هل شنت السعودية الحرب على اليمن لتنتزع من الحوثيين كلمة الأشقاء؟
احتفى الإعلام السعودي بوصف الناطق الرسمي لجماعة الحوثي للمسؤولين السعوديين بأنهم أشقاء ، ووصفوه بكبير المفاوضين الحوثيين ، لكي يعطي لهذا الوصف حجما كبيرا ، في حين يطلق عليه الإعلام الحوثي “رئيس الوفد ” ، لأنه لا يوجد في ثقافة هذه الجماعة من هو أكبر من عبد الملك الحوثي .
كانت السعودية قد أطلقت على المفاوضات التي تجري بينها وبين الحوثيين “خارطة طريق ” ومن يتفحص محتوى التفاوض يجد خارطة بلا طريق ، لأنهم يتفاوضون على مصالح تخصهم ، ليس من بينها المشاركة في الحكم والانتخابات والتصويت على الدستور والعملية السياسية ومخرجات الحوار الوطني .
نحن نعلم أن السعودية ادعت أن ذهابها إلى اليمن لاجتثاث الحوثيين ومنع إيران من السيطرة على اليمن ، وخلال هذه الفترة من الحرب والتدمير الممنهج للدولة ومقوماتها لم تقترب من الحوثيين ولم تستهدف أيا من قياداتهم ، في الوقت الذي استهدفت كبار قيادات الدولة السياسية والعسكرية في قاعة عزاء ، وفي مقدمات الجبهات .
خلال فترة الحرب وحتى هذه اللحظة لم تسلم السعودية بأن اليمنيين فقط هم من يملكون الحق والمسؤولية في قيادة بلدهم وأن التدخل في القرار يهيئ الظروف للحوثي وللفوضى ، فحرصت على جعل الملف اليمني بيد سفيرها آل جابر على غرار ما فعلته أمريكا في العراق حينما نصبت بريمر حاكما باسمها مع الفارق أن السعودية لم تعلن ذلك رسميا .
كانت السعودية ترفض مفردة السلام في اليمن وكذلك الحوثيين ، ومن كان يردد أو يطالب بالسلام ينكل به ويخون من قبل السعودية والحوثيين على حد سواء ، وهاهم اليوم يمجدون السلام ويضعون خارطة طريق لا أحد يعرف عنها شيئا ، معتقدين أن جرائمهم الحربية والإنسانية سيغسلونها فيما بينهم وأن الشعب اليمني سيتنازل عن الدماء التي أريقت والتنمية التي أجهضت والبنية التحتية التي دمرت .
خارطة الطريق التي يتحدثون عنها تكشف أركان الحماقة لحرب غير واضحة القضية ، ومثلما فشلت السعودية في الحرب ستفشل في السلام ، لقد صنعت السعودية شرعية لتدخل بها الحرب واليوم تريد الخروج من الحرب بدونها ، فهاهي تصنع مجلسا تديره مليشيات متعددة مختلفة حول القضية الوطنية ذاتها .
في المقابل ، قد يكون الحوثيون نجحوا في الوصول إلى نوع من الانسجام ، إلا أنهم لا يملكون أدنى رؤية للحكم ، فمطالب الشعب الرئيسية هي مطالب اقتصادية وأمنية وهي متطلبات أساسية لإعادة بناء الدولة ، والحوثيون يأخذون ولا يعطون ، إضافة إلى احتمائهم بالماضي لكي لا يقدموا استحقاقات المستقبل .
لست بحاجة إلى القول ، بأن رفع السعودية يدها عن اليمن يعد خطوة أولى نحو السلام والاستقرار في اليمن ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه : هل أدركت أنها خاضت حربا لا حاجة إليها ولا مبرر لها ، وأنها لم تكن مرتبطة بأمنها أو حتى بمصالحها الحيوية ، بل كانت مغامرة بائسة في بلد كان بحاجة إلى التنمية وليس إلى الحرب ، ومن ثم ستسعى إلى تعويض اليمنيين عن كل ما خسروه في هذه الحرب العبثية التي بدأت بالعمل على القضاء على الحوثيين لتنتهي بتسليم السلطة والحكم لهم ؟!.