منبر حر لكل اليمنيين

لماذا يتحول المعارضون للشرعية إلى مناصرين للحوثيين ؟

39

في الحقيقة لا أحد يجيد أفضل من اليمنيين عملية نقض الذات، يعود ذلك إلى الأنانية الاستهلاكية وانعدام المسؤولية العامة التي يعيشها الفرد والتي تصف واقعه المتعب والخائب الذي يدمر ذاته، لننظر إلى خارطة الوجوه التي كانت في صف الشرعية ثم قفزت إلى مركب الحوثيين ولا يتوقف الأمر عند حرف البوصلة فحسب، بل يتعداه إلى أن تصبح جماعة الحوثي هي النموذج التي يدعون الآخرين للاحتذاء به، صحيح أن الشرعية سيئة، لكن ذلك لا يعني البحث عن حلول لدى جماعة تدعي الحق الإلهي وكل ممارساتها مصادرة لحقوق الشعب اليمني .

هؤلاء يأخذون اليمن إلى غير موقعه الطبيعي، الذي يناقض جوهر وجوده ومفهومه الأصيل، لذلك أصبح هؤلاء في جانب مناقض تماما للهوية اليمنية وفي غير فضائها، فهم يرون البلد كل يوم ينزلق نحو المجهول، سواء اردنا تسمية ذلك جحيما أو ما شابه ذلك، بل إنه كل يوم يذهب نحو مزيد من التدهور الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والمعيشي .

وبدلا من أن يفر هؤلاء باتجاه تشكيل كيان ثالث، كيان وطني إذا بهم يذهبون باتجاه مشروع الحوثي، لأنهم ببساطة لا يحلمون بدولة يكون السلاح بيدها وبيد المؤسسات الشرعية فقط، مثل كل الدول الحضارية بحيث تكون الدولة هي المسؤولة الوحيدة عن القرارين السياديين “السلم والحرب “، بل يبحثون عن كيف يأكلون ويشربون فقط، وهذا لا يعني أننا ندعوهم إلى أن يقتاتوا الجوع، بل ندعوهم إلى امتلاك مشروع يعبر عن إرادة الشعب اليمني .

لا ينظر هؤلاء إلى أبعد من الدعم الشهري الذي يتقاضوه وهو دعم خارجي مشروط، وربما نعذرهم بسبب عدم وجود رأس المال الوطني الداعم لمن هم على طريق استرجاع الدولة، فهؤلاء ليسوا سوى مجرد ضحايا استسلموا لوهم أن مصير اليمن تتقرر معالمه خارج حدود وطنهم، لذلك أعفوا أنفسهم من خوض معركة التغيير ولم يحاولوا البحث عن فرص جديدة .

كما قلت، إن غياب رأس المال الوطني الداعم للتغيير، جعل الكثيرين يبحثون عن حلول خارج الحدود اليمنية، يرضون الخارج ويتجاهلون رأي الشعب وقدرته على إحداث تغيير، وهم بذلك يحاولون غض الطرف عن مشروع الحوثي التدميري وخطره الوجودي الذي يظهر من خلال تجريف الجامعات وتفريغها من أساتذتها وتفريغ المستشفيات وتهجير كوادرها وتجريف التعليم واستبداله بملازم الجهل والظلام ونشوة الموت بدلا من الحياة.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يتجاوزه إلى تشكل جيل جديد من الشباب يعيش في مجتمع غير متصالح ممزق الهوية والولاءات المتنافسة، لذلك حان الوقت ليستيقظ أصحاب المشروع الوطني ويتطلعون إلى حقيقة وضعهم إذا أرادوا أن يستردوا دولتهم المختطفة، يجب التحول عن الوهم والاستسلام للواقع والانتقال إلى حس المسؤولية وحماية السيادة الوطنية والتدخلات العابرة للحدود الوطنية، وهنا تتساوى الشرعية وجماعة الحوثي في التفريط بهذه السيادة، نحن بحاجة إلى صمود سياسي من الداخل في مواجهة الخارج، هذا الصمود السياسي راس ماله الإرادة الشعبية وليس المال الخارجي .

تعليقات