ألكسي نافالني… الرجل الذي اختار طوعاً مصيره المأسوي
قال قبل رحيله إنه يكره بجنون الذين باعوا وأهدروا فرصة روسيا التاريخية وفضل السجن في بلاده على العيش لاجئاً
الشموع والزهور بجوار صورة زعيم المعارضة الروسية الراحل أليكسي نافالني (أ ف ب)
حين سألت ألكسي نافالني يوم جمعتنا الصدفة وحدها على الطائرة نفسها التي عاد على متنها من ألمانيا عام 2021، عن سبب عودته من بلاد الراين للوطن وهو يعرف مصيره سلفاً، قطب حاجبيه وابتسم قائلاً، “جذوري هنا وقلبي ينبض بحب هذه البلاد الأم، وليس من البطولة في مكان أن تقضي عمرك وزهرة شبابك هارباً ومنفياً طواعية من أرض تحبها وتعشق كل ما فيها. عدت وأنا أعرف ما ينتظرني، لكنني سيد نفسي وقراري، والأفضل أن أسجن في بلادي من أن أعيش لاجئاً في وطن غريب”.
لحظتها فاحت من عينيه الحزينتين الغائرتين روائح أحلام مقموعة وآمال منكسرة ودهشة منفلتة من عقالها، وتيقنت أن الرجل اختار طوعاً مصيره المأسوي، ومستقبله الغامض، وموته المؤجل في غياهب سيبيريا وصقيعها الذي يفتك بقلوب محبيها وأعمار المنفيين إليها.
عندها بدا لي هذا المعارض مؤمناً حتى النخاع بيوتوبيا فلسفية أكثر منه كسياسي براغماتي واقعي، فرددت في قرارة نفسي قولاً محرفاً “رحم الله امرأ عرف حلمه فحلق معه عالياً”، وتأكدت أنه لن يترك لجسده الهزيل رحمة، ولن يتخلى أبداً عن قضيته، لقد فهم النضال الذي مارسه بصدره العاري كمسألة مبدأ إيماني، كواجب، تصورته أنه مخلوق لمثل هذه المهمة.
الآن. لقد قام بواجبه حتى النهاية، بإعلان مكتب مصلحة السجون الفيدرالية الروسية في منطقة يامالو-نينيتس المتمتعة بالحكم الذاتي عن وفاته، ووصفها لهذا الرحيل المفاجئ في بيان على النحو التالي “شعر المدان نافالني أ أ بتوعك بعد المشي، وفقد وعيه على الفور تقريباً”.
وأضاف البيان “وصل العاملون الطبيون من المؤسسة إلى مكان الحادثة وأجروا إجراءات الإنعاش اللازمة، لكنهم لم يتمكنوا من إنقاذ نافالني”. وأوضحت دائرة السجون الفيدرالية أن “أطباء الطوارئ أكدوا وفاة المدان يوم الـ16 من فبراير (شباط)، وأنه يتم الآن تحديد سبب الوفاة”.
وذكرت الخدمة الصحافية لدائرة السجون الفيدرالية في روسيا أنه تم إرسال لجنة إلى مكان الطوارئ ضمت رؤساء وموظفي الوحدات التشغيلية والطبية بالمكتب المركزي للإدارة.
وأفادت الإدارة الإقليمية للجنة التحقيق أنه “تم تنظيم تحقيق إجرائي في وفاة نافالني وفقاً للإجراءات التي ينص عليها القانون، ويتم تنفيذ مجموعة من الإجراءات التحقيقية والعملياتية بهدف تحديد جميع ملابسات الحادثة”.
بهذا الموت المفجع، تم تقديم إجابة نهائية على السؤال حول ما إذا كان ينبغي على نافالني العودة من ألمانيا لروسيا حتى لا يظل منفياً؟ بعد أن قاوم موته المحقق إثر تسميمه في سيبيريا أيضاً في ظروف غامضة وضبابية لم يكشف عنها أبداً حتى اليوم.
يقول ناشطون مروا قضوا عقوبتهم في السجن الذي فارق فيه الحياة نافاني الحياة، إن الزنازين في هذا السجن الرهيب تتميز بظروف معيشية صعبة للغاية، غالباً ما يتجمد الشخص هناك، وفي أغلب الأحيان يتضور جوعاً، في الواقع، ولهذا السبب وضعت متطلبات صارمة بحيث لا يمكن لأي شخص مهما كان سليماً أن يقضي أكثر من عدد معين من الأشهر هناك، كما أنه لم تكن هناك قيود على عدد النزلاء في زنزانة العقاب. أي إن هذا العدد يمكن أن يرتفع فجأة إلى أكثر من قدرتها الاستيعابية، وينخفض فجأة كذلك، وفور وصول السجين يتم وضع الشخص في مفرزة، ويتم استدعاؤه على الفور إلى لجنة جديدة، ويقولون إن لديه انتهاكاً جديداً، وفي اليوم نفسه تتم إعادته لزنزانة العقاب.
في الـ14 من فبراير، أفادت السكرتير الصحافي للسياسي كيرا يارميش، بأن نافالني أرسل إلى زنزانة العقاب للمرة الـ27 أثناء سجنه.
يعد أليكسي نافالني من ألمع المعارضين لبوتين وأكثرهم ثباتاً وعناداً وشعبية في البلاد، لقد تعرض للاضطهاد والتسميم والسجن وأرسل أخيراً إلى سجن بعيد لا يطاق، إذ استمروا في محاولة تحطيم معنوياته وقهره نفسياً وجسدياً، لكنه وجد الشجاعة ليكتب رسائل عيد الحب لزوجته، ورسائل رقيقة لأولاده، ورسائل مضحكة لرفاقه، ويتجادل مع خصومه، لقد كان على قيد الحياة، مما أثار حفيظة جميع الموتى الأحياء. وفي نهاية المطاف كان نافالني الأمل الأخير لكثيرين.
محاكمة نافاني وملاحقته
أرسلت السلطات الروسية أليكسي نافالني إلى السجن في فبراير 2021، معلنة أنه مذنب بتهمة الاحتيال في قضية إيف روشيه، ثم حكم على السياسي بالسجن لمدة عامين وثمانية أشهر.
وفي مارس (آذار) 2022، دين نافالني أيضاً بتهمة الاحتيال، ثم إهانة القاضي، وحكم عليه بالسجن تسع سنوات في مستعمرة شديدة الحراسة (لمجموعة من الجرائم).
وفي أغسطس (آب) 2023، حكمت محكمة مدينة موسكو على أليكسي نافالني بالسجن 19 سنة في مستعمرة خاصة للنظام في قضية إنشاء “منظمة متطرفة”، ووفقاً للسلطات كان هذا المجتمع هو مؤسسة مكافحة الفساد التي أسسها.
قبل نقله إلى مستعمرة يامال، قضى السياسي عقوبة في مستعمرة إصلاحية في ميليخوفو بمنطقة فلاديمير (270 كيلومتراً شرق موسكو).
بعد إدانة نافالني بتهمة الاحتيال وازدراء المحكمة والحكم عليه بالسجن لمدة تسع سنوات في مستعمرة شديدة الحراسة في الـ18 من مارس (آذار) 2022، وجهت لجنة التحقيق الروسية في الـ31 من مايو (أيار) 2022، تهمة جديدة إلى نافالني – هذه المرة بتكوين منظمة متطرفة.
حكم على نافالني بالتهمة الأخيرة بما مجموعه بالاعتقال 19 سنة في سجن مشدد ذي “نظام خاص” في قضية “التطرف” الجديدة. ودين معه الموظف السابق في مقره دانييل خلودني، وحكم عليه بالسجن ثماني سنوات في مستعمرة النظام العام. وتم النظر في القضية خلف أبواب مغلقة.
متظاهرون أمام سفارة روسيا في براغ بعد إعلان وفاة أبرز منتقدي الكرملين (أ ف ب)
ورد نافالني على الحكم باقتباس من مسلسل “واير” التلفزيوني: “لقد كانوا في السجن لمدة يومين، الأول عندما تدخل فيه، والثاني عندما تخرج منه”. وأضاف المعارض أنه كان بحوزته قميص مكتوب عليه هذه الكلمات، إلا أنه تمت مصادرته لاعتباره متطرفاً.
إضافة إلى قضية التشهير بسبب تصريحات ضد المحارب القديم في الحرب الوطنية العظمى إجنات أرتيمينكو وقضية الاحتيال بالتبرعات، كانت الملاحقات والإجراءات جنائية أخرى ضد أليكسي نافالني بدأت فور سطوع نحمه كمعارض عنيد.
ففي مايو 2011، فتحت لجنة التحقيق قضية ضد نافالني بتهمة التسبب في أضرار للممتلكات من دون وجود علامات سرقة، ومن 2009 إلى 2010 أجبر نافالني، بصفته مستشار حاكم منطقة كيروف نيكيتا بيليخ، وفقاً للمحققين، المؤسسة الحكومية الوحدوية كيروفليس على الدخول في اتفاق غير مربح لتوريد الأخشاب مع شركة فياتكا للغابات، ثم قدرت الأضرار بنحو 1.3 مليون روبل.
في يوليو (تموز) 2012، أعادت لجنة التحقيق تصنيف التهمة على أنها اختلاس ممتلكات شخص آخر على نطاق واسع بشكل خاص. تم الاشتباه في قيام المعارض بتنظيم سرقة ممتلكات من مؤسسة الدولة “كيروفليس”. بعد أن دخل في مؤامرة مع مدير شركة “فياتكا فوريستي” بيتر أوفيتسيروف والمدير العام لشركة كيروفليس فياتشيسلاف أوباليف، قام بتنظيم بيع أكثر من 10 آلاف متر مكعب من الأخشاب بسعر مخفض، وبحسب المحققين فإن الأضرار تجاوزت 16 مليون روبل.
وبعد النظر في القضية، وجدت محكمة مقاطعة لينينسكي في كيروف أن نافالني وأوفيتسيروف مذنبان وحكمت عليهما بالسجن لمدة خمس وأربع سنوات على التوالي، ثم استبدلت المحكمة الحكم النافذ بالسجن مع وقف التنفيذ.
في ديسمبر (كانون الأول) 2012، تم فتح قضية جنائية ضد الأخوين أليكسي وأوليغ نافالني. كان يشتبه في قيامهما بسرقة 55 مليون روبل من شركة “أيف روشيه” الفرنسية وبحسب المحققين، فإن وكالة الاشتراكات الرئيسة “أل أل سي” التي أنشأها الأخوان من خلال شركة “ألورتاغ” القبرصية، ارتكبت سرقة الأموال من خلال اتفاق لشحن البضائع.
في الـ29 من أكتوبر (تشرين الأول) 2013، وجهت لجنة التحقيق الروسية اتهامات إلى أليكسي وأوليغ نافالني في هذه القضية. وبناء على طلب التحقيق، أوقفت محكمة باسماني في موسكو حسابات وممتلكات المتهمين.
وفي الـ30 من ديسمبر 2014، دين أليكسي وأوليغ نافالني. حكم على أوليغ نافالني بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف سنة في سجن عام، وعلى أليكسي نافالني بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف سنة مع وقف التنفيذ.
ونفى نافالني كل التهم التي وجهت إليه، واعترف به عديد من منظمات حقوق الإنسان كسجين سياسي.
وذكر المدعي العام أن نافالني لم يشارك في مكافحة الفساد، لكنه “أفقد السلطات صدقيتها وارتكب جرائم عن وعي، مدفوعاً بإحساسه بالتفرد”.
أقوال نافالني
بعد الحكم القاسي عليه بالسجن، أصدر السياسي الروسي المعارض نافالني بياناً بعنوان “خوفي وكرهي”. وهذه أول مشاركة له بعد أن حكمت عليه محكمة مدينة موسكو بالسجن 19 سنة في مستعمرة خاصة للنظام بتهمة “إنشاء منظمة متطرفة”.
وتحدث نافالني في بيانه عن الكراهية وأن “هذا هو الشيء الرئيس الذي يجب التغلب عليه في السجن”، وانتقد أيضاً أولئك الذين وصلوا إلى السلطة منذ أوائل التسعينيات ولم يفعلوا شيئاً لتنفيذ الإصلاحات الديمقراطية في روسيا. وأضاف “لذلك لا أستطيع أن أمنع نفسي، وأنا أكره بشدة أولئك الذين باعوا وشربوا وأهدروا الفرصة التاريخية التي كانت لبلادنا في أوائل التسعينيات”.
داعمون للمعارض الروسي نافالني: مكانه ليس معروفا
“أنا أكره يلتسين مع تانيا وفاليا” (بنات يلتسين)، وتشوبايس وبقية أفراد العائلة الفاسدة الذين وضعوا بوتين في السلطة. أنا أكره المحتالين الذين وصفناهم لسبب ما بالإصلاحيين. الآن أصبح من الواضح كالنهار أنه لا يوجد شيء سوى المؤامرات ومكائدهم الخاصة”. “لم يفعلوا ذلك. في أي بلد آخر أصبح هذا العدد الكبير من وزراء ’حكومة الإصلاح‘ من أصحاب الملايين والمليارات؟ أنا أكره واضعي الدستور الاستبدادي الأكثر غباء، الذي باعوه لنا نحن الأغبياء على أنه ديمقراطي، ثم منح الرئيس صلاحيات ملك غير متوج”.
كما ينتقد السياسي أولئك الذين لم ينفذوا الإصلاح القضائي، و”وسائل الإعلام المستقلة” والجمهور الديمقراطي لدعمهم الانتخابات “المزيفة” في عام 1996. “أنا أكره قيادة روسيا بأكملها التي في عام 1991 (بعد الانقلاب) وفي عام 1993 (بعد إطلاق النار على البرلمان) حصلوا على السلطة المطلقة، ولم يحاولوا حتى إجراء إصلاحات ديمقراطية واضحة.
ويشير نافالني إلى أنه “غداً سنضطر إلى التعامل مع أولئك الذين يعتقدون أنه في بعض الأماكن يجب إلغاء الانتخابات أو تزويرها”، وأن “رشوة الصحافيين أمر طبيعي”، و”من الأفضل إبقاء المحاكم في مأزق”. وقال إن الأشخاص الذين يحملون مثل هذه الأفكار “لن يكونوا بوتينيين أو شيوعيين على الإطلاق، فسيطلقون على أنفسهم مرة أخرى اسم الديمقراطيين والليبراليين”. ويرتبط خوفه من أن “معركة المبادئ قد تخسر مرة أخرى تحت شعارات “السياسة الواقعية”.
وأضاف أن “الحياة الحقيقية معقدة وصعبة ومليئة بالتسويات مع الأشخاص البغيضين، ولكن في الأقل لا ينبغي لنا نحن أنفسنا أن نصبح أشخاصاً بغيضين بشكل استباقي ونرحب بالفساد بمكائد ساخرة حتى قبل أن تتطلب الظروف تنازلات”.
وقال “فقط عندما تكون الغالبية الساحقة في البرلمان ستتألف المعارضة الروسية من أولئك الذين لا يقبلون بأية حال من الأحوال الانتخابات المزورة والمحاكمات غير السليمة والفساد، وعندها سنكون قادرين على إدارة الفرصة التي ستنشأ بالتأكيد مرة أخرى بشكل صحيح. حتى لا يقرأ أحد في عام 2055 كتاباً في زنزانة عقاب شارانسكي. أفكر: واو، كل شيء مثلي”.
واستطرد “للاستماع إليكم، أنتم الفائزون الرئيسون في هذه الحرب! ولم يخرجوا من الخنادق. إنهم يريدون التحدث معك عن الفساد، وعن الفقر، لكن ليس هناك ما يقولونه عن ذلك”.
وأشار إلى أنه “عندما يبدأ أشخاص محددون مثلي بطرح أسئلة حساسة للغاية، يقولون على الفور: دعونا نتحدث عن كيفية إهانتك لأحد المحاربين القدامى، لأنهم لا يريدون الإجابة عن أسئلة حساسة، لماذا؟ أنا لا أفهم، إذا أخذنا جميع دول التحالف المناهض لهتلر، وكل الدول التي خسرت الحرب أيضاً، فإن روسيا لديها أصغر معاشات تقاعدية للمحاربين القدامى، لقد كتبت مثل هذا القانون لزيادة المعاشات التقاعدية، لكن لن تتم ترقيتهم لأنهم في حاجة إلى بناء قصر، الطريقة الأكثر ملاءمة لسرقة المتقاعد، لقد تحولت حكومتنا إلى خنزير ضخم، يلتهم من حوض النفط، وعندما تقول لها: مرحباً، هذا للجميع! يردون: “ماذا؟ لن نسمح بذلك”.
وسرد نافالني أن “الشيء الأكثر إثارة للاشمئزاز في هذه الحكومة هو أنها تسرق هؤلاء الناس! من أين تأتي القصور؟ المال لا يأتي من أي مكان، بعضهم لم يكملوا تعليمهم، وبعضهم لم يتلقوا العلاج، وبعضهم لم يحصلوا على كرسي متحرك”، ويسخر قائلاً “أنت تسرق هذا المحارب القديم، ثم تسحبه وتقول إنك تحميه!”.
وفي نهاية محاكماته الكثيرة قال نافالني بمرارة: “من المضحك للغاية أن تكون لي الكلمة الأخيرة مرة أخرى”، ويذكر أنه ربما يكون الوحيد الذي لديه كلمتان أخيرتان في يوم واحد، وهذا هو الشيء الوحيد الذي يدل على تفرده الذي نعته القاضي به.
“هل أنتم جميعاً متعبون، ربما؟ يسأل نافالني وهو ينظر إلى الصحافيين: “الآن الكلمة الأخيرة، وانتظروا مرة أخرى لساعات عدة”.
رد فعل الكرملين
أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أنه على علم بما حدث في شأن وفاة نافالني، وقال “هناك مجموعة معينة من القواعد التي تسترشد بها مصلحة السجون الآن”.
وبحسب المتحدث باسم الكرملين، فقد تم إبلاغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوفاة السياسي المعارض.
وكان بيسكوف أعلن رداً على سؤال حول كيف سيؤثر قرار المحكمة، الذي رفض استئناف أليكسي نافالني لاستبدال الحكم مع وقف التنفيذ بآخر حقيقي، على الحياة السياسية في روسيا: “قلنا من قبل أن الحياة السياسية في روسيا متعددة الأوجه. لدينا ما يكفي من التعددية في الساحة السياسية، والكرملين يعارضه كثيرون. بعضهم يفعل ذلك ضمن القانون، وبعضهم الآخر خارج حدود الحشمة. هناك من يفعل هذا بأقدامه على الأراضي الروسية. بعض الناس يفعلون ذلك بقدم أو قدمين على أرض أجنبية. الأمر مختلف بالنسبة إلى الجميع. الكرملين لديه عديد من المعارضين. هذه عملية سياسية طبيعية. لقد تطورت الحياة السياسية في روسيا وستستمر في التطور”.
ردود الفعل في العالم
وبعد قمة جنيف 2021، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه حذر بوتين من العواقب “المدمرة” إذا مات نافالني في السجن.
وأصبح رئيس لاتفيا إدغار رينكيفيتش أول زعيم أجنبي يعلق على التقارير المتعلقة بوفاة أليكسي نافالني “مهما كان رأيك في أليكسي نافالني كسياسي، فقد قتل للتو بوحشية على يد الكرملين، هذه حقيقة، وهذا ما تحتاج إليه لمعرفة الطبيعة الحقيقية للنظام الروسي الحالي، تعازي للعائلة والأصدقاء”.
وأعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، الموجود في ميونيخ لحضور المؤتمر الأمني السنوي، عن أسفه العميق وفزعه إزاء أنباء وفاة أليكسي نافالني.
وشدد ستولتنبرغ على أنه” يجب إثبات جميع الحقائق المحيطة بوفاة نافالني، ويجب على روسيا الإجابة عن أسئلة جدية”.
وأثار خبر وفاة أليكسي نافالني في مستعمرة يامال ردود فعل واسعة في أوروبا. فور ظهور الرسائل الأولى تقريباً، ظهرت تصريحات من كبار السياسيين في الاتحاد الأوروبي وقادة الدول الفردية والمعارضين الروس، معربة عن الأسف العميق لوفاة السياسي. وفي الوقت نفسه هناك رأي بالإجماع بأن السلطات الروسية هي المسؤولة عن وفاة نافالني.
أليكسي نافالني أثناء جلسة استماع في محكمة بموسكو، 26 سبتمبر 2023 (أ ف ب)
وقال رئيس ليتوانيا جيتاناس نوسيدا “أليكسي نافالني لم يمت في السجن، بل قتل بوحشية الكرملين وهدفه إسكات المعارضة بأي ثمن. ويجب على النظام الروسي أن يواجه العواقب، يجب أن يتحمل المسؤولية”.
أما رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل فقال “ناضل أليكسي نافالني من أجل قيم الحرية والديمقراطية. ومن أجل مثله العليا، قدم التضحية القصوى. ويحمل الاتحاد الأوروبي النظام الروسي وحده المسؤولية عن هذا الموت المأسوي. أقدم تعازي الحارة لعائلته. وإلى أولئك الذين يناضلون من أجل الديمقراطية في جميع أنحاء العالم في أحلك الظروف. المقاتلون يموتون، لكن النضال من أجل الحرية لا ينتهي أبداً”.
واعتبر رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك “هذه أخبار فظيعة، بصفته المدافع الأكثر حماسة عن الديمقراطية الروسية أظهر أليكسي نافالني شجاعة لا تصدق طوال حياته”، وأضاف “أفكاري مع زوجته وشعب روسيا، الذي تعتبر هذه مأساة كبيرة بالنسبة إليه”.
المستشار الألماني أولاف شولتز قال “لا يوجد تأكيد نهائي بعد، لكننا ننطلق من حقيقة أنه من المحتمل جداً أن يكون نافالني توفي في سجن روسي. وهذا محبط للغاية بالنسبة إلينا. التقيته في برلين عندما كان يعالج في ألمانيا من آثار التسمم، وتحدثت معه عن الشجاعة التي تطلبها قراره بالعودة لروسيا. والآن دفع ثمن ذلك بحياته. نحن نعرف جيداً أي نوع من النظام هو هذا. ومن ينتقد ويدافع عن الديمقراطية عليه أن يخاف على حياته وسلامته، لذلك نحن مصدومون. أفكارنا مع زوجته وأولاده وأصدقائه وأتباعه، هذا مجرد فظيع. وهذه علامة على مدى تغير روسيا. لسوء الحظ، بدأت هذه العملية منذ وقت طويل للغاية، وابتعدت منذ فترة طويلة عن الديمقراطية، ولم تكن ديمقراطية لفترة طويلة”.
وقال رئيس أوكرانيا فلاديمير زيلينسكي “لقد أصبح معروفاً للتو أن أليكسي نافالني توفي في سجن روسي. ويبدو أنه قتل على يد بوتين، مثل آلاف آخرين تعرضوا للتعذيب بسبب هذا المخلوق بعينه. بوتين لا يهتم بمن يموت، طالما أنه محتفظ بمنصبه”.
زعيمة المعارضة البيلاروسية سفيتلانا تيخانوفسكايا قالت “اليوم ظهرت أخبار على الإنترنت عن وفاة أليكسي نافالني في مستعمرة روسية. وهذا الموت دليل آخر على أن حياة الإنسان لا قيمة لها بالنسبة إلى الديكتاتوريين. نظام بوتين، مثل نظام لوكاشينكو، في محاولة للحفاظ على السلطة، يتخلص من المعارضين بأية وسيلة. تم إرسال أليكسي، مثل عديد من السجناء السياسيين البيلاروسيين، مراراً وتكراراً إلى زنزانة العقاب. وتم ذلك للمرة الـ27 في فبراير. لقد رأينا جميعاً في الصورة كيف أثرت ظروف الاحتجاز هذه في حالته. ولهذا السبب ليس لدي شك في أن نافالني قتل عمداً على يد نظام بوتين. أفهم جيداً كيف يؤلم هذا الخبر قلوب كل من يقبع أحباؤهم في السجن الآن. تلقت يوليا نافالنايا وأطفالها وأليكسي اليوم أفظع الأخبار التي نخشى أن نتلقاها عن آلاف من أحبائنا. أتقدم بخالص التعازي لعائلة وأقارب وزملاء أليكسي نافالني. قلبي معك اليوم”.
جميع الحقوق الحصرية باللغة العربية محفوظة لشركة Media Arabia 2023 ©