منبر حر لكل اليمنيين

من يصنع الموت لليمنيين هو من يخرب السلام

13

استمرار الحرب والتدمير في اليمن والتدهور في مجالات عدة منها الاقتصادي والسياسي، في مناطق سيطرة قوى الصراع الأيديولوجي، إلى جانب الأجندة الخارجية التي تغذي هذا الصراع في اليمن والتي تستهدف اليمنيين بكل فئاتهم، كما أن اليمن مخطط لها الدخول في عمق هذا الصراع وفق مشاريع عدة تستهدفه ارضاً وأنساناً، كما أن عمق هذا المخطط هو في توسيع الحروب لاستهداف كل العرب، والدول العربية ضمن استراتيجية تعميق الأزمات.

اليمن لديها موقع جيوستراتيجي هام، وما يميز اليمن أكثر هو أن لديها مقدرات بشرية، وتعتبر مخزوناً ورافداً هاماً للمحيط العربي المجاور لليمن، فواقع هذا الصراع الذي يحيط بالمنطقة والذي استهدف العديد من الدول وما خلفه ذلك من نزاع وفوضى مستمرة، استنزفت المنطقة وخلقت تدخلات عدة ذات طابع ديني ومحاولة السيطرة على واقع تلك الدول سواء بموقعها أو ثرواتها.

أسباب استمرار الحرب بين القوى المتحاربة في اليمن، تعود إلي من يدير هذا الصراع من الخارج حيث أن التأثير الخارجي هو الطاغي، وهذا مكن كل قوى الصراع من السيطرة والاستحواذ على الموارد الاقتصادية والمؤسسات، وحصلت هذه القوى أيضا على الدعم الهائل حول إذكاء جذوة هذا الصراع، ليكون له أثاره وخطورته وقد يستمر لعقود قادمة.

ضحية هذا الصراع هم اليمنيين، كما أن اليمن تأثرت وأصبح هناك واقعاً ممزقاً اجتماعياً وسياسياً ودينياً، والأخطر أن هناك أطراف اتخذت من الحرب فرصة للتنكيل باليمنيين وهدم بيوتهم عليهم وهم فيها احياء، وهذا يعطي انطباع عن تأثير الحرب في تعزيز محاولة اطراف الحرب، كسر ارادة اليمنيين وتخويفهم وافقارهم في العديد من المستويات.

ومع ما يحدث من وحشية الحرب وغلاء المعيشة والأزمة الانسانية التي يمر بها اليمن، والتي لم يسبق لها مثيل في تاريخ الحروب والصراعات، كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن السلام وحول أن هناك خارطة طريق للسلام قد تنزل من السماء في أي لحظة!!، وهذا شيء يتطلع له اليمنيون بشغف، وهم الذين دفعوا قيمة باهظة لصراع لا ناقة لهم فيه ولا جمل مما جعلهم يعانون مرارات الحرب في مستويات عدة، حيث أن أخطر ما تصنعه الحرب هو تشكيل واقع قريب من رغبة المليشيات واحتكارها لواقع القرار والسياسيات.

خلال الأسبوعين الأخيرة، ظهرت مسرحية هزلية من طرفي الصراع وهم يتسابقون بتلك التصريحات الإعلامية الفارغة و يتشدقون كذباً من خلال عزمهم دعوات لفتح الطرقات بين المدن اليمنية في الطرق بين مأرب وصنعاء وطرق محافظة تعز والضالع وغيرها.

لا يوجد ضمانات فعالة في السير وراء هذه القوى ولا أحد يعرف إن كانت جادة في صناعة السلام، فهم من قتل وشرد اليمنيين ودمر منازلهم ومدنهم، وضرب اقتصادهم في مقتل وينهب موارد ثرواتهم النفطية ويهربها للخارج وهؤلاء هم من يرفضون دفع رواتب الموظفين رغم استطاعتهم لذلك ويصادرون أبسط حقوق اليمنيين، هذه القوى المتصارعة بكافة مشاريعها ومسمياتها مستفيدة من إغلاق الطرقات، لأن طرق الموت البديلة التي يدفع ثمنها المواطن اليمني هم مستفيدون بدرجة مباشرة منها، فهناك شيء اسمه “اقتصاد الحرب” من الجبايات والتحسين والضرائب والجمارك، فكلا الطرفين يجنون الأرباح والجبايات من المسافرين عبر تلك الطرق، فهذه القوى تم صناعتها للحرب والفساد والعبث والقتل، والسلام ليس في توجهاتها، لأنها لا تعيش إلا في هذا الوحل، لذلك دأبت على العيش والتكاثر به.

صناعة سلام حقيقي في اليمن يحتاج له كل اليمنيين اليوم والعالم، لأن استقرار اليمن ووحدتها لا يهم اليمنيين والجوار العربي فقط، بل العالم جميعاً والاقتصاد العالمي، فعلى اليمنيين أن يثوروا في كل مناطق سيطرة الصراع واسقاط أطراف الصراع كاملة وان يحكموا مدنهم، ويحافظوا على مؤسسات وطنهم الاقتصادية بأنفسهم، وأن يديروا ويرشدوا تلك الموارد المالية في ما يخدم المواطن اليمني وعزته وكرامته، كما أن الأمم المتحدة ومندوبها في اليمن والرباعية الدولية والمسؤولة عن الملف اليمني هي مطالبة بالوقوف من جديد، حيث يجب عليها  اعادة النظر وبمسؤولية اخلاقية وقانونية في تقيمها لهذه القوى، التي لم تنتهج سوى العنف سواء في الحرب أو السلام، وأن تبحث عن طرف ثالث يقضي على هذه القوى العابثة باليمن وبطرق التجارة العالمية، وحتى يعود اليمن وطن مستقر وآمن لليمنيين وللعالم.

اليمن تحتاج لسلام مختلف وجدي يعيد فرض خيارات فعالة في عزل اطراف الحرب الحاليين، وأبعادهم عن التحكم بالموارد المالية والذين مارسوا نوع من اضطهاد اليمنيين لتحقيق مشاريعهم السياسية، وهناك حاجة ليكون هناك دور شعبي في التخلي عن مشاريع الاحزاب والنخب التي تنازلت عن مبادئها وقيمها، ومشاريع الخارج واعادة بناء مشروع وطني لتعزيز الحقوق، وتحقيق العدالة لكل اليمنيين بعيدًا عن محاولة اختزالهم في مشاريع الفوضى والافقار التي انتعشت بعد اسقاط الدولة ما بعد ما يسمى بالربيع العربي.

*رئيس مركز مداري للدراسات والأبحاث الإستراتيجية.
21 مارس 2024.

تعليقات