الناشط المخلافي.. يقدم مقاربة حول التصدعات في الأزمة اليمنية

إن لم تستطع إسقاط الحوثي تعاون معه، يبدو أن هذه هي النتيجة التي وصل إليها التحالف العربي بعد تسع سنوات حرب في اليمن، في الوقت الذي باتت فيه أيام الحوثي معدودة قبل أربع سنوات، يتزايد اليوم عدد الأطراف المحلية والإقليمية والدولية الذين يقترحون اعتباره جزء من الحل! كما وضحت تحركات الحوثي الأخيرة في دول الجوار وتصريحاتهم فيما يخص عن قرب التوصل لاتفاق أزال بعض العقبات كما صرح المتحدث باسم ميليشيا الحوثي فليته.

والحقيقة أنه كلما زاد تجاهل انتهاكات الحوثي الهمجية لحقوق الإنسان، كلما بدا أنه يتخذ مكانة الشريك الموثوق به لدى بعض الأطراف الإقليمية، يعود هذا بشكل أساسي لجرائم بعض الفصائل الأخرى والانتهاكات المرتكبة من قبلها بحق اليمنيين، حيث ينظر للحوثي بدون تردد على أنه أهون المجرمين بالرغم من عدم التناسب بين حجم انتهاكات ميليشيا الحوثي ضد المدنيين، سواء من حيث النسبة أو الوحشية، وبين تلك الجرائم المرتكبة من قبل تلك الفصائل التي تُعد شريكاً أساسياً في كل ما يقوم به الحوثي من جرائم إنسانية مرعبة، وعليه فإن الإيحاء بأن الوضع في اليمن يمكن تهدئته عن طريق التعاون مع الحوثي ساذج بقدر سوء التخطيط المتعلق بالتنفيذ الفعلي، وبطريقة معالجة جذور المشكلة المتأصلة بوجود الحوثي دخيلاً على المجتمع اليمني.

الحرب ضد ميليشيا الحوثي تتطلب ثلاثة أمور، الوسائل، الإرادة السياسية، والإستراتيجية، وكل هذه الأمور لم تغب بقدر ما كانت غائبة وساهمت بشكل أو بآخر في بقاء الحوثي طرفاً أساسياً في المباحثات التي كان يفترض أن تكون خالية منه.

من المفترض أن سلطة القمع الحوثية خاضعة للعقوبات الدولية، إلا أنها تستلم كميات هائلة وكبيرة من المساعدات المالية والعسكرية من إيران بتواطؤ دولة جارة وبعلم الجميع، إذاً ماهي احتمالية تماسك حلفاء الرياض على هذا الدعم في حال تم إعادة تأهيل الحوثي من قبل المجتمع الدولي؟! خاصة في ظل الأداء الضعيف للشرعية وتزايد أزماتها ومشاكلها التي لا حصر لها! سيكون من مصلحة التحالف العربي تقليص مسؤوليته الناجمة عن انخراطه في اليمن، والتفرغ لمشاريعه ورؤية ٢٠٣٠، وتهيئة الظروف والأجواء لإنجاحها، وهذا يتطلب استقرار أمني وسياسي في المنطقة وغلق ملف الحرب في اليمن بأي ثمن، وأياً كان البديل

يستمد الحوثي قوته في ساحة المعركة من الأداء الديبلوماسي الضعيف الذي تخلت عنه الشرعية، بل تخلت الشرعية أيضاً عن احتكارها لاستخدام القوة لصالح الميليشيا الحوثية، دون إدراكها بأن مثل هذا التخلي قد يسبب الكثير من الضرر وستواجه صعوبة في تطبيق خطط المعارك الاستراتيجية، وهذا ما حدث وها هو الحوثي يحصد ثمار ما تخلت عنه الشرعية وما غفلت عنه، ويقدم نفسه طرفاً في الحل لا المشكلة كلها.

لم يكن بمقدور الحوثي الدفاع عن جزء كبير من مناطق سيطرته في الشمال لولا أن حدث تخاذل من قبل جنرالات وقادة ألوية وضباط، حيث كانت الميليشيا آنذاك سيئة التجهيز وغير قادرة على تغطية كل الجبهات، ليأتي اليوم الذي يُعلن فيه الحوثي شريكاً في العملية السياسية الذي يجري الترتيب لها، ولكن إلى أي مدى يمكن للمجتمع الدولي والإقليم المضي في تمكين الحوثي ليوافق على ما طرحوه له؟ الأكثر صعوبة هو موضوع الإرادة السياسية، هدف الحوثي هو الاعتراف به، بما يستطيع أن يضمن قوته على الأرض، لكن الذي يستعد لفعله وتحقيقه مازال معلقاً في الهواء، وفي حال تباينت المصالح يُدرك اليمنيين أن الحوثي المعروف بتمييز نفسه عنهم، لن يجعل المصلحة الوطنية العليا من أولوياته، لأنه مدين كثيراً لإيران وسيكون عليه كلفة دين باهظ، عليه سداده أولاً.