
الأمر جد خطير ويحتاج لثورة تقتلع كل هذه القشور، نحن اليوم مسؤولين عن المستقبل الذي سيعيشه أبناؤنا مسؤولية كاملة، أوليا أمور ومواطنين ورجال دولة عسكريين وسياسيين ومثقفين وأدباء وإعلاميين ووجها وأعيان ومشايخ ورجال أعمال ومشايخ دين، نساء ورجال، يجب ألا نستهين بهذا الواقع الذي يتشكل بصورة مخيفة ومزرية ونحن نتفرج، هذا عار وعيب علينا، اليمنيين تذوقوا معنى الحرية والكرامة وعاشوا في فترات طويلة من تاريخ اليمن رافعين رؤوسهم رغم كل المنغصات والمشاريع الطائفية والرجعية، أقاموا أعظم ثورة في تاريخهم ثورة 26 سبتمبر 1962م ضد أسوا نظام عرفته البلاد وعرفه العالم، لذا يجب أن تكون هذه الثورة دافع ورافعة عظيمة تتجلى فيها الروح الطامحة للتحرر من ربقة المستعمر الداخلي الذي هو أسوا من أي مستعمر.
أجزم أن كل الظروف مهيأة فقط نحتاج لإرادة ورفع يد المجتمع الدولي بكل أدواته، وجعل القنوات السياسية والديبلوماسية مجرد هامش في ظل مليشيا لا تعترف إلا بلغة القوة والحق لن يأتي على شكل هبة ما لم تكن هناك قوة فاعلة، والأجيال القادمة سوف تحاسبنا على ما فرطنا فيه، فالحوثية ماضية في مشروع ظلامي لا يحتاج لكشف أو توضيح فيكفي الاحصائيات والتقارير ومشاهد الدم والقتل والتمدير والجوع والأوبئة والنهب لمعرفة الخلاصة والخاتمة التي لا يجب أن نكون عليها وأجيال من بعدنا.